+A
A-

الأب يكسب حكما بالحضانة... والأبناء رفضوا الانتقال لبيته... فهل يدفع النفقة؟

ما الموقف القانوني والشرعي من أب حصل على حكم قضائي بحضانة ولده، ولكن الأخير لم ينتقل لبيت الأب.. هل الوالد ملزم بالنفقة على ولده المقيم لدى والدته؟

محكمة التمييز الشرعية أجابت عن هذا السؤال من خلال قضية نظرتها في جلسة عقدت بتاريخ 8 يناير 2020. وأرست مبدأ وجوب نفقة الأب على ولده؛ لأن نفقتهم تعتمد اليد الممسكة، ومعناها تكفل الحاضن بالنفقة حتى تتزوج البنت وحتى يصل الابن للحد الذي يتكسب فيه أمثاله.

ملخص القصة

والدة 3 أطفال أقامت دعوى أمام المحكمة الصغرة الشرعية السنية ضد طليقها. وطلبت الآتي:

- 300 دينار شهريا.

- 600 دينار سنويا كسوة العيدين.

- 300 دينار سنويا للقرطاسية.

- 200 دينار شهريا أجر المسكن.

وحصلت الأم على حكم قضائي بالحضانة وبفرض النفقة على أبيهم. ولكن بعد ذلك صدر حكم آخر بحضانة أبيهم للأطفال وبإسقاط النفقة المفروضة لهم إلا أن الأبناء امتنعوا عن تنفيذ الحكم وظلوا مقيمين مع والدتهم وتتولى هي الإنفاق عليهم رغم أن نفقتهم على أبيهم.

أقامت الأم دعوى ونقضت حكم أول درجة ثم لجأت لمحكمة التمييز الشرعية.

حيثيات الحكم

قالت المحكمة إن نص المادتين 46 و62 من قانون الأسرة تنص على أن النفقة حق من حقوق المنفق عليه وتشمل الطعام والكسوة والمسكن، وأن نفقة الولد الصغير الذي لا مال له تجب على أبيه حتى تتزوج البنت وحتى يصل الابن إلى الحد الذي يتكسب فيه أمثاله.

وذكرت المحكمة أن المقرر بأن النفقة تعتمد اليد الممسكة ولا يشترط للمطالبة بها أن يكون بيد الطالب حكمًا بحضانته للأبناء ما دام هو من يتولى الإنفاق عليهم.

ولفتت المحكمة إلى أن البين من الأوراق أن الأبناء الثلاثة مازالوا تحت يد الطاعنة (والدتهم) ولم ينتقلوا للإقامة مع أبيهم بعد صدور حكم بضمهم إليه، وأنهم فقراء لا مال لهم وبمراحل التعليم، ومن ثم فإن نفقتهم تجب على أبيهم.

 

المحامي محمود ربيع يشرح حيثيات حكم محكمة التمييز الشرعية

ليد الممسكة تعني حق الأم بالنفقة لأن الصغير في يدها

طلبت صحيفة البلاد من المحامي محمود ربيع تقديم إضاءة قانونية عن حيثيات حكم محكمة التمييز الشرعية المنشور بعدد اليوم:

النفقة حق من حقوق المنفق عليه وتشمل الطعام والكسوة والمسكن وما يتبع ذلك من تطبيب وخدمة وغيرها مما يقتضيه العرف.

ومن المقرر شرعا والثابت حكما أن الأب مكلف بالإنفاق على من ولاه الله عليهم لقوله تعالى (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَل ُاللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)، ولقول النبي (ص) (خذي من ماله ما يكفيك ويكفي بنيك)، واستنادا لنصوص المواد (46، 47، 62) من قانون أحكام الأسرة الصادر بمرسوم رقم 19 لسنة 2017.

وحيث إن العلاقة الأبوية تترتب عليها آثارها الشرعية، ومنها شمولية النفقة، وهي مقدرة بالاجتهاد القضائي المنظور فيه حالة الوالد عسرا ويسرا زمانا ومكانا وعوائدَ مع الأخذ في الاعتبار مراعاة جميع الأطراف عملاً بالقاعدة الفقهية  “لا ضرر ولا ضرار”.

اليد الممسكة

من المقرر شرعا أن نفقة الصغير تعتمد اليد، فتكون نفقة الصغير لمن يكون الصغير في يده بمعنى أن صاحب الحق في المطالبة بالنفقة هو من يكون الولد تحت رعايته وفي كنفه وهو يتولى رعايته، وإذا انتهت مدة الحضانة للصغير ومع ذلك ظلت الحاضنة ممسكة بالصغير، فإنه يثبت لها الحق في تقاضي النفقة.

ولاية الإنفاق تعتمد اليد الممسكة وأن للحاضنة ولاية المطالبة بنفقة الصغير ممن تجب عليه، مادام الصغير في يدها وبالتالي فإن مناط أحقية الحاضنة في قبض نفقة الصغير هو وجوده في يدها؛ لأنها مقررة للصغير تدور مع وجوده في يد ممسكه، فإن زالت اليد فعلاً زال الحق في قبض النفقة وانتقلت إلى ذي اليد.