+A
A-

من حجم المساحة إلى الإرهاب: لماذا لا تزال صورة المسلمين غير دقيقة

رغم تزايد الأدوار، فإن صورة الإسلام على شاشات التلفاز العالمية لا يزال محسوره إلى حد كبير حول الإرهابيين والنساء المضطهدين، موضوع تناولته صحيفة الجارديان الإنجليزية عبر موقعها الإلكتروني مؤخرا، وكتبت التالي:

في العام 2017، ألقى الممثل والناشط ”ريز أحمد“ الفائز بجائزة إيمي كلمة في البرلمان عن التنوع على الشاشة، وقال: “إن التمثيل ليس إثارة مضافة لأي عمل بصورة عادية؛ لأن ما يبحث عنه الناس هو رسالة ينتمون إليها، وبعد فترة وجيزة تم تأسيس اختبار لكلام  ”ريز” ومعاييره ما إذا كانت الشخصيات في البرامج التلفزيونية أو الأفلام قابلة للتحقق من تعريفها للمسلمين، ثم ما إذا كانت هذه الشخصيات إرهابية؛ أو غاضبة على نحو غير منطقي، أو مناهضة للحداثة، أو تهديد للقيم الغربية، أو حالة من حالالت لشخصية نسائية مضطهدة من قبل شخصيات ذكور، وإذا كانت الإجابة “نعم”، فقد فشل الاختبار!

في خطابه تساءل أحمد: “أين السرد المضاد؟ وكيف وأين نخبر الأطفال عن الأقلية المسلمة المهتمة بالفن بأنهم قادرون على العمل كأبطال في القصص”. فالبرغم أن أعداد المسلمين الذين يتم تمثيلهم على شاشات التلفاز أكثر من أي وقت مضى، فيبدو أن التمثيل ليس كالمدينة الفاضلة السهلة التي تصور كثيرون أنها ستكون كذلك. فالفوارق البسيطة غير متوفرة، والتمثيل القائم يميل إلى الوجود الموجه نحو الذكور، وأصبح الفارق في الهوية الإسلامية يقدم بصورة خانقة أكثر. يقول ”نور حلبي“، المحاضر في قضايا العرق والهجرة والحركات الاجتماعية في جامعة ”ليدز“، إن تمثيل المسلمين في وسائل الإعلام والترفيه يؤكد “موقفهم كعدو دائم ومستحيل”، مع التركيز بشكل خاص على الإرهاب. ثم تُعزى استحالة إلحاق الهزيمة بهذا العدو المفترض إلى سلوكه الانحرف والتلاعب ــ على سبيل المثال، الحارس الشخصي، حيث تتوقف المؤامرة التي يقوم بها الاستعراض على الشخصية الإسلامية الكذب حول تعاطفها حتى النهاية“. والواقع أن واحدة من أبرز الأدوار التي قامت بها امرأة مسلمة في هيئة الإذاعة البريطانية في السنوات القليلة الماضية كانت في فيلم “ثريلر” الذي صدر في العام 2018، وفي البداية تثبت هذه السلسلة أن نادية ضحية تحتاج إلى إنقاذها من زوجها الإرهابي، لكنَّ تطورا يكشف أنها في الواقع العقل المدبر للإرهاب. ولقد فاز البرنامج بجائزة ”بافتا“، وتم ترشيحه لجائزة ”إيمي“، وهي عبارة عن اعتراف من كل من هاتين المؤسستين على تشويه صورة المسلمين، وقد تزيد من خطر الإصابة برهاب الإسلام، بعيدا عن القوالب النمطية الخطيرة.

فيلم نتفلكس Bard of Blood من بطولة النجم ”شاروخان“ يعرض فيه المسلمين في الدور الافتراضي الذي يلعبه الإرهابيون. وحتى البطل الخارق الخيالي الذي يتمتع به أهل الأمازون يظهرون للفتيان، حيث يقاتل الحرّاس ضد أولئك الذين يسيئون استغلال سلطتهم، ويتهمون المسلمين على نحو مروع باعتبارهم تهديدا للقيم الغربية وغيرها من الأعمال.

أصبح مشهد خلع الحجاب الآن بمثابة لفتة متكررة في الفيلم والتلفزيون لإظهار رفض المرأة المسلمة للعقيدة الدينية وتبني الحريات الغربية، لقد استخدم فريق الدراما الإسباني في فيلم ”هونور“ أو ”شرف“ من فريق نيتفليكس في مشهد رئيسي منه، نرى ”نادية“، وهي تدخل إلى نادٍ بعد أن خلع غطاء الرأس أو الحجاب، قبل أن تذهب إلى شرب الكحول وغيرها من الأمور غير الأخلاقية!

التمثيل يعتمد على من يسيطر على السرد، وكثيرا ما يبدو أنه لا يشارك فيه مبدعون مسلمون، وفي العام الماضي واجهت قناة ”أبل” التلفزيونية ردود فعل مماثلة برغم كتابتها من قبل ”مينهال بايج“، التي أسندت الفيلم إلى تجربتها الشخصية كمراهقة باكستانية مسلمة، وفي الفيلم يحاول الفيلم تصوير حياة خاطف مسلم باكستاني أكثر تعقيدا، وهو يتنقل عبر عقيدتها وثقافتها. ورغم أن الفيلم يشكل جهدا طيبا، إلا أنه يقع في مكان ما بين محاولة التغلب على هذه الصورة النمطية، واللعب بها. في نهاية الفيلم تقرر ”هالة“ إزالة الحجاب، أو الشعور بأنها كانت تناضل في ارتدائه. وفي نهاية المطاف، فإن قدرا كبيرا من هذا النوع من سوء التمثيل يأتي في مرتبة السلطة وراء التلفاز الذي نشاهده، وكما تقول ”آمنة سليم“، كاتبة سيناريو في إذاعة بي بي سي الرابعة، عن امرأة اسكتلندية باكستانية تحاول الإبحار عبر أسرتها، ومهنتها وصديقها الأبيض: “في بعض الأحيان يتعين علينا أن نبدأ بالأنماط النمطية التي قد تختلط بالجمهور ثم نتراجع عنه”. أما عن تجربتها في هذا المجال، فإنها تقول إن الصورة “المتجانسة” لا تزال سائدة، وقد أظهرت لها الحاجة إلى التنوع من وراء الكواليس: “ربما نحتاج إلى شطب هذه الانماط؛ حتى يتسنى لفئة جديدة من الكتاب أن تدخل وترسم بصماتها“.

هناك بطبيعة الحال بعض العروض التي تتعارض مع كل ذلك، ومن بينها إنتاج هولو الكوميدي ”رامي“، الذي يدور حول جيل أول من المسلمين العرب الأميركيين الذين يناضلون من أجل إيجاد التوازن بين إيمانه وهويته كأميركي، بعد الحادي عشر من سبتمبر. ولكن، على الرغم من قصته المدروسة، فقد تعرض العرض للانتقاد لعدم تقديم نفس المستوى من تطوير الشخصية لشخصيات الإناث كما يفعل الرجل. والواقع أن دينا شقيقة رامي تشعر بالإحباط بشكل مستمر بسبب الطبيعة المفرطة التي يتسم بها أبواها، في حين يُسمَح لشقيقها بالمساحة اللازمة للنمو والاستكشاف. وكمشاهدين، فإننا لا نرى بعد هذا الإحباط، في حين يُسمَح لشخصيات ذكرية صغيرة بالحرف الفرصة للنمو والتعقيد.

ربما في السنوات المقبلة سننظر إلى هذه العروض ونرى كيف تحسنت الأمور من حيث إن الهويات الإسلامية أكثر تعقيدا وأكثر من ثنائية الأبعاد. ولكن في الوقت الحالي لا نستطيع أن نكتفي بهذا ـ وخاصة في حين تظل صناعة التلفزيون على نفس القدر من النشاط، حيث يصف 1 % فقط من محترفي صناعة التلفزيون أنفسهم بالمسلمين، في مقابل 16 % ممن يعرفون على أنهم مسيحيون.