+A
A-

"سنجد سقطي" ودوامة الصمت

"سنجد سقطي سيندروم" هو اسم لمرض نادر جدًا، ويطلق عليه أيضًا متلازمة الشرق الأوسط؛ بسبب وجوده الأكثر في منطقة الشرق الأوسط. وهو مرض يفتقد للتوعية والاهتمام، وأسر ضحاياه يعيشون العزلة والضياع والحيرة، فلا علاج يمكن أن يخلصهم منه، ولا رؤية مستقبلية واضحة، وكأنهم يعيشون في دوامة من الصمت.

المتلازمة عبارة عن مرض وراثي نادر اكتشف سنة 1988 في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، وسمي باسم مكتشفيه دكتور سامي سنجد ودكتورة نادية سقطي، إذ نشرت في مجلة بحوث الأطفال حالة أطفال سعوديين لديهم انخفاض في هرمون الغدد جارات درقية، مصحوب بقصر في القامة، ولديهم مشاكل في العينين وتأخر عقلي، ثم ظهرت حالات من الكويت وقطر وفلسطين والسعودية والأردن.

وقصتي معهم بدأت حين نشرت مذكراتي مع مرضي، وقصة نجاحي في الوصول لعلاج حقن هرمون "البارثايرويد"، إضافة لعدد من المقالات التي تداولتها الصحف.

كان خبر علاجي بحقن الهرمون يمثل جرعات أمل لهم، فتلقيت اتصالات عدة، من البحرين وعدد من دول المنطقة، وأصبحت جزءًا من عالم "سنجد سقطي"، وقررت خوض حركة الوعي معهم، وهو ما جعلني أكون ملمًا بواقع المرض وكل حيثياته.

أهم الصعوبات التي تواجه عوائل المرضى هو عدم الوعي بالمرض، وصعوبة الحصول على طبيب يفهم حيثياته، فبعض الأطباء يتعاملون معه كمرض عادي، وأحيانًا كثيرة يجهلون التصرف مع الحالات، ما يدخلهم في نزاع مع الأطباء لإقناعهم بحالة المريض.

والعقبة الثانية هي الصعوبة في العلاج نفسه، فهذا المرض نادر ويحمل جملة من الأعراض، فالمشكلة غير مقتصرة على الكالسيوم، فهناك أعراض أخرى مرتبطة بتشوهات خلقية وبضيق في التنفس.

أما العقبة الثالثة فتتمثل في العمر القصير لهذه الحالات، فقليل جدًا منهم من تجاوز 15 سنة، ما جعل الوالدين يعتادان على ألم الفقد.

العقبة الرابعة اجتماعية، فقد يجبر واقع المرض البعض ولكونه وراثيًا للجوء إلى الطلاق، وأكثر من حالة تواصلت معي انتهت بالطلاق.

ومن قرر الاستمرار يكون عليه لزامًا فحص الجنين، وإذا ثبتت إصابته فيلجأ للإجهاض لكيلا تتكرر المأساة.

وتتحمل مراكز الأبحاث والجامعات الطبية في منطقتنا مسؤولية دراسة طبيعة هذا المرض وفهم أسباب انحصاره في منطقتنا، وإيجاد الحلول والعلاجات اللازمة له.

ما زال مستقبل هذا المرض ضبابيًا، وبيدنا أن نحدد معالمه، إما أن نترك الحالات لتتفاقم، وإما أن نجتهد لنقلصه ونقضي عليه.