+A
A-

إبراهيم زينل

كان‭ ‬سؤالنا‭ ‬الأول‭ ‬للعم‭ ‬بو‭ ‬رشاد‭ ‬يتعلق‭ ‬بسير‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬2020‭ ‬مع‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬وبالطبع‭ ‬فإنه‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يشغل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬في‭ ‬العالم‭...‬

يطيب لي أن أتقدم بالشكر الجزيل إلى أسرة تحرير صحيفة "البلاد" وإلى فريق العمل في ملحق "أضواء البلاد"، على إتاحة الفرصة لهذه اللقاء الطيب. وحقيقةً كان العام الماضي صعبًا للجميع نتيجة لجائحة كورونا وانتشارها في العالم كله وليس في البحرين فقط، وها نحن نرى كيف أن العالم كله أصبح يعاني من تبعات الجائحة، لكن نحمد الله في مملكة البحرين، وبجهود قيادتنا الكريمة وعلى رأسها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد، وجهود الحكومة الرشيدة بقيادة حضرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظهما الله، قدمت أروع وأجمل الصور في اتخاذ كل ما يلزم للحفاظ على سلامة جميع من يعيش في بلادنا الغالية، وتخصيص الحزمة المالية التي خدمت الاستقرار في الأوجه المعيشية والعمل وسير المشروعات، وكلي فخر واعتزاز بأن أقدم الشكر والثناء للجنة التنسيقية والفريق الوطني لمكافحة كورونا (كوفيد 19)، فقد قاموا بجهود جبارة، وأنا شخصيًا وكل الناس يقدرون جهود وعمل الصف الأمامي، الذين ضحوا بالكثير من وقت أسرهم وراحتهم وعملوا دون كلل أو توقف منذ بدء الجائحة، وإلى الآن ما تزال جهودهم مستمرة، وبفضل كل هذه الجهود، أصبحت البحرين بأمن وأمان، فطبقت الإجراءات الاحترازية واتخذت كل الخطوات الإستراتيجية اللازمة لاحتواء الأزمة، ونسأل الله أن تزول ونعود قريبًا إلى حياتنا الطبيعية وأعمالنا اليومية بشكل سلس.

وفي الحديث عن انعكاسات هذه الجائحة على الحركة التجارية خصوصا على قطاع الأغذية التي نعمل فيه، فإنك تعلم أن الأغذية وجميع السلع الأساسية هي شريان الحياة، وأي تأثير عليها يؤثر على سير الحياة بصفة عامة، ولله الحمد لم تشتكِ البحرين طيلة العام  2020 من أي نقص في السلع الغذائية أو المواد الأساسية التي يحتاجها المواطنون والمقيمون، فكل السلع كانت وما تزال متوافرة على الرغم من أن هناك الكثير من الأمور التي طرأت على التجارة الخارجية نتيجة للجائحة... الكثير من الإمدادات الغذائية إما تأخرت أو توقفت نتيجة لعدم توافر وسائط الشحن وتوقف الرحلات الجوية، لكن هذه كانت في بداية الجائحة، وبعد فترة عادت الأمور إلى مجراها الطبيعي. صحيح أن الكلفة ارتفعت؛ لأن أسعار الشحن خصوصا من دول آسيا، ارتفعت بشكل كبير، وفي بداية العام الماضي عندما ظهرت الجائحة بدأت أسعار بعض السلع الغذائية في التراجع؛ نتيجة انخفاض أسعار الوقود عالميًا، ومع امتداد الجائحة وتوقف القطاع العمالي في بعض الدول عن أداء مهامه كالمصانع التي عملت بشكل متقطع، كل هذا أثر في ارتفاع الأسعار.

واليوم، قد نلاحظ ارتفاع أسعار بعض السلع الغذائية كالزيوت النباتية خصوصا ومنتجات الالبان والسكر، إلا أنه بالرغم من هذا كله، فالكميات المتوافرة تكفي للاستهلاك وتزيد، وأود الإشادة بالقرار الذي اتخذه صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، بحجز كميات كافية من السلع الغذائية فيما يسمى بالمخزون الاستراتيجي للأغذية، وفي هذا التوجه نظرت القيادة لاتخاذ الإجراءات الاحترازية بالنسبة لتوفير السلع الغذائية في بلادنا، بما يضمن للمستهلكين من مواطنين ومقيمين توفير السلع الغذائية عموما وخصوصًا الأساسيات، فالحمد لله نحن بخير، وصحيح أن بعض الأسعار في ارتفاع، لكنها مازالت مستقرة، ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك وكل عام والجميع بخير وصحة وعافية.

تأثرت الشركة جزئيًا بحجم المبيعات نتيجة لتوقف الكثير من القطاعات كالفنادق والمطاعم سواء جزئيًا أو كليًا، ومازال التوقف مستمرًا رغم أن الحكومة سمحت بعودة عمل بعض القطاعات ومنها المطاعم، لكن لم يعد الوضع كما كان في السابق بالنسبة لحجم الطلبات، والشركة خسرت جزءًا كبيرًا من هذا القطاع، ونأمل عما قريب أن يعود هذا القطاع إلى نشاطه.

الجانب الآخر المهم بالنسبة لي هو الاستهلاك والبيع، وقد توقف عبور المسافرين على جسر الملك، وهو جسر يمثل شريانًا أساسيًا للاقتصاد البحريني باعتبار أن تدفق المسافرين والمركبات كان يشكل حركة تجارية ضخمة لجميع الأسواق وبالأخص لقطاع التموين والأغذية والخدمات المساندة للسياحة، فهذا القطاع توقف نتيجة لتوقف تدفق الناس على الجسر، وأتمنى أن يعود هذا الشريان قريبًا لتدفق الناس عليه وعودة الحركة التجارية. ولا شك أن الحكومة كانت وما تزال حريصة، في البلدين، المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، على ألا تتوقف عملية إمداد الشاحنات ووصول السلع الغذائية، فهذا لم يتوقف، وهو أمر إيجابي بالنسبة للبحرين، فجزء كبير من السلع الغذائية يصلها عن طريق الجسر كالفواكه والخضروات ومنتجات الالبان من الشقيقة السعودية، فالقرار صائب وإنْ توقف تدفق المسافرين، إلا أن حركة الشحن لم تتوقف، وأسهم هذا كله في أن تكون مملكة البحرين من ناحية التموين الغذائي في أمان والسلع متوافرة والشهر الفضيل على الأبواب، وأطمئن الناس بأن كل السلع متوافرة وليس هناك ضغط ولا داعي للتهافت على قطاع بيع التجزئة والسوبرماركت، فالسلع موجودة.

تلك‭ ‬تبعات‭ ‬انعكست‭ ‬على‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬دون‭ ‬شك،‭ ‬فكيف‭ ‬سارت‭ ‬الأمور‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمشروع‭ "‬مخازن‭ ‬ترافكو‭ ‬الجديدة‭"‬،‭ ‬وخطوط‭ ‬الإنتاج‭ ‬الأخرى؟

المخازن جهزت، واستثمرنا فيها حدود مليون دينار لمخازن جديدة مبردة وجافة في المنطقة الصناعية في الحد، وتسلمناها في الربع الأخير من العام والماضي وهي تعمل، ولدينا مخازن في منطقة قلالي والمطار ما تزال مستمرة وكلها على أعلى جهوزية، والسعة موجودة والمخزون كاف. وبالنسبة للاستثمارات الجديدة، لدينا شركة أوال للالبان، وهناك توسع في شراء معدات بحوالي 400 ألف دينار إلى نصف مليون دينار لإضافة خطوط إنتاج جديدة، ونتوقع إكماله خلال هذه السنة، ولا ننسى أن شركة أوال للالبان هي من أقدم شركات الالبان في المنطقة، وفي البحرين هي الوحيدة التي تنتج جميع منتجات الالبان، ونصدر إلى الكويت والسعودية من خلال فروعنا هناك، وبدأنا التوجه للتصدير إلى دول القارة الإفريقية، ومنتجاتنا موجودة في المراكز التجارية بعضها تحت علامتنا التجارية والآخر لمؤسسات معينة نعبئها في البحرين، ونفخر أن يكون هذا المنتج بحرينيا رغم أنه يحمل علامات تجارية لشركات أخرى، ويسعدنا أن هناك شركات عالمية في مجال الالبان اتجهت لنا للتعبئة؛ لثقتهم في نوعية ومستوى المنتج البحريني. أضف إلى ذلك، أننا نخطط للتوسع في شركة المياه بمنطقة قلالي باستثمار يصل إلى ربع مليون دينار لإنشاء خط تعبئة جديد لقناني المياه المعبأة، وسيكون جاهزًا في شهر يونيو المقبل من العام الجاري كما هو مخطط له، وسيتضاعف حجم الإنتاج للشركة خلال هذا العام.

 

من‭ ‬المعروف‭ ‬عن‭ ‬العم‭ ‬بو‭ ‬رشاد‭ ‬دعمه‭ ‬الدائم‭ ‬للكوادر‭ ‬الوطنية‭.. ‬كيف‭ ‬تراهم‭ ‬اليوم؟

نعتز بالطبع، ودعني أكون صريحًا فالشباب البحريني أثبت وجوده، ونحن في مجموعة ترافكو، خصوصًا في الشركات الصناعية كأوال للالبان، نعتمد اعتمادًا كليًا على الكوادر الوطنية الذين أثبتوا وجودهم وإخلاصهم للشركة، فبعضهم بدأ العمل وما يزال مستمرًا معنا منذ 20 سنة.. مستمرون ويؤدون واجبهم ونحن نقدر جهودهم ونقدر إنتاجيتهم في مصلحة الشركة، ولا ننسى أن الشركة "مساهمة عامة"، وأسهمنا مدرجة في سوق البحرين للأوراق المالية، وهناك 3 آلاف مساهم وأكثر لهم حصص مختلفة، ونرحب بأي كادر وطني نحصل عليه ونستطيع أن ننمي قدراته وينضم لنا في هذا المجال.

هل‭ ‬تتوافر‭ ‬لدينا‭ ‬المقومات‭ ‬وعناصر‭ ‬النجاح‭ ‬لأن‭ ‬نتميز‭ ‬في‭ ‬منتجات‭ ‬تحمل‭ ‬علامة‭ "‬صنع‭ ‬في‭ ‬البحرين‭"‬؟

الصناعة بصفة عامة هي أساس رقي الدول والأمم، سواء في مجال الأغذية أو أي مجال آخر، وحين نتكلم عن الأغذية وليس الحديث عن الصناعات الثقيلة كالألمنيوم ومشتقاته والبتروكيماويات وصناعات معتمدة على النفط، فأكبر دليل على قدرة البحرين على الإنتاج أن أكبر شركات الأغذية اتخذت من البحرين مقرًا لها، دعنا نرى علب منتجات الأغذية في بلدان مثل إفريقيا أو شرق آسيا أو في دول عربية كمصر، وتشاهد عبارة صنع في البحرين، سواء كانت وطنية أو عالمية، فمجرد وجود عبارة "صنع في البحرين" فهذا فخر لكل مواطن بحريني بأن هذا منتج منشأه في بلده ووصل إلى الأسواق العالمية وتحت رعاية أبنائه الذين يعملون في هذه المصانع. فالبحرين اكتسبت سمعة طيبة في مجال استقطاب الشركات الكبيرة بمجال الأغذية التي قررت اتخاذ البحرين مقرا لها وبدأت إنتاجها، وهذا مؤشر على أن الدولة حريصة على استقطاب الاستثمار الأجنبي وأن تختار الشركات التي تعطي ثقلًا وبعدًا اقتصاديًا وسمعة طيبة لمملكة البحرين، والحمد لله نجح الإخوة في مؤسسات الدولة في استقطاب الشركات بتوفير البنية الأساسية وتسهيل أمور التسجيل وسرعة اتخاذ القرارات وهذه كلها تعطي دفعة للكثير من الشركات العالمية لتتخذ من البحرين مقرًا لها.

إن وجود مثل هذه الصناعات يسهم من جانب آخر في تنشيط الصناعات الصغيرة المكملة؛ لأن أي صناعة تحتاج إلى الخدمات المساندة وخدمات التوصيل وعمليات النقل، وهذه كلها تنشط بوجود هذه الصناعات، وأريد التأكيد أن سوق البحرين محدودة نتيجة لمحدودية تعداد السكان، فبالتالي أي شركة تخطط لأن تتخذ من البحرين مقرًا لها للتصدير للخارج، فهذا يعني أننا كسبنا أسواقًا ضخمة في الخارج، فحين أنشئ مصنعًا لتصدير 80 % من الإنتاج لدول مختلفة، فقد أضفت البحرين للسوق الأكبر والرقعة الجغرافية الأكبر مساحة، وبالتالي حجم المبيعات والتداول وحجم الخدمات المساندة سيتضاعف، والكثير من الشركات ربما لا تعمل في مجال الأغذية أو هذه الصناعة أو تلك، لكنها  تستفيد بشكل مباشر أو غير مباشر من أعمال المساندة لهذه الصناعة وهي أساس التنمية، أي الصناعة، وأتمنى أن تزداد الشركات التجارية التي تتخذ من البحرين مقرًا لها ونستقطبها ولا نتكلم عن أي جنسية، وحتى لو كانت مملوكة لشركات عالمية، فمجرد وجودها في البحرين سيكون له تأثير على حجم الاقتصاد وتوفير فرص عمل لأبنائنا الخريجين، ولا يجب أن ننكمش في السوق المحلية، فهي محدودة في تعداد سكان يقارب مليونا ونصف مليون نسمة، وحجم الاستهلاك محدود والتوسع في السوق محدود، فليس هناك مفر إلا اللجوء إلى التجارة الخارجية والتصدير إلى الأسواق المجاورة.

العم‭ ‬بو‭ ‬رشاد‭.. ‬لنختم‭ ‬بمسك‭ ‬معطر،‭ ‬متى‭ ‬يا‭ ‬ترى‭ ‬تغمرك‭ ‬مشاعر‭ ‬السعادة‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬تشاهد‭ ‬من‭ ‬إنجاز‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الأعمال‭ ‬خصوصًا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الإنتاج‭ ‬الوطني؟

أي تجربة في حياة الإنسان تمنحه راحة نفسية إذا أديتها بضمير وإخلاص وقمت بواجبك، سواء نجحت هذه الفكرة أو تعثرت لا قدر الله، أو لم تحقق ما تطمح إليه، فأنت أديت الواجب الذي عليك.. الإخلاص في العمل والنزاهة أهم عامل يؤدي إلى النجاح. وبالنسبة للصناعة، فإنني أشعر بالفخر حين أذهب إلى إفريقيا أو أوروبا الشرقية، ويقع في يدي منتج  مكتوب عليه "صنع في البحرين بواسطة الشركة الفلانية"، فأنا هنا أشعر بالفخر لوصول المنتج البحريني، وأشعر بالسعادة لأن هناك من المجتهدين من عمل وأوصل منتجه لهذه الأسواق وهذا موضع فخر وراحة نفسية وثقة بأن هناك أناسا يعملون وينجحون، فالتوفيق والنجاح من الله، والسعي والإصرار على النجاح برؤية واضحة وعمل دؤوب يمهد الطريق نحو مستقبل أكثر ازدهارًا، وهذا ما نتمناه لبلادنا الغالية مملكة البحرين.