قد يحدث العقم بعد إنجاب الطفل الأول والمرأة ليست السبب الوحيد
استشاري أمراض النساء والتوليد والعقم بالمستشفى الملكي للنساء والأطفال د. سارة فاعور
بعد الزواج بفترة بسيطة يبدأ الزوجان في التخطيط إلى إنجاب الأطفال، فهو حلم كل زوجين حديثي الزواج، وهو حلم لجميع المتزوجين ولا يقتصر فقط على حديثي الزواج، إلا أنه بعد مرور أشهر أو عام من الزواج يفاجأ الزوجان بعدم القدرة على الإنجاب، وقد تفاجأ أيضًا الأم أو الأب اللذان أنجبا طفلًا سابقًا بعدم القدرة على الإنجاب مرة أخرى.
هذه المشاهد موجودة في جميع المجتمعات عندما نرى العديد من الأزواج تفشل لديهم محاولات الإنجاب، وقد تكون هناك أسباب طبية، وفي أحيان أخرى تكون الأسباب مجهولة.
كلمة العقم قد تبدو مرعبة أمام الأزواج خصوصًا حديثي الزواج، إلا أن الطب استطاع أن يحارب هذه المشكلة عبر التقنيات والعلاجات المختلفة التي قد تساعد على الإنجاب، إلا أنه يجب أن يعلم الزوجان أنهما ليسا الوحيدين، فبحسب الدراسات فإن في الولايات المتحدة هناك ما بين 10 و15 % من الأزواج مصابون بالعقم. ويتم وصف الزوجين على أنهما يعانيان من العقم إذا لم ينجحا بتحقيق الحمل بعد سنة كاملة من ممارسة الجماع المنتظم دون استخدام الوسائل الواقية للحمل.
وقد ينجم العقم عن مشكلة من الزوجة أو الزوج أو مجموعة من العوامل التي تمنع الحمل. ومع تطور الطب حديثًا توجد العديد من العلاجات الآمنة والفعالة التي تزيد بشكل كبير من فرص الحمل.
استشاري أمراض النساء والتوليد والعقم بالمستشفى الملكي للنساء والأطفال د. سارة فاعور أكدت أنه يتم وصف الزوجين على أنهما يعانيان من العقم إذا لم ينجحا بتحقيق الحمل بعد سنة كاملة من ممارسة الجماع المنتظم دون استخدام الوسائل الواقية للحمل، وذلك في حال كان عمر المرأة أقل من 35 عامًا، في حين تنخفض المدة إلى 6 أشهر إذا كان عمر المرأة فوق 35 عامًا، وتنخفض المدة إلى 3 أشهر في حال كان عمر المرأة أكثر من 40 عامًا.
وقالت: العقم لا يقتصر على المتزوجين حديثًا كما يعتقد البعض، فقد يصاب أحد الزوجين بالعقم بعد إنجاب الطفل الأول أو حتى الثاني.
د. سارة فاعور استشارية عقم ونساء وتوليد، وهي خريجة الجامعة الأميركية ببيروت العام 2014، وبعد عامين من تخرجها تخصصت في العقم ومشكلات الهرمونات، لتلحق بعدها بالعمل في 2016، ولتنضم حديثا لطاقم المستشفى الملكي للنساء والأطفال، وإليكم نص اللقاء.
ما الخدمات المقدمة في عيادة النساء والتوليد والعقم في المستشفى؟
نقدم في المستشفى الملكي للنساء والأطفال ضمن عيادة النساء والتوليد والعقم جميع الخدمات الخاصة بصحة المرأة من المشكلات النسائية والفحوصات السنوية المهمة من مسحة عنق الرحم، ومسحة المهبل، والتصوير الداخلي والخارجي للرحم والمبايض. كما نقوم أيضًا بمتابعة الحمل والإشراف على الولادة. كما نقدم خدمات متعلقة بالعلاجات الآمنة والخاصة بتأخر الحمل بدءا من التشخيص، وتحريض الإباضة ومتابعة ما بعد التحريض، إضافة إلى الحقن المجهري والعلاج بتقنية أطفال الأنابيب وتجميد البويضة والأجنة وتجميد خزعة الأجنة.
ما أكثر الحالات ترددًا على عيادة النساء والتوليد والعقم؟
هي لنساء يشكين من وجود تكيسات على المبايض، إذ إن هذه المشكلة من أكثر المشكلات شيوعًا لدى النساء، إضافة إلى وجود مشكلة بطانة الرحم المهاجرة التي أيضًا تنتشر بين النساء. ومن أكثر المشكلات التي تتردد على العيادة أيضًا هي لنساء يعانين من مشكلات في تكوين الحوض، الذي يؤثر بشكل كبير على الحمل، إضافة إلى وجود حالات عديدة لرجال يعانون من مشكلات في السائل المنوي.
هناك بعض المفاهيم الخاطئة بشأن العقم، هل لكِ أن تتحدثي عنها؟
من أكثر المفاهيم الخاطئة المنتشرة في جميع أنحاء العالم، ولا تقتصر على دولة معينة، هي أن المرأة التي حملت مرة واحدة أو الرجل الذي أنجب سابقًا غير معرضين للإصابة بالعقم، فقد يعتقد البعض أن الإنجاب سابقًا هو إشارة جيدة لعدم معاناة أحد الزوجين من العقم، إلا أن ذلك ليس صحيحًا، فقد يحدث العقم بعد إنجاب الطفل الأول ولا يقتصر ذلك على الزوجة فقط؛ فحتى الزوج معرضة للإصابة بالعقم بعد إنجاب الأطفال، إذ قد تحدث مشكلات في السائل المنوي عند الزوج كقلة الحركة في السائل أو قلة العدد. ومن المفاهيم الخاطئة المنتشرة ما بتعلق بالتشخيص الخاطئ إلى تكيس المبايض لدى المرأة، إذ نفاجئ بوجود تشخيص خاطئ للمرأة إضافة إلى صرف علاجات لا تتناسب مع المشكلة التي تعاني منها.
ما الإطار الزمني الذي يحدد ما إذا كان الزوجان مصابين بالعقم؟
يتم وصف الزوجين على أنهما يعانيان من العقم إذا لم ينجحا بتحقيق الحمل بعد سنة كاملة من ممارسة الجماع المنتظم دون استخدام الوسائل الواقية للحمل، وذلك في حال كان عمر المرأة أقل من 35 عامًا، في حين تنخفض المدة إلى 6 أشهر إذا كان عمر المرأة فوق 35 عامًا، وتنخفض المدة إلى 3 أشهر في حال كان عمر المرأة أكثر من 40 عامًا.
فالعقم هو عدم القدرة على الحمل بعد مرور سنة أو أكثر من الزواج، إلا أن التقدم بالعمر يقلل فرص المرأة في الإنجاب بسبب قلة عدد البويضات مع تقدم العمر وقلة كفاءة البويضة للإخصاب. ولكن لا يخفى أن العقم عند الزوج يكون له أسباب عدة ويمكن تقييمها عادة بواسطة تحليل السائل المنوي.
هل يمكن أن يحدث عقم بعد إنجاب الطفل الأول؟ وما السبب؟
العقم لا يقتصر على المتزوجين حديثًا كما يعتقد البعض، فقد يصاب أحد الزوجين بالعقم بعد إنجاب الطفل الأول أو حتى الثاني، فلتقدم في العمر بالنسبة إلى المرأة يؤثر على مخزون الإباضة، كما يؤثر أيضًا على نوعية وجودة الإباضة، إضافة إلى أن تعرض المرأة إلى عمليات جراحية في منطقة البطن له تأثير أيضًا على الحمل، فالعمليات قد تسبب التصاقات في الأنابيب ما يؤدي إلى غلقها وفي نهاية المطاف إلى عدم القدرة على الإنجاب. ولا تتأثر المرأة لوحدها فيما يتعلق بالتقدم في العمر، إذ مع التقدم في السن يتغير السائل المنوي وقد تتأثر حركة وعدد الحيوانات المنوية عند الزوج. وقد تكون هناك أسباب غير طبية مجهولة، فقد تكون جميع التحاليل الخاصة بالمرأة والرجل طبيعية وقد أنجبا طفلًا مسبقًا، إلا أنهما غير قادرين على الإنجاب مرة أخرى والسبب يكون مجهولا في هذه الحالة.
هل زادت نسبة العقم في الفترة الأخيرة، وما الأسباب؟
نعم، نلاحظ ارتفاعا في عدد حالات العقم، ويعود السبب في ذلك إلى زيادة الوعي لدى الزوجين، ففي السابق يلجأ الزوجان إلى الطبيب بعد مرور 5 أعوام من الزواج وعدم الإنجاب، لكن في السنوات الأخيرة زاد الوعي لدى الزوجين فيما يتعلق بمشكلات الإنجاب، فأصبحنا نرى الزوجين بعد فترة بسيطة من الزواج وعدم الإنجاب. ويعود السبب الثاني في زيادة عدد حالات العقم في الفترة الأخيرة إلى الزواج في عمر متأخر.
ما أكثر العوامل المسببة إلى العقم؟
هناك العديد من العوامل التي تسبب العقم، إلا أن 30 % من مشكلات العقم سببها مشكلات في السائل المنوي، في حين أن 20 % من الأسباب سببها مشكلات في الإباضة، و15 % بسبب مشكلات في الحوض كالأنابيب، إضافة إلى وجود مشكلات في السائل المنوي عند الرجل، في حين أن ما زالت هناك أسباب غير معروفة طبيًا.
هل تغيير نمط الحياة يعالج العقم كما يعتقد البعض؟
نعم تغيير نمط الحياة قد يعالج بعض أسباب العقم خصوصًا الأسباب المتعلقة بزيادة الوزن، إذ إن خسارة الوزن تؤثر على نوعية الإباضة وجودتها ما قد يساعد على الإنجاب، إضافة إلى أن التدخين عند الرجل والمرأة يؤثر على البويضات وعلى السائل المنوي أيضًا، لذا دائما ما ننصح باتباع حياة ونمط صحي للراغبين بإنجاب طفل.
كيف يمكن علاج حالات العقم؟
يتم العلاج حسب الحالة وحسب عمر المرأة، فقد نلجأ إلى تنشيط الإباضة مع مراقبتها للوصول إلى الحجم المطلوب، وقد نلجأ إلى الحقن المجهري أو أطفال الأنابيب وهي أكثر التقنيات نجاحًا.
ما الفرق بين الحقن المجهري وعملية أطفال الأنابيب؟
هناك فرق بين التقنيات، وعلى الزوجين قبل الإقبال على أحد هذه العلاجات معرفة الفرق بينهما، فالحقن المجهري هو عملية جمع البويضات من الزوجة والحيوانات المنوية من الزوج وتلقيحها في مختبر الأجنة. ولزيادة نسبة النجاح، يتم حقن حيوان منوي واحد في كل بويضة باستخدام إبر رفيعة في عملية تسمى بحقن الحيوانات المنوية داخل الهيولي (ICSI).
وفي الحقن المجهري نقوم بتحفيز الإباضة عن طريق إعطاء هرمونات لتحفيز المبيض على تطوير عدد من البويضات قبل جمع البويضات.
وبعد مرور الوقت يتم استخراج البويضات، إذ يتم جمع البويضات الناضجة باستخدام تنظير البطن أو سحبها من خلال المهبل باستخدام إبرة موجهة بالموجات فوق الصوتية، ويتم وضعها في حاضنة تحت ظروف دقيقة في مختبر علم الأجنة، بعدها يتم جمع الحيوانات المنوية ويتم حقن الحيوان المنوي مباشرة في البويضة، ثم يتم فحص البويضات لمعرفة ما إذا تم تخصيبها. لتنقل بعد ذلك البويضة المخصبة في الرحم.
أما عملية أطفال الأنابيب فهي عبارة عن إخصاب البويضة بالحيوان المنوي في أنابيب الاختبار بالمختبر بعد أخذ البويضات الناضجة من المبيض، لتوضع مع الحيوانات المنوية الجيدة بعد غسلها حتى يحصل الإخصاب، ثم بعد ذلك تعاد البويضة المخصبة إلى رحم الأم، وتستغرق هذه العملية من يومين إلى 5 أيام، ويستطيع الطبيب نقل أكثر من جنين واحد إلى داخل الرحم، لمساعدة المرأة على الحمل، ويستخدم هذا الإجراء لعلاج مشكلات العقم المختلفة.
ما نصيحتك إلى المتزوجين حديثا فيما يتعلق بالإنجاب؟
يعد الإنجاب حلم كل زوج وزوجة سواء كانا حديثي الزواج، أو قد أنجبا سابقًا، ودائمًا ما ننصح المتزوجين حديثا بمراجعة الطبيب المختص قبل التفكير في الحمل للتأكد من مخزون الإباضة وإجراء التحاليل اللازمة للسائل المنوي، إضافة إلى إجراء الفحوصات والتحاليل للاطمئنان على قدرتهما على الإنجاب، كما نؤكد على المتزوجين الذين أنجبا سابقا أن العقم قد يحدث بعد إنجاب الطفل الأول بشكل طبيعي، لذا يجب إجراء الفحوصات اللازمة بعد مرور وقت من فشل حمل الطفل الثاني حتى وإن كان الحمل الأول حدث بسهولة ودون الحاجة إلى العلاج.