العدد 1588
الإثنين 18 فبراير 2013
banner
هل الوفاق مسؤولة عن العنف؟ إبراهيم بوصندل
إبراهيم بوصندل
لمن كان له قلب
الإثنين 18 فبراير 2013

طالعتنا الصحف الصادرة بالأمس الأول بعدة بيانات من جمعيات سياسية وكتاب كلهم يحمّلون جمعية الوفاق ومن معها من جمعيات المعارضة مسؤولية العنف لدرجة أن إحداهن لوحت بالانسحاب من الحوار.
شاركهم في توجيه اللوم للوفاق ومن معها نواب وشخصيات سياسية وإعلاميون وكتاب صحافيون وبالتبع نشطاء وعامة أشكال وألوان. ولا شك أن هذا شعور المجتمعي له دلالاته وأسبابه وله وزنه أيضا.
لكننا نريد هنا ما هو أكثر من العاطفة، نريد أن نفكر بالمنطق السليم ولغة القانون، إذ هذا الاتهام للوفاق لا يخلو من حالين.
الأول أن يكون لدى هذه الجهات التي تدين وتلوم وتتوعد اثباتات وأدلة ثابتة تدعم إدانتهم؛ وإما أن تكون مجرد تخمينات وتحليلات عامة تراكمت دون أن تستند لأدلة ملموسة.
والاحتمال الثاني وهو الأرجح، لأنه لو كان لدى الدائنين ما يثبت لكان التصرف الصحيح هو تقديمها للجهات الأمنية المختصة لتتخذ حيالها ا?جراءات القانونية.
ثم هل يعقل أن يكون لدى المؤسسات المدنية والكتاب والنواب ما لا تعرفه وزارة الداخلية بأجهزتها المتخصصة ومصادرها الموثوفة.
لذلك نحن ندين الشخصيات السياسية والأشخاص الذين تم القبض عليهم وتم عرضهم على النيابة ثم على القضاء وحقوق الإنسان واللجان والجهات المختصة.
كما ندين الجمعيات السياسية التي أوقفت الدولة نشاطاتها ونقول هؤلاء كانوا ذي صلة بالعنف ومخالفة القانون بناء على أدلة الجهات الأمنية والقضائية نحوها.
أما مجرد اتهام الوفاق وتيارات المعارضة بأنهم يقفون خلف العنف؛ فيلزم من هذا القول إن الجمعيات السياسية والكتاب والإعلاميين والنشطاء.. الخ.. يعلمون ما لا تعلمه الداخلية.
أو يلزم منه - وهو أخطر - أن تكون الداخلية ومن خلفها الحكومة تعلم بضلوعهم في العنف أو التحريض أو التمويل؛ لكنها تغض الطرف أو تتساهل أو تداهن وهذا غير جائز.
ارحموا عقولنا إذا وبلادنا، إذ طالما بقيت الوفاق ومن معها جمعيات مرخصة لم توجه لها النيابة ولا الداخلية أي تهم، وطالما ظل زعماؤهم أحرار طلقاء يمارسون السياسة داخل وخارج البحرين، فلا ينبغي علينا أن نكون داخليين أكثر من الداخلية.
لست هنا في مقام إدانة الوفاق ومن معها أو تبرئتهم والدفاع عنهم، بل أطالبهم أن يدينوا جميع أشكال العنف وبكل قوة وصراحة.
لكن التأكيد وطلب إدانة العنف والتبرؤ منه أمر، ومطالبة البعض لهم بوقف العنف أمر آخر. إذ لو تعهدوا بوقف العنف كما يطالبهم البعض؛ لكانوا إذا يدينون أنفسهم ويعترفون بأنهم وراء العنف.
هذا لا يعني بالمناسبة أن الوفاق ومن معها غير مستفيدة من العنف لتعزيز مواقفها وإظهار نفسها كبديل عن الفوضى والخراب والدمار، وهم مخطئون ?ن العنف لا يمكن أن يؤدي لخير، وقد ينقلب عليهم أنفسهم.
الخلاصة - ومع احترامي ?غلبية من يطلقون الاتهامات - فإن الكرة في ملعب الحكومة، وعلى الجهات المختصة أن توجه الاتهامات الرسمية المدعومة بالأدلة والحجج والبراهين، وما دامت لم تفعل بعد، فلا معنى للاتهامات والتراشق.
على صعيد آخر؛ لابد لنا جميعا - بما في ذلك المعارضة بكل أطيافها ورموزها الدينيين والسياسيين- أن ندين العنف بكل أشكاله، ولابد من التكاتف لوأد التطرف والإرهاب.
كلما زاد العنف في البحرين كلما قرب الفرج، لأن هذا النوع من العنف إنما يكون حيلة العاجز اليائس. وهو ما يجمع الناس في الداخل والخارج على رفضه ورفض مطالب من يقبع خلفه وعزلهم ومحاربتهم ?نهم بتطرفهم وعنفهم إنما يضرون عامة الناس.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .