+A
A-

بالدقائق الذهبية الأولى لا تقف مكتوف الأيدي

إعداد‭: ‬فاطمة‭ ‬عبدالله،‭ ‬حسن‭ ‬فضل‭ ‬

جميعنا‭ ‬مررنا‭ ‬بمواقف‭ ‬مختلفة‭ ‬لكنها‭ ‬كانت‭ ‬متشابهة‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة،‭ ‬فربما‭ ‬وقفت‭ ‬مكتوف‭ ‬الأيدي‭ ‬لا‭ ‬تعلم‭ ‬ماذا‭ ‬تفعل‭ ‬وأنت‭ ‬تشاهد‭ ‬طفلا‭ ‬يختنق‭ ‬بقطعة‭ ‬معدنية‭ ‬صغيرة،‭ ‬وربما‭ ‬تكون‭ ‬شاهدت‭ ‬حادثا‭ ‬مروريا‭ ‬ووقفت‭ ‬أيضا‭ ‬عاجزا‭ ‬أمامه‭ ‬وأنت‭ ‬ترى‭ ‬الدماء‭ ‬من‭ ‬حولك‭.‬

هي‭ ‬دقائق‭ ‬بسيطة‭ ‬لا‭ ‬تتعدى‭ ‬العشر‭ ‬تسمى‭ ‬الدقائق‭ ‬الذهبية،‭ ‬فإما‭ ‬أن‭ ‬تنقذ‭ ‬روحا‭ ‬أو‭ ‬تقف‭ ‬مكتوف‭ ‬الأيدي‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬وسيلة‭ ‬لإنقاذ‭ ‬هذه‭ ‬الروح‭.‬

ربما‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬الموضوع‭ ‬عاديا‭ ‬وليس‭ ‬له‭ ‬داع،‭ ‬ولكنك‭ ‬مخطئ؛‭ ‬فجميعنا‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تعلم‭ ‬أساسات‭ ‬الإسعافات‭ ‬الأولية،‭ ‬وجميعنا‭ ‬معرضون‭ ‬إلى‭ ‬مواقف‭ ‬قد‭ ‬نكون‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أبطالا‭ ‬ننقذ‭ ‬فيها‭ ‬أرواحا‭ ‬لتعود‭ ‬إلى‭ ‬بيوتها‭ ‬سالمة‭.‬

للإسعافات‭ ‬الأولية‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان،‭ ‬فبحسب‭ ‬ما‭ ‬ذكرته‭ ‬منظمة‭ ‬Medic‭ ‬first‭ ‬aid‭ ‬الأميركية‭ ‬وEFR‭ ‬البريطانية‭ ‬أن‭ ‬الإسعافات‭ ‬الأولية‭ ‬تمثل‭ ‬70‭ % ‬من‭ ‬العلاج‭ ‬إذا‭ ‬أجريت‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح‭ ‬وسريع،‭ ‬لذا‭ ‬يحتفل‭ ‬العالم‭ ‬باليوم‭ ‬العالمي‭ ‬للإسعافات‭ ‬الأولية،‭ ‬الذي‭ ‬يصادف‭ ‬9‭ ‬سبتمبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عام‭.‬

‭ ‬وتمثل‭ ‬الإسعافات‭ ‬الأولية‭ ‬أبسط‭ ‬أساسات‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬للمرضى‭ ‬أو‭ ‬المصابين‭ ‬بأي‭ ‬وعكات‭ ‬صحية‭ ‬مفاجئة،‭ ‬أو‭ ‬لدى‭ ‬تعرضهم‭ ‬لحوادث‭ ‬طارئة‭. ‬وما‭ ‬من‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬إسعافات‭ ‬طبية‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬بسيطة،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬يفترض‭ ‬ألا‭ ‬تكون‭ ‬اجتهادية‭ ‬أو‭ ‬عشوائية،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تخضع‭ ‬للظروف؛‭ ‬لأن‭ ‬الإسعاف‭ ‬الخاطئ‭ ‬للمصاب‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمتد‭ ‬تأثيراته‭ ‬السلبية‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬مضاعفات‭ ‬حادة‭ ‬وخطيرة‭ ‬قد‭ ‬تودي‭ ‬بحياة‭ ‬الشخص‭ ‬المصاب‭ ‬أو‭ ‬المريض،‭ ‬لذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدى‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬وعي‭ ‬بأهميتها‭. ‬

ويرتبط‭ ‬نشر‭ ‬مفاهيم‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬الأساسية،‭ ‬أو‭ ‬الإسعافات‭ ‬الأولية‭ ‬ارتباطا‭ ‬وثيقا‭ ‬بالثقافة‭ ‬الصحية‭ ‬لجميع‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬باعتبارها‭ ‬مهارة‭ ‬خاصة‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية؛‭ ‬فكل‭ ‬شخص‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬عمره‭ ‬وعمله‭ ‬وموقعه،‭ ‬معرض‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬مقدمات‭ ‬لمرض‭ ‬أو‭ ‬حادث‭ ‬ما،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تتوقف‭ ‬فيه‭ ‬السلامة‭ ‬والصحة‭ ‬والحد‭ ‬من‭ ‬المضاعفات‭ ‬والشفاء‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬كثيرة‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬إجراءات‭ ‬‮«‬الإسعافات‭ ‬الأولية‮»‬‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬الحالات‭ ‬الحرجة‭. ‬

وتشكل‭ ‬الإسعافات‭ ‬الأولية‭ ‬الحلقة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حلقات‭ ‬العناية‭ ‬الطبية،‭ ‬إذ‭ ‬تعتبر‭ ‬خطوة‭ ‬أولية‭ ‬وأساسية‭ ‬لسلسلة‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬اللاحقة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬أن‭ ‬تقلل‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الإصابات‭ ‬الخطرة‭ ‬وترفع‭ ‬احتمالات‭ ‬البقاء‭ ‬على‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ ‬للمصابين،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬زيادة‭ ‬الوعي‭ ‬المجتمعي‭ ‬بهذه‭ ‬المهارات‭ ‬وتشجيع‭ ‬الأفراد‭ ‬على‭ ‬تعلمها‭ ‬خطوة‭ ‬أساسية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الغرض‭. ‬

نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الوفيات‭ ‬أو‭ ‬المضاعفات‭ ‬التي‭ ‬تنتج‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الحوادث‭ ‬تحدث‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ«الدقائق‭ ‬الذهبية‭ ‬الأولى‮»‬،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تلي‭ ‬لحظة‭ ‬الإصابة،‭ ‬حيث‭ ‬تلعب‭ ‬سرعة‭ ‬البديهة‭ ‬وعدم‭ ‬الارتباك‭ ‬إضافة‭ ‬للتصرف‭ ‬المتزن‭ ‬السليم‭ ‬من‭ ‬الحضور‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬عاملا‭ ‬فاصلا‭ ‬بين‭ ‬الحياة‭ ‬والموت،‭ ‬وبين‭ ‬إمكان‭ ‬حصول‭ ‬عاهة‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬أو‭ ‬العودة‭ ‬للحياة‭ ‬الطبيعية‭. ‬وما‭ ‬تتطلبه‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬هو‭ ‬تقديم‭ ‬الإسعافات‭ ‬الأولية‭ ‬الأساسية‭ ‬بشكل‭ ‬صحيح،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬يشكل‭ ‬خطوة‭ ‬أولى‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬حياة‭ ‬المصابين‭ ‬والتخفيف‭ ‬من‭ ‬مضاعفات‭ ‬الحوادث‭ ‬التي‭ ‬يتعرضون‭ ‬لها‭. ‬هي‭ ‬مهارة‭ ‬ذاتية‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬لذا‭ ‬من‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬متفرجين‭ ‬أو‭ ‬مكتوفي‭ ‬الأيدي‭. ‬