في الغالب وعند قيادة السيارة دائماً ما يكون قائدها مهتم بلوحة القيادة (Dashboard) مثل مقياس درجة الحرارة ومستوى الوقود ومستوى ضغط الإطارات ومستوى الزيت وغيرها من مؤشرات، كل هذه المؤشرات هي عبارة عن علامات توضح إذا كان هناك قصور جوهري أو ثانوي، وهذا الأمر يشبه الأداة الاستراتيجية التي سوف نستعرضها، حيث لا يُعتبر مقياس نجاح المنظمة اليوم مُرتكزاً على إيراداتها من أموال فقط، وإنما من خلال عملية تكامل محتوى بطاقة الأداء المتوازن (Balance Scorecard)، علماً بأن هذه الأداة تصلح لأغلب المنظمات سواء كانت هدفة للربح أو غير هادفة للربح وذلك لاستمرار استدامتها.
في تسعينيات القرن المنصرم ظهرت أداة جديدة لقياس وتقييم الأداء المؤسسي تحت مسمى بطاقة الأداء المتوازن من خلال كلٍ من Robert Kaplan & David Norton، من جامعة هارفرد في عام (1992)، حيث تلعب هذه الأداة دوراً مهماً للغاية في ترجمة رؤية ورسالة المنظمة وقيمها وتحويلهم إلى أهداف تشغيلية ومؤشرات لقياس الأداء الذي يُمكِّن المنظمة من تقييم أدائها بشكل دقيق ومتكامل، وتقوم أيضاً على تحسين عملية جودة الأداء في البيئة الداخلية للمنظمة وكذلك البيئة الخارجية لها من خلال أربعة أبعاد اساسية وهي: البُعد المالي وبُعد العملاء وبُعد العمليات الداخلية وبُعد التعلم والنمو.
ويرتبط بكل بُعد من أبعادها مجموعة من المحاور التي تقيس فاعلية هذا البُعد، وهي الأهداف، والمؤشرات، والمعايير، والمبادرات. وسوف نشرح بشكل مختصر هذه الابعاد:
1- البُعد المالي: ويقيس ربحية إستراتيجية المنظمة مالياً، حيث أنَّ تخفيض التكاليف المتعلقة بالمنافسين والجهات الأخرى تؤدي إلى تحقيق وتعزيز المركز المالي للمنظمة ويزيد من هامش الأرباح، كما أنَّ هذا البُعد يُمثل المحرك الأساسي للمبادرات الإستراتيجية التي تمارسها المنظمة.
2- بُعد العملاء: ويُحدد قطاعات السوق المستهدفة الحالية والمستقبلية. ويقيس نجاح المنظمة في قطاعات السوق لتتحكم المنظمة في أهدافها ونموها وتطويرها على صعيد البيئتين الداخلية والخارجية.
3- بُعد العمليات الداخلية: ويقيس كفاءة العمليات الداخلية في المنظمة من خلال المعايير الموضوعة والمعدة مسبقاً للتأكد من كيفية إتمام الأعمال، ومدى تواؤم المنتج أو الخدمة المقدمة مع متطلبات الزبائن. إذ على المنظمة العمل على تصميم هذا البُعد بعناية فائقة من قِبل مختصين ذوو كفاءة وعلى دراية تامة بالعمليات الداخلية.
4- بُعد التعلم والنمو: يهتم هذا البُعد بتدريب وتطوير العاملين في المنظمة، ويقوم على دمج مواقف العاملين الثقافية مع تطور المنظمة على حدٍ سواء، حيث أنَّه يُوجِّه العاملين إلى الاهتمام وتطوير أنفسهم بشكل مستمر للإستفادة من المخزون المعرفي والمناخ التنظيمي والذي يتماشى مع المتغيّرات والتطور التكنولوجي.
وهناك متطلبات لتطبيق بطاقة الأداء المتوازن وأيضا هناك عوامل مؤثرة بشكل مباشر وأخرى بشكل غير مباشر عند تطبيق بطاقة الأداء المتوازن على المنظمة المقترحة، ومن هذه العوامل ما يلي:
1- مساندة ودعم الإدارة العليا من خلال توفير البيانات والمعلومات وكذلك توفير البيئة الملائمة لتطبيقها بشكل مرن وبدون معوقات.
2- بيان الهدف من بطاقة الأداء المتوازن وتوضيح العلاقة فيما بينها وبين المشاريع المرتبطة بعمليات التطوير في المنظمة.
3- تكوين مجموعة من الموظفين الأكفاء لتأسيس وتنفيذ برنامج بطاقة الأداء المتوازن، بحيث تكون ممثلة عن المنظمة بشكل عام.
4- تصميم بطاقة الأداء المتوازن على أساس إستراتيجية المنظمة، ويراعى عدم إستيرادها من منظمة أخرى بما لا يتناسب مع المنظمة.
5- تعريف المقاييس بوضوح وبشكل متوافق كي لا تؤثر عليها الآراء الشخصية قدر الإمكان، وتوضيح التوازن وعلاقة السببية في النتيجة بين المقاييس.
6- وضع الأهداف لكل مقياس من حيث الرؤية والرسالة للإستراتيجية الشاملة.
7- أن تكون بطاقة الأداء المتوازن وسيلة شاملة للرقابة وتقييم للإستراتيجية، لذا يجب أن تتسق مع الأنظمة الأخرى الموجودة للرقابة مثل الميزانيات والتقارير والأنظمة المحفزة. وفي نفس الوقت إذا كانت المنظمة غير هادفة للربح يتم إضافة بُعد خامس وهو بُعد البيئة والمجتمع وهو بُعد يهتم بالتنمية المستدامة ويمكن أن يتوسع ليشمل أهدافها 17 هدف.
ولكي تكون المنظمة رائدة وقادرة على تحقيق رؤيتها ورسالتها وأهدافها فهي مطالبة بأن تكون مخرجات كل هذه الأبعاد متوازنة ومتواءمة مع بعضها البعض.
وسوف يتبادر لنا بعد قراءة هذا المقال السؤال التالي: هل يوجد في منظمتنا لوحة قيادة (Dashboard)، وهل مقياس نجاحها الأساسي هو إيراداتها من أموال أو هناك مقاييس أخرى؟
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |