العدد 5725
الإثنين 17 يونيو 2024
banner
احمد عبدالله الحسين
احمد عبدالله الحسين
خربشة ومغزى.. "صاحب صدوق.. الكرم سجيته"
الأحد 26 مايو 2024

خلجات لَاحَت، وانطباعات انداحت عن صاحب صدوق الكرم سجيته. عنوان يكتنز محامد صفات، ومثله نجوم في فضاء دنيانا التي تتلاطم أمواجها بمناقب ومثالب، وخير وشر. إضاءة الأخيار تندب الأمل والذِكْر. طوبى لهؤلاء الذين يعطون معنى للصداقة وحميمية الأخوة. هم توفيق ونعمة يأنس الإنسان بوجودهم ويتعضد بثقتهم ومشورتهم. تلك صحبة لها ذرى، وفي وثاقها خلوص محبة أهل النُهَى، عجبا لمثل هؤلاء تحنّ إليهم وأنت ترى، وتشكو النَّوى إذا طرا. نِعْمَ الصاحب الصدوق تُلازم رفقته وعشرته، قيل؛ الصدوق صيغة مبالغة تُطلق لدائم الصِّدق، ومعدنه صافي؛
تَغَرَّبْتُ أَسْأَلُ مَنْ عَنَّ لي
من الناس هل من صديق صدوق 

أما الكرم فهو سجية وسلوك دلالته واسعة المعاني، ومدارات الكرم تتنوع لأي عطاء وأفعال ومنها؛ إطعام وضيافة القريب والبعيد دونما منّة أو تفاخر، ومن الكرم ما يُقَّدم للغير من بشاشة واستهلال وجه ودماثة خُلق، وكذلك إيثار الوقت وإعطائه لقضاء حوائج الناس، وشفاعة لفك كُربة وعون لغريم. 

التالي انطباعات ارتسمت مع أحدهم فيها ما دفعني لهذه الكتابة، وهذا مُعاش ضمن علاقات سائرة بين الناس، تتكرر ما دام الخير في البشر يدوم. لا مُراد من الكتابة إطراء مديح بُغية قرب، إنما هو بوح لشحذ همّة لقدوة صفات، ولنا في مندوحة إبي فراس الحمداني وصف يليق؛
لي صَديقٌ عَلى الزَمانِ صَديقي 
وَرَفيقٌ مَعَ الخُطوبِ رَفيقي 
لَو تَراني إِذا اِستَهَلَّت دُموعي 
في صَبوحٍ ذَكَرتُهُ أَو غَبوقِ 
أَشرَبُ الدَمعَ مَع نَديمي بِكَأسي 
وَأُحَلّي عِقيانَها بِعَقيقِ

صاحبنا باسط يد كريم طبع، منزله يجمع أصحاب دونما انقطاع، يُبادر ويتفقد حالهم، ولا ينسى غائب منهم. يحتفي وينتقي ما يجلب سرور. موائد عامرة عنده دونما هدر، ورحابة دونما تكلف. مجلس جاذب يخفف أكدار، ترتمي فيه مُلح حديث تُضيف سمر يحلو.

من طباعه يحمل ورق نقدي بمحفظته يكثر، فإذا سار في شارع يتوقف يعطي ولا يُبقي من بالنظافة يهْتمّ وينهّم. يفعل مثلها في الأسواق والمجمعات، حتى يأتي إليه من عرفه ومن لا يعرفه. سجية تُلازمه وحظ يوافقه. 

التهادي عنده خصله تأصلت سواء في مواسم ثمار وتمور، أو ما كان نادرا ومرغوبا، يجلبها من مصادرها ويبعث بها هدايا لمن حوله، ومن له رباط معه فتصل عديد منهم قريب وبعيد. يفعل هذا وصل ووفاء. ومعروف أن التهادي جالب محبة، بل هو سجية كرم حتى يقول قائلهم؛
إن الهدية حلوة
كالسحر تجتلب القلوبا
تدنى البعيد من الهوى 
حتى تصيره قريبا

أما الشفاعة وبذل جهد للغير يفعلها وكأنها له، لا يملّ متابعه وتكرار محاوله فيما هو ممكن. سعي مفتوح وممنوح. ولا أخال الصديق وصفه إلا بهذا؛
رأيت وجه مستهل 
وبالدعاء مبتهل
وللآخرين يعتمل 
هكذا هو 
للغير عنده حضور 
يحملهم قلبه 
وهو مسرور 
تعجب لفأله
وتعبه ووصله
لا يبتغي 
حمدا ولا شكورا 
الا ثوابا مأجورا 
شغف 
ابتذر عنده وابتدر
وعلا ساقه بِقَدر 
حتى تغصّن فيه 
وأصبح شجر 
وتدنى منه قطف ثمر
عند المحبين وقر   
الأقوال والأعمال
عند الله لها 
سجل مكتوب 
وتنمو كسنابل  
تتضاعف عدود
فطوبى لمن تحلى 
بمحامد صفات 
وخلوص نية وثبات
وحمدا لله وشكر 
لكلّ صحبة وظفر 

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية