نبدأ بسؤال: هل الموظف في القطاع العام أو الخاص مُبدع ادارياً؟
يذهب الموظف بشكل عام كل يوم لعمله ليؤدي مهامه الإدارية بشكل متكرر أي أنه يصبح "عمل روتيني" وبعد فترة من الزمن وطبعاً يعتمد على شخصية يصبح هذا الموظف وطبيعة وظيفته جزء لا يتجزأن منه، فيقوم المجتمع بوضعة في إطار أو بلورته في صورة ذهنية معينة تتلاءم مع أسلوبه وتعامله واخلاقه وممارساته اليومية مع ذلك المجتمع.
من هنا ننطلق بمفهوم الابداع الإداري والذي اصبح اليوم من المواضيع المهمة والتي تجتذب المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، حيث اصبح طلباً أساسيا لمتطلبات التغيير والنجاح في المنظمات، وأن هذا الإبداع الإداري يمكن أن ينفرد به شخص دون غيره من اقرانه في العمل، حيث هذا الإبداع يكون في بعض الأحيان فطري أو مكتسب وهو قابل للنمو والتطوير ويمكن تعلمه والتدريب عليه مثله مثل أي مهارة أخرى تود إضافتها لمهاراتك الشخصية، وإن مفهوم الإبداع في اللغة هو ابتداع الشيء أو أنشأه على غير مثال، ويقصد به إبتكار شيء جديد ذو قيمة مضافة، وأيضا يراه أخرون هو القدرة على التنبؤ بالمشكلات أو التحديات التي قد تطرأ أثناء التعامل مع قضايا واحداث جديدة في بيئية العمل.
وهناك خصائص للإبداع الإداري وسنعرض بعض منها وهي:
أولاً، الإبداع بمعنى التمايز، وهو الإتيان بما هو مختلف عن الأخرين في نفس سوق الصناعة مثال من بيئتنا المحلية (benefit bay) و (bwallet) حيث طورت " بنفت بي" كل المتطلبات لتصبح محط أنظار جميع أفراد المجتمع فأصبحت اليوم أداة لا يمكن الاستغناء عنها في مجال المدفوعات المالية من أغلب شرائح المجتمع في مملكة البحرين.
ثانياً، وهو الإتيان بشيء جديد، سواء على المستوى الجزئي أو الكلي في قبال الحالة الحالية القائمة وهو مصدر متجدد من أجل المحافظة على حصة المنظمة في سوق الصناعة مثل (Talabat- طلبات) و (Carriage- كاريدج) والتي اضافت الأخيرة إمكانية تتبع الطلب مع إضافة الكثير من السلع يمكن توصيلها للزبائن، حيث أدت هذه الإضافات إلى قيام شركة ديليفيري هيرو الالمانية (Delivery Hero) المالكة لتطبيق (طلبات) على تقديم عرض لشرائها (استحواذ) لشركة كاريدج بمبلغ نحو 200 مليون دولار تقريباً.
وهنا يبرز دور الإبداع للوصول إلى الفرص غير المكتشفة حالياً والتي تقع فيما يسمى باستراتيجية المحيط الأزرق (Bule Ocean Strategy)، وهو يمثل نمطاً جديداً للإبداع الذي يستند على قراءة جديدة للحاجات والتوقعات وفي نفس الوقت هي رؤية خلاقة لإكتشاف قدرات جديدة لهذا المنتج أو هذه الخدمة من خلال خلق طلب جديد يلبي إحتياجات المجتمع من خلال توفير سلع وخدمات بمواصفات غير متاح حالياً مثل تطبيق (مجتمع واعي) وتطبيق (صحتي) وتطبيق (eTraffic) ومنصة "تواصل" ومؤخرا تم اطلاق المنصة الوطنية الموحدة التجريبية لتطبيق "مواعيد" وهي احد ابرز المبادرات التي فازت بمسابقة الإبتكار الحكومي (فكرة)، حيث تُعنى بالأمور التي تتطلب الحضور الشخصي إلى مركز الخدمة، هذا وقد أدت هذه التطبيقات إلى طفرة نوعية في متابعة الملف الشخصي للمواطن والمقيم في أغلب شؤونه الحياتية وتضعه في الصورة المطلوبة وهي تساعد في تحسين جودة الحياة لديه.
في الوقت الراهن فإن الإبداع ينتج من خلال التطور التكنولوجي والذي يساعد هذه المنظمات على تحقيق أربعة أمور وهي:
زيادة ربحية المنظمة من خلال تقليل التكاليف.
تحسين الإنتاج أو الأداء والمحافظة على وقت المستفيد من هذه الخدامات وفي نفس الوقت زيادة الشريحة المستفيدة والذي يؤدي ليزيد في إيراداتها ويقلل من هدر الوقت.
تقليل تكلفة الرقابة ومتابعة الأعمال أي يكون مؤشر الجودة دائماً حاضراً.
توفير قنوات للتغذية الراجعة للأصحاب القرار لتصبح في أعلى المستويات وذلك لحل المشكلات أو التحديات التي تواجه المستخدمين إن وجدت.
الموظف المبتكر لا يتوقف دورة على أداء عمله فقط ، إنما دورة أكبر وأشمل من ذلك في إبتكار حلول يراها هو ولا يراها غيره وذلك بسبب إلمامه بأصغر التفاصيل والتي يمكن دمجها مع أمور أو اجراءات أخرى أو استبعادها من عمليات لعدم صلاحيتها في الوقت الحالي، والذي سوف يؤدي لأن تكون المنظمة توفير خدمات ذكية وذات جودة عالية تنعكس بشكلٍ مباشر أو غير مباشر على المؤسسة والمستفيد وتقوم بتحسن جودة حياته، وهذا يتجلى في المبادرات الحكومية في دعم الإبداع والإبتكار(فكرة – مسابقة الإبتكار الحكومي) كنهج ثابت للكوادر الوطنية للمساهمة بأفكارها وحلولها الخلاقة لكي تتخطي تحديات الثورة التكنلوجية وسعيها المستمر لإستشراف فرص المستقبل.
* باحث وأكاديمي بحريني
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |