+A
A-

سقوط المطر أجمل بداية

بقلم معصومة عبدالعزيز 

 

واحد اثنان ثلاثة، بدأت المدرسة، أهلًا وسهلًا بأول أيام المدرسة، ومرحبًا بأيام الجد والاجتهاد، ما أحلى أيام العودة إلى المدرسة، وهنا تبدأ حكاية هناء التي انهارت وبكت من شدة الفرح. أخيرًا سوف ترى المدرسة بعد انقطاع سنتين، أخيرًا عاد إشراق المعرفة.. قبل المدرسة بيوم كان لهناء مزيج من المشاعر من توتر وفرح وخوف وسرور وارتباك وخجل ثم..

وإذا بصوت من بعيد يقول: حاولي وافشلي ولكن إياك أن تفشلي في أن تحاولي. وهنا أكثر من خمسين سؤالا كان في ذهن هناء، من أين هذا الصوت؟ وعن أي فشل يتحدث؟ ولكن فجأة شعرت هناء بطاقة تتدفق من جسدها وأمل وفرح.

 

ذهبت هناء لحديقة منزلهم الكبيرة وجلست تتأرجح وهي تفكر: من ذلك الشخص وماذا يعني بكلامه؟

بعد تفكير طويل عرفت هناء الجواب اليقين، كان يقصد ذلك الشخص أن كل الأمور سوف تكون جديدة على هناء، وربما تشعر بإحباط أو يأس أو ما شابه ذلك، لهذا طلب منها المحاولة في كل المصاعب التي ربما تواجهها في المدرسة وخارجها، ولكن من ذلك الشخص الذي وجه هذه الرسالة لهناء؟ ثم بدأ باب الحديقة الرئيسي يفتح شيئا فشيئا، ثم رأت هناء أخاها الذي لم تره منذ ست سنوات، فرحت هناء لعودته من سفره الطويل..

وفي اليوم التالي سألت هناء أخاها متى وصل إلى المنزل، فقال: في صباح الأمس، وأتى لرؤيتها عند الظهيرة، ثم ذهبت هناء إلى المدرسة. واجهت تغيرات كثيرة ولكنها فرحت بأول يوم في المدرسة، وتمر الأيام وأتت فترة الاختبارات، هنا بدأ التوتر والقلق على هناء مع أنها درست جيدًا.

 

ثم أتى الصوت من جديد ولكن بكلمات أجمل وهي: ليس كل سقوط نهاية، فسقوط المطر أجمل بداية.. وعاد الأمل وعادت الشجاعة لهناء، ولكن هذه المرة كان صوته مألوفًا عند هناء.

 

ثم تذكرت أن هذا الصوت صوت أخيها، ثم ذهبت لأخيها وسألته فأجاب: نعم أنا ذلك الشخص، كل الذي قلته لك قد قاله لي أخي الأكبر لمساعدتي، هنا كانت الصدفة بادية على وجه هناء، لأنه لم يكن لها أخ أكبر من أخيها هذا، وعندما تذكر أخ هناء بهذه الحادثة يبدأ بنثر دموعه، وبدأ بسرد الحكاية: قبل أكثر من عشر سنين مضت كان هناك لي أخ أكبر مني بسنة واحدة فقط، وفي أحد الأيام عندما كنت في الخامسة كنت أحاول عبر الشارع وكان معي والدي وأمي، حذراني وحاول كل منهما إنقاذي، ولكن كانت السيارة على مقربة مني، وهنا أتى أخي لحمايتي وقد توفي في ذلك اليوم الموحش.. بدأ كل من هناء وأخيها بالبكاء.. وفي صباح اليوم التالي ذهبت هناء إلى المدرسة وقدمت الاختبار وحصلت على العلامة الكاملة بفضل أخيها وعادت للمنزل وهي فرحة بعلامتها التامة وكعادتها جلست مع أخيها ليكمل لها الحكاية، ثم قال: كنت مثلك مرتبكا، وقال لي أخي هذه الجمل التي لن أنساها أبدا: لهذا يا هناء أريدك أنت كذلك أن تنجحي في المدرسة وتمضي أيام الاختبارات، وبالفعل نجحت هناء في المدرسة، وفرح كل من أمها وأبيها وأخيها.

 

وكتبت هناء في مذكراتها كل الذي حدث وكذلك دونت جملتين وهما: حاول وافشل ولكن إياك أن تفشل في أن تحاول.. والثانية هي: ليس كل سقوط نهاية، فسقوط المطر أجمل بداية.. ونصل لختام قصتنا.