+A
A-

الزميل راشد الغائب

إذا‭ ‬عدنا‭ ‬إلى‭ ‬العام‭ ‬2000،‭ ‬وقلبنا‭ ‬بضع‭ ‬صفحات‭ ‬هنا‭ ‬أو‭ ‬استرجعنا‭ ‬ما‭ ‬احتواه‭ ‬أرشيف‭ ‬الصحف‭ ‬وما‭ ‬تيسر‭ ‬في‭ ‬أيدينا‭ ‬من‭ ‬مسودات‭ ‬ومحاضر‭ ‬اجتماعات‭ ‬ولقاءات‭ ‬ومؤتمرات‭ ‬وفعاليات‭ ‬شبابية،‭ ‬داخل‭ ‬البحرين‭ ‬وخارجها،‭ ‬سنقف‭ ‬أمام‭ ‬قائمة‭ ‬من‭ ‬الشباب،‭ ‬من‭ ‬الجنسين،‭ ‬ممن‭ ‬شقوا‭ ‬الطريق‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬النهوض‭ ‬بالواقع‭ ‬الشبابي،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬الأسماء‭ ‬المميزة‭ ‬سكرتير‭ ‬التحرير‭ ‬رئيس‭ ‬قسم‭ ‬الشؤون‭ ‬المحلية‭ ‬والمحتوى‭ ‬الإلكتروني‭ ‬بصحيفة‭ ‬"البلاد"‭ ‬الزميل‭ ‬راشد‭ ‬جعفر‭ ‬الغائب،‭ ‬فهو‭ ‬كما‭ ‬عرفه‭ ‬كثيرون‭ ‬ممن‭ ‬عملوا‭ ‬معه،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬الزملاء‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬والإعلام،‭ ‬رسم‭ ‬انطلاقة‭ ‬مبكرة‭ ‬في‭ ‬حمل‭ ‬ملفات‭ ‬الشباب‭.‬

 

ربما‭ ‬استعدنا‭ ‬شريطًا‭ ‬من‭ ‬الذكريات‭ ‬لنجد‭ ‬الغائب‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬عدة‭: ‬المسرح،‭ ‬الملتقيات‭ ‬الثقافية،‭ ‬العمل‭ ‬الصحافي،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬وتفاصيل‭ ‬ودهاليز‭ ‬التخطيط‭ ‬والإعداد‭ ‬والإشهار،‭ ‬ليرى‭ "‬ملتقى‭ ‬الشباب‭ ‬البحريني‭" ‬النور‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2000،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬أغسطس‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬العام،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬انطلاقة‭ ‬الملتقى‭ ‬هينة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬أن‭ ‬ساحة‭ ‬منظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬بتنوعها‭ ‬موعودة‭ ‬بمسار‭ ‬جديد‭ ‬مع‭ ‬المشروع‭ ‬الإصلاحي‭ ‬لعاهل‭ ‬البلاد‭ ‬المعظم‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬خصوصًا‭ ‬بعد‭ ‬مرحلة‭ ‬ميثاق‭ ‬العمل‭ ‬الوطني،‭ ‬وما‭ ‬تلى‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬تأسيس‭ ‬وإشهار‭ ‬لمنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬مساراتها‭ ‬وتخصصاتها‭.‬

 

يعرف كثيرون أن الغائب يخطط بهدوء ويؤمن دائما بأن الدروب الوعرة والمحطات الصعبة تتطلب صبرًا ونفسًا طويلًا وإصرارا لبلوغ الغايات والأهداف.. على الأقل، الممكن منها.

وبالعودة إلى شهر أغسطس من العام 2001، تشكلت إدارة مؤقتة لملتقى الشباب البحريني تولى فيها الغائب منصب نائب الرئيس، وكان في الكثير من الفعاليات والأنشطة الشبابية التي نفذها الملتقى بمثابة المحفز للجميع، بما في ذلك العمل الدقيق في مرحلة صياغة مسودة النظام الأساسي للملتقى، والنتيجة أن الغائب ترأس مجلس إدارة الملتقى في العام 2002، لكن يا ترى ما ألمع الأفكار التي وضعها على قائمة الاهتمامات آنذاك؟

الغائب: شكرا لذاكرتك المميزة أستاذي العزيز سعيد محمد، وعلينا عند استعادة شريط الذاكرة عن تلك المرحلة أن نضع قصة الملتقى في إطارها الزمني الماضي، حيث نشط المجتمع المدني بتلك الفترة، وحضور الندوات يملأ القاعات، وشباب البحرين متعطش للمعرفة والتنوير، وكان مشروع الملتقى في ولادته الأولى بنادي الحالة يعتبر أول تنظيم شبابي يجمع الشباب بين الجنسين في مشروعات ثقافية، ولهذا تسلطت الأضواء على تجربة الملتقى، ومن خلاله ولدت قيادات لمشروعات شبابية أخرى بعضها قاد لتأسيس جمعيات شبابية أو تولي مواقع عامة بالدولة أو القطاع الخاص. كان شغف الجميع بتلك الفترة أن يقدم الأفضل للقطاع الشبابي العريض، ووقف الملتقى على الحياد من جميع الجمعيات والتيارات السياسية، فلم يقبل أن يكون تابعا، ولهذا تميز باستقلاليته التامة، وهذا كان أحد أبرز نجاحاته في السنوات التي تلت تطوير تجربته من هيئة شبابية تابعة لنادي الحالة إلى جمعية شبابية مرخصة شقت طريقها للنجاح.

 

وهل‭ ‬كانت‭ ‬الأجواء‭ ‬آنذاك‭ ‬باعثة‭ ‬على‭ ‬التفاؤل‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬إيجاد‭ ‬المدى‭ ‬المؤثر‭ ‬في‭ ‬لفت‭ ‬النظر‭ ‬إلى‭ ‬قضايا‭ ‬الشباب‭ ‬وتطلعاتهم؟

الغائب: دعني أقول إن الإخوة والأخوات الذين انضموا للملتقى كانوا هم الأساس.. بل مثلوا الدافع لأن يكون العمل في تناول القضايا الشبابية منجزًا، ولهذا اهتممنا كثيرًا بالجانب الثقافي؛ ذلك أن الوعي بما يجب أن نقوم به من عمل يرسخ القناعات، ومن بين ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، كان لدينا نشرة شهرية أسميناها "شباب آخر"، وتعلم أنه في تلك المرحلة كان للنشرات الورقية أثرها كوسيلة تواصل ومختبر أفكار، ومع ذلك كانت بالتأكيد تتطلب جهدًا وعملًا وتفرغًا.. هذا مثال كما أشرت، لكن العمل لم يكن هينًا في كل اتجاهاته وأعني هنا ما كان يطمح إليه القطاع الشبابي، ومثاله هنا ما سعى له الملتقى لخفض سن الانتخاب إلى 18 عامًا لمنح هذه الفئة الحق في التصويت في الانتخابات النيابية والبلدية.

والأمانة التاريخية تقتضي أن أشير بكل تقدير للرعيل الأول من مؤسسي الملتقى، حيث كنا نشكل مجتمعين لا متفرقين سر نجاح الملتقى في مشروعاته المختلفة، ومن أبرز الأسماء: حسين الإسكافي وسيد عدنان جلال ومحمد أحمد العريض وسيد أمجد جلال وإيناس الفردان وعلي ميرزا السعيد وزينب الحلواجي وهشام محمد وابتسام الشنو وآخرون.

 

هل‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬تعدد‭ ‬الاتجاهات‭ ‬وظهور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬والملتقيات‭ ‬واللجان‭ ‬الشبابية‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬الأوضاع‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬الدعم‭ ‬المادي؟

الغائب: كنت وما زلت من الناس الذين يؤمنون بأنه في كل ميدان، أيًا كانت التغيرات والظروف، لابد من وجود خطط بديلة وأفكار نمزجها مع بعضنا البعض بتناغم إيجابي، وما أشرت إليه صحيح، فولادة مؤسسات أهلية شبابية أسهم في حدوث بعض الانقسامات والاستقالات والانتقال من هنا إلى هناك والعكس، غير أن ذلك الوضع يدفعك لوضع تكتيك جديد يتلاقى مع متطلبات المرحلة أو الظرف لكن بشكل علمي مدروس.

 

وهل‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الملتقى‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬جمعية‭ ‬ملتقى‭ ‬الشباب‭ ‬البحريني؟

الغائب: باعتبارها التجربة الثالثة للملتقى كما يصفها البعض، أي أننا هنا نتحدث عن مارس 2004، إذ تم إشهار التجربة الجديدة بانطلاقة جديدة واستقلالية وقدرة على مواجهة التحديات، ونجحنا في تقديم وجه جديد من التلاقي وتبادل الأفكار، ولمثل هذه الخطوات أثرها الفعال في استقطاب الشباب من الجنسين.

 

إذا‭ ‬لم‭ ‬تخن‭ ‬الذاكرة،‭ ‬كانت‭ ‬"حوارات‭ ‬الخريف"‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2013‭ ‬محطة‭ ‬مهمة‭.. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أهم‭ ‬الموضوعات‭ ‬آنذاك‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬وزارة‭ ‬للشباب‭.. ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬التجربة؟

الغائب: حوارات الخريف في ذلك العام تناولت محاور عدة، وكان الأساس هو فتح النقاش والتباحث مع كل القطاعات بشأن الواقع والتحديات والمرئيات المستقبلية، والبحث عن قواسم مشتركة وتقريب وجهات النظر، ثم لا نغفل الجانب المهم للمقترحات والأفكار التي ترفد لدعم الشباب سواء في الأندية أو المراكز أو على صعيد الشراكة بين القطاعين الأهلي والرسمي، فقد كنا وسنكون دائمًا في حاجة ماسة لتجديد البرامج الشبابية التي تتصل بالمستجدات والمتغيرات في حال رسم السياسات الوطنية.. بالنسبة لي كل التجارب مميزة وأعتز بها وأفخر بكل من عملت معهم، بل ونواصل العمل ونتمنى أن نرى كوادر شبابية تحمل أفكارًا ورؤى تسهم في التغيير نحو الأفضل دائمًا.