+A
A-

محللة بيانات فضائية شيماء المير

شابة‭ ‬بحرينية‭ ‬دفعها‭ ‬حبها‭ ‬للبحث‭ ‬والمعرفة‭ ‬لأن‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬اطلاع‭ ‬دائم‭ ‬على‭ ‬الأفكار‭ ‬الحديثة‭ ‬والمتطورة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬أما‭ ‬فضولها‭ ‬فكان‭ ‬الوقود‭ ‬لجعلها‭ ‬الآن‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬المبتكرين‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والذين‭ ‬نفخر‭ ‬ببراعتهم‭. ‬سخرت‭ ‬المبتكرة‭ ‬البحرينية‭ "‬شيماء‭ ‬المير‭" ‬طاقاتها‭ ‬الإبداعية‭ ‬لصالح‭ ‬مجتمعها،‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬مثلًا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭.. ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬صغر‭ ‬سنها‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬الكبار‭ ‬تحقيقه‭.‬

وفي‭ ‬مقابلتها‭ ‬مع‭ ‬"‭"‬أضواء‭ ‬البلاد"،‭" ‬تحدثت‭ "‬المير‭" ‬عن‭ ‬أبرز‭ ‬تفاصيل‭ ‬رحلتها‭ ‬الابتكارية‭ ‬وعن‭ ‬تجربة‭ ‬مجازفتها‭ ‬في‭ ‬برمجة‭ ‬أول‭ ‬مشروع‭ ‬ابتكاري‭ ‬لها،‭ ‬وكيف‭ ‬أن‭ ‬الدعم‭ ‬المعنوي‭ ‬الذي‭ ‬تلقته‭ ‬من‭ ‬جامعتها‭ ‬وأهلها‭ ‬أعطاها‭ ‬دفعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الثقة‭ ‬لبذل‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬المثابرة‭ ‬والجهد‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تحقيق‭ ‬ابتكارات‭ ‬جديدة‭ ‬مقبلة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬رد‭ ‬الجميل‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭.‬

أخبرينا‭ ‬مزيدا‭ ‬عن‭ ‬نفسك،‭ ‬من‭ ‬هي‭ ‬شيماء‭ ‬المير؟

أنا محللة بيانات فضائية أولى في الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء، تخرجت من جامعة "بوليتكنيك للبحرين" بتخصص تكنلوجيا المعلومات والاتصال، وحاليًا أدرس الماجستير في تخصص "نظم المعلومات الإدارية".. وأنا في طور مرحلة العمل على رسالة التخرج وبالطبع متعلقة بمجال التكنولوجيا والفضاء، وهو مشروع جديد سيحدث لأول مرة في المنطقة وسيصبح جاهزًا في شهر مايو بإذن الله، وحديثا انتهيت من برنامج سمو ولي العهد للكوادر الحكومية وكنت من الدفعة السابعة.

 

حبك‭ ‬لعلوم‭ ‬الفضاء‭ ‬بالتأكيد‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬من‭ ‬فراغ،‭ ‬فهل‭ ‬كان‭ ‬لطفولتك‭ ‬أثر‭ ‬في‭ ‬زرع‭ ‬وتنمية‭ ‬هذا‭ ‬الشغف‭ ‬بداخلك؟

حبي لم يكن متعلقًا بعلوم الفضاء بالتحديد لكن يمكنني القول إنه كان لدي فضول شديد في التعرف على آلية عمل الأجهزة الإلكترونية، فكلما رأيت شيئًا أسأل نفسي لما هذا الجهاز يعمل بهذه الطريقة مثلًا؟ ويعود الفضل لله ثم لأهلي؛ إذ كان لهم دور كبير في تنمية حب التكنولوجيا بداخلي منذ الصغر. لقد ساهموا بإدخالي للعديد من الدورات التكنولوجية منذ أن كان عمري 5 سنوات.. ولأن التكنولوجيا تستخدم في علوم الفضاء فهذا ما دفعني لأن أنطلق تجاه عالم الفضاء.

 

كيف‭ ‬كانت‭ ‬أولى‭ ‬خطواتك‭ ‬للغوص‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الابتكار‭ ‬والبرمجة؟

بداياتي انطلقت ما بين العامين 2018 و2019 عندما كنت في مرحلتي الأخيرة بجامعة "بوليتيكنك" وأعمل على مشروع تخرجي.. فتعاونت مع بنك البحرين الإسلامي وعملت معهم لمدة 4 أشهر تقريبًا، وما كان مطلوب مني هو أن اكتشف مشكلة يعاني منها بعض موظفي البنك وأساهم في اقتراح حل عليهم، حتى قدمت لهم ابتكارًا وهو الروبوت الذي يعمل كموظف لخدمة الزبائن، ومن هنا بدأ المشوار.. ويومًا عن يوم بدأت أحب مجال الابتكار لأنني كنت ألمس مردود الجهد الذي أبذله والدعم المعنوي الكبير الذي أتلقاه من عائلتي وجامعتي، فهذا ما كان يحفزني أكثر لأن أبتكر وأبدع.

بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الدعم‭ ‬المعنوي‭ ‬الذي‭ ‬تلقيته‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجامعة،‭ ‬هل‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أي‭ ‬دعم‭ ‬مادي‭ ‬لابتكار‭ ‬هذا‭ ‬الروبوت؟‭ ‬

لم أكن أحتاج للدعم المادي؛ لأن الروبوت كان موجودًا في البنك ولكن لم يستطع أحد أن يبرمجه، وهنا كانت تكمن الصعوبة؛ لأن تخصصي في الجامعة لم يكن "برمجة"، فعندما طلبوا مني أن أعيد برمجته طرأت فكرة على بالي وقلت لم لا يصبح هذا الروبوت حلًا لمشكلة يعاني منها جميع موظفي خدمة الزبائن وهي أنهم يجلسون لساعات طويلة يجيبون على نفس الأسئلة المتكررة لدى الزبائن، فالأفضل أن تصبح هذه المهمة وظيفة "الروبوت"، وبدورهم، سيتمكن الموظفون الآخرون من التركيز على أمور أخرى أو ابتكار مشروعات أخرى تصب في صالح عمل البنك.

 

من‭ ‬الجهة‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬لك‭ ‬الدعم‭ ‬والتسهيلات‭ ‬لتطبيق‭ ‬فكرتك‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع؟

هناك العديد من الجهات التي كان لها أثر في رحلة مسيرتي الابتكارية، ومن أبرزها بنك البحرين الإسلامي كونهم سمحوا لي ببرمجة الروبوت الموجود لديهم في البنك، وهذه مخاطرة بالنسبة لهم ولي أيضًا؛ لأنني كنت في ذلك الوقت مجرد طالبة، فوثوقهم بإمكاناتي هو ما دفعني لأنجح في هذا الابتكار، أما بالنسبة للجهة الثانية فهي الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء، فهي الجهة التي احتضنتني وقدمت لي بعثة لأدرس في هولندا لمدة 3 أشهر. وأخيرًا وليس آخرًا المجلس الأعلى للمرأة كونهم يدعمون النساء في شتى المجالات وكان لهم الدور الأكبر في تسليط الضوء علي.

كيف‭ ‬ترين‭ ‬خدمة‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬للبشرية‭ ‬في‭ ‬عصرنا‭ ‬الحالي؟

في عصرنا الحالي لن نستطيع أن نتخيل حياتنا من دون التكنولوجيا، فهي أصبحت محور الحياة الرئيس، ومن خلالها نستطيع أن نسيّر شؤون عملنا، وأبسط مثال على ذلك هو "الواتس أب" الذي سهل على الناس عملية التواصل بضغطة زر واحدة، فلا يمكن أن نتعايش الآن من دون هذا التطور الرقمي الذي وصل إليه الكون.

 

كيف‭ ‬تقيمين‭ ‬مستوى‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية؟

من وحي تجربتي الشخصية أرى بأن البحرين تقدم باستمرار دعمًا كبيرًا للأشخاص الذين يدرسون التكنولوجيا، وهذا يرجع لمدى إدراكهم بأهمية التوكنولوجيا في عصرنا الحالي، وكوني أعمل في الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء، فأكثر شيء نحرص على تطبيقه بطريقة متقنة هو مجال بحوثنا ودراساتنا العلمية.. فلا يمكن أن نبتكر أي مشروع قبل أن نقوم بإعداد بحث أو دراسة علمية عنه.

 

ماذا‭ ‬يحتاج‭ ‬المبتكر‭ ‬البحريني‭ ‬لتصل‭ ‬نماذجه‭ ‬للعالمية‭ ‬كون‭ ‬مملكتنا‭ ‬تزخر‭ ‬بطاقات‭ ‬شبابية‭ ‬إبداعية؟

سأخبرك شيئًا بكل صراحة.. لقد حضرت العديد من الاجتماعات الدولية وأبرهن لك بكل ثقة أن مشروعات الشباب البحريني شبيهة بمشروعاتهم وربما تفوق مستواهم أيضًا، فلا يوجد فرق بيننا وبينهم سوى أن إعلامهم القوي هو من استطاع أن يلقي الضوء على ابتكاراتهم.. أما من حيث الإبداع بالأفكار فنحن قادرون على إنجاز الأفضل.

 

ما‭ ‬الهدف‭ ‬الأكبر‭ ‬الذي‭ ‬تتطلع‭ ‬شيماء‭ ‬للوصول‭ ‬إليه‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬البعيد؟

بكل صراحة أتطلع مستقبلًا لأن أصبح مسؤولة في القطاع الحكومي في البحرين، ولكن على المدى القريب أطمح لأن أنهي درجة الماجستير وأبدأ الانتقال لمرحلة الدكتوراه.

 

من‭ ‬مثلك‭ ‬الأعلى،‭ ‬ولماذا؟‭  ‬

والدي بالطبع هو قدوتي؛ لأنه كان شخصًا مثابرًا وبدأ من الصفر واستطاع أن يكون نفسه بنفسه.. ودائمًا ما يقول لي إنني أشبهه إلى حد كبير في امتلاكي الإصرار والعزيمة والجرأة أيضًا، فأنا شخص أحب أن أخوض كل تجربة قد تخيفني لأكسر حاجز الخوف وأغامر.

 

هل‭ ‬تحبذي‭ ‬أن‭ ‬يتجه‭ ‬أولادك‭ ‬مستقبلا‭ ‬إلى‭ ‬مجال‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والتكنولوجيا؟

بالطبع، سأكون من أول المشجعين لهم، لكن بما أن عالم التكنولوجيا يتطور باستمرار فليس بالضرورة أن يتخصصوا في مجال الذكاء الاصطناعي بالتحديد، فهذا التخصص كان له هيبة أكثر قبل 3 سنوات، أما اليوم فالجميع يتكلم عن "الأمن السيبراني"، ولهذا السبب سأشجع أولادي على نقطة الابتكار وخلق أفكار مغايرة تساهم في تسهيل الحياة على الناس.

 

تمثلين‭ ‬اسم‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬أبرز‭ ‬الشركات‭ ‬التقنية‭ ‬ذات‭ ‬الصيت‭ ‬الرفيع،‭ ‬ولم‭ ‬يأت‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬حصادًا‭ ‬لثمار‭ ‬تعب‭ ‬دام‭ ‬سنينا‭.. ‬هل‭ ‬من‭ ‬توجهينها‭ ‬لكل‭ ‬شخص‭ ‬شغوف‭ ‬بالابتكار‭ ‬كونك‭ ‬عاركت‭ ‬أصعب‭ ‬تحديات‭ ‬هذا‭ ‬المجال؟       

النصيحة التي أرغب بشدة أن أوجهها لهم هي إقدامهم على المجازفة والمخاطرة، فجميعنا نشعر بالخوف والتوتر عندما نبدأ بالعمل على شيء جديد وغير مألوف وغير معتادين عليه، لكن إحساسك بالجرأة وعدم خوفك من الفشل هو نجاح بحد ذاته، وعلى سبيل المثال أنا عندما بدأت العمل على مشروع تخرجي ألا وهو روبوت "موظف خدمة الزبائن" كنت في أول 3 أشهر أشعر بأنني سأفشل، وكنت أعتقد أنني لن أنجح، ولكنني قلت ما الذي سأخسره إذا حاولت؟ لن أكلف شيئًا على أحد.