+A
A-

علاجات الثلاسيميا الحديثة .. أعادت الأمل في الحياة للمرضى

قالت استشارية أمراض الدم  للأطفال ورئيسة الجمعية الأهلية لأمراض الدم الوراثية الدكتورة نجاة المهدي إن علاج الثلاسيميا شهد نقلة نوعية كبيرة، وعاد الأمل إلى المرضى بعد توافر العلاجات الحديثة بالحبوب بدلًا عن الإبر، ونجاح جهود التوعية.

 

الدكتورة نجاة المهدي

وأشارت في لقائها مع "صحتنا" إن مريض البيتا ثلاسيميا لم يكن في السابق يمتلك الأمل في الحياة، فكان أغلبهم يتركون مقاعد الدراسة لعدم شعورهم بوجود دافع للمواصلة ؛ لأن أعمارهم قصيرة جدًا، فضلًا عن اضطرارهم لاحتمال ألم تلقي العلاج بشكل يومي عن طريق الإبر تحت الجلد ولمدة 8 ساعات.

وذكرت أن المرضى اليوم أصبحوا يعيشون حياة شبه طبيعية، وأغلبهم ملتزمون بتلقي العلاج وعمل الفحوصات وإجراء التحاليل المطلوبة ونقل الدم وغيره.

وفيما يلي نص اللقاء:

 

ما تصنيف الثلاسيميا من بين أمراض الدم الوراثية في مملكة البحرين؟

يعد مرض نقص الخميرة هو الأكثر انتشارًا بين أمراض الدم الوراثية في البحرين، يليه نوع (ألفا) ثلاسيميا، ثم السكلر، وأخيرًا نوع (بيتا) ثلاسيميا.

ويتراوح معدل الحاملين لبيتا ثلاسيميا في البحرين بين 2.1 % و 3 % من السكان.

أما ألفا ثلاسيميا فتبلغ نسبة الحاملين لهذا النوع حوالي 25 % من السكان، في حين نجد أن دولة الكويت الشقيقة يبلغ معدل الحاملين لهذا النوع 48 % من السكان.

ويبلغ معدل الحاملين لنقص الخميرة في البحرين 25 % من السكان، فيما كان معدل الحاملين للسكلر حوالي 10 %، أما اليوم فتقدر نسبة الحاملين به نحو 16 % من السكان.

وتكمن أهمية نوع بيتا ثلاسيميا من كون المصاب به يعاني من فقر دم شديد، وهو بحاجة إلى نقل دم كل نحو 3 أسابيع على مدى الحياة، فحاجة مريض البيتا ثلاسيميا لنقل الدم الدوري تبدأ منذ سن 6 أشهر وتستمر طوال حياته، بعكس مريض السكلر الذي يزور المستشفى في حال تعرضه لنوبات الألم.

ونقل الدم بالنسبة لمريض الثلاسيميا ينتج عنه تراكم في الحديد بالقلب والكبد والغدد الصماء، ما قد يؤدي إلى قصور وظائفها وتلفها، الأمر الذي يتطلب منه أخذ علاج آخر بهدف إنزال الحديد.

أما نوع ألفا ثلاسيميا فيمكن وصفه بالحميد، إذ لا يحتاج المصاب به في الغالب إلى نقل للدم، كما أنه غير معرض للالتهابات.

ويبلغ عدد المصابين ببيتا ثلاسيميا في البحرين تقريبا 125 مريضًا، ورغم ضآلة العدد مقارنة بالسكان إلا أن حاجة كل مريض من هؤلاء للمستشفى كبيرة.

 

كيف تقيمين جهود مملكة البحرين في التوعية بالثلاسيميا والحد من الإصابة به والكشف المبكر عنه؟

أهم ما يمكن الحديث عنه في هذا الجانب هو الفحص خصوصًا قبل الزواج، وإلزام المقبلين على الزواج ممن يحملون نوع بيتا ثلاسيميا خصوصًا بعدم التزاوج؛ وذلك للحد من إنجاب أبناء مصابين بهذا المرض.

وبالنسبة للمصابين بنوع بيتا ثلاسيميا، فإن ثلثهم من غير البحرينيين، ولذلك عند مقارنة معدلات الحاملين بهذا المرض في البحرين وأعداد المصابين به سنجد أن الفرق شاسع، وهذا دليل مهم على وعي شعب البحرين، ونجاح جهود التوعية الرسمية منها والأهلية.

سابقًا كنا نجد أكثر من مصاب في العائلة الواحدة، لكن اليوم وبفضل الفحص الإلزامي قبل الزواج ووعي الآباء، اتجهوا لعدم خوضهم تجربة إنجاب ثانية بعد إنجاب ولد مصاب، ولجأوا إلى تقنية انتقاء الأجنة لمنع إنجاب ولد آخر مصاب.

وبالمقارنة بين مرضى بيتا ثلاسيميا في السابق واليوم، نجد أن أعمارهم في السابق لا تتجاوز العشرينات، في حين أن لدينا مرضى اليوم بلغوا الخمسين من عمرهم وهم في حالة صحية جيدة، ومتزوجون ويعملون ولديهم أبناء.

 

أين يتلقى مرضى الثلاسيميا علاجهم في البحرين؟

بما أن مريض الثلاسيميا بحاجة لنقل دم بشكل مستمر، فإن المكان الأنسب لتلقيه العلاج هو مستشفى السلمانية، إذ يتوافر النظام الصحي الملائم لرعايتهم بالشكل المناسب، مع وجود المتخصصين وتوافر الأدوية اللازمة لهم.

 

ما أبرز التحديات والعوائق التي تواجه مرضى الثلاسيميا؟

مريض البيتا ثلاسيميا لم يكن في السابق يمتلك الأمل في الحياة، فكان أغلبهم يتركون مقاعد الدراسة لعدم شعورهم بوجود دافع للمواصلة ؛ لأن أعمارهم قصيرة جدًا، فضلًا عن اضطرارهم لاحتمال ألم تلقي العلاج بشكل يومي عن طريق الإبر تحت الجلد ولمدة 8 ساعات.

أما اليوم فعلاج الثلاسيميا شهد نقلة نوعية كبيرة، وعاد الأمل إلى المرضى بعد توافر العلاجات الحديثة بالحبوب بدلًا عن الإبر، ونجاح جهود التوعية.

وأصبح المرضى اليوم يعيشون حياة شبه طبيعية، وأغلبهم ملتزمون بتلقي العلاج وعمل الفحوصات وإجراء التحاليل المطلوبة ونقل الدم وغيره.

وجاء ذلك نتيجة ما لمسه المريض من فارق في تحسن صحته، وقدرته على القيام بأمور لم يكن يحلم يومًا أنه سيتمكن من أدائها.

ولذلك تجد أن معظم المرضى البحرينيين اليوم هم من خريجي الجامعات والذين يعملون، رغم أنه كان هناك تخوف في البداية من توظيفهم؛ نظرًا لطبيعة ظروفهم الصحية وحاجتهم المستمرة لمراجعة المستشفى وتلقي العلاج.

ونقول للمجتمع إن الثلاسيميا ليس مرضًا معديًا، وأن المرضى هم بالفعل فئة منتجة ومفيدة في المجتمع، فمنهم المهندسين والمحاسبين والمدرسين، وهم قادرون على الاندماج في المجتمع والزواج وإنجاب الأبناء والعيش مثل غيرهم من الأصحاء.

كذلك نحن بحاجة إلى أن يفهم أصحاب الأعمال طبيعة المرض ويتعاونوا مع هذه الفئة، فهي فئة تتمتع بالذكاء ومنتجة ومخلصة وتتميز بالتفاني والالتزام، وهذا ما نلمسه منهم بشكل دائم.

وبالتالي، هم بحاجة للاحتضان من المجتمع وأصحاب الأعمال.

 

ما نصيحتك في اليوم العالمي لمرضى الثلاسيميا؟

أقول للمرضى "كل عام وأنتم بخير، التزموا بعلاجكم، وتفاءلوا بالمستقبل، فهناك أدوية جديدة، وعلاجات بالجينات في مراحلها المتقدمة".

كما أن هناك أدوية يتم العمل عليها من شأنها أن تقلل فترات الحاجة لنقل الدم إلى الضعف تقريبًا، وهناك علاجات واعدة وأقل عبئًا على المريض، ونأمل أن تنجح تجارب العلاجات بالجينات والتي من شأنها أن تحقق الشفاء التام للمرضى.