العدد 2276
الأربعاء 07 يناير 2015
banner
هل مازلنا في حالة الصدمة؟ أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 07 يناير 2015

لابد للبحرين وبصورة سريعة وفوق المعتاد أن تفكر بالخروج من نفق الركود والجمود من مشية السلحفاة وهي الحالة التي خلفتها المحاولة التخريبية المستمرة التي حان الوقت للدولة لأن تعمل خارج المألوف وبإيقاع غير مسبوق لتعويض خسارة المرحلة الماضية التي تراخت فيها كل القوى رسمية وشعبية، وإذا كنا غير راضين عن التشكيلات النيابية والشورية والوزارية ولا تلبي طموحاتنا فإنه يكفي وجود سمو الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء حفظه الله على رأس الحكومة لتتحرك البحرين خارج الجمود والركود  وسموه بما تركه من بصمات على المنجزات والمكاسب في السنوات الماضية تكون البحرين قادرة على النهوض والانتفاض والعودة لتتربع على قمة المنجزات فقط لو خلصت كل النيات وحفزنا القطاعات المختلفة على العمل للخروج من حالة الصدمة.
المدارس والمستشفيات ومحطات الطاقة ووسائل المواصلات والحدائق والإشارات المرورية ورصف الشوارع وغيرها من الخدمات حلم وطموح كثير من الشعوب الفقيرة والمحرومة وغير القادرة حتى اليوم على توفير هذه الخدمات، هل تصدقون أن هناك شعوبا مازالت حتى اليوم تذهب بأبنائها سيراً على الأقدام عشرات الكيلومترات وأن هناك شعوبا كثيرة محرومة من المياه النظيفة والكهرباء، وهناك دول وشعوب لا توجد لديها شوارع ولا طرقات حتى داخل عواصم هذه الدول، مع كل ذلك ينعصر قلبي وأنا أرى التخريب والتدمير المتعمد طال هذه المنشآت عندنا، حتى وصل الأمر لتدمير بعض المدارس وتخريب مكيفات الهواء بالإضافة الى مقاعد الطلبة والمستشفيات التي يصبح الوصول اليها في بعض الليالي أمرا مستحيلاً وكأننا في بلد كالصومال ومع ذلك فلا الجمعيات السياسية ولا النواب ولا دعاة المساجد وخطباء المآتم قاموا بالدور التوعوي ولا الأهل تحركوا لإنقاذ مكتسباتهم التي هي في النهاية تعود اليهم.
إذا كانت حجج المخربين هي التعبير عن قضية فما هي القضية أخبرونا، وإذا ما افترضنا أن هناك قضية مهما كان حجمها ومهما كانت قوتها هل تبرر تدمير المنشآت التي هي ملك للجميع  بمن فيهم هؤلاء الذين قاموا بالتخريب، فالمستشفى والمدرسة وسيارة النقل ومحطة الكهرباء والشارع وإشارة المرور هل هي وسيلة تستخدم للاحتجاج أم هي وسيلة للعيش والحياة.
كنا قبل عشر سنوات نشتكي من عدم وجود برلمان فوجد. وكنا قبل عشر سنوات نشتكي من عدم وجد نقابات ووجدت، كنا قبل ذلك نقول لا توجد حرية صحافة فها هي خمس صحف يومية تنشر كل ما يدور فماذا كانت النتيجة؟ أسوأ من الأمس؟ إذا الخلل عرفناه، فما الحل؟
حتى في الدول التي عانت من احتلال الأجنبي في الحروب لم تقم الشعوب بتدمير هذه الوسائل رغم أن قوات الاحتلال في تلك الدول كانت تستخدم هذه الوسائل فمحطات القطارات في أوروبا التي كانت تنقل خلالها القوات النازية معداتها، كانت المقاومة هناك تفكر مليون مرة قبل أن تتخذ قرارا بشأن تلك المحطات وكانت مولدات الطاقة والجسور والمستشفيات التي كانت تخضع لسيطرة المحتل محل حماية من قوات المقاومة فأية قضية وأية عقلية وأي منطق يقول بتخريب ممتلكات الشعوب وهي ثروات ومصادر تعود الى الشعوب نفسها؟
هناك خلل في الوعي وفي التربية وفي الثقافة التي للأسف بدأت تسود وتصبح جزءا من الثقافة اليومية وأشد ما نخشاه هو ان يكون الزمن قد مر على امكانية معالجة هذه المسألة حين تتجذر في عقول ووجدان الجيل الحالي، وأخطر ما يتهدد مجتمعنا اليوم ان تصبح ثقافته ثقافة عنف كتلك التي دمرت دولا عربية وإفريقية وآسيوية من دون أن تتحرك نخبها ولا مثقفيها ولا دعاتها الى فعل الصواب وهو الوقوف في وجه هذه الأعمال.
خلاصة القول، كيف يوجد إنسان يقنعني بأن له قضية يعبر عنها بحرق ما يملكه، هل ننتظر أن نخسر كل ما بنيناه ثم نتحدث عن بناء؟
الدولة لابد لها أن تتحرك وإلا ما فائدة الوزراء والنواب والشورى وجيش الموظفين الرسميين إذا لم ننهض ونكسر الجمود، لقد شبعنا من الاحتفالات والأغاني و”الردح” وكثرة الكلام وحان وقت العمل الذي أراه حتى الآن خجولاً ولم يصل لمستوى إطلاق الكفاءات والطاقات المحبوسة بداخل آلاف المواطنين التواقين للعمل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .