+A
A-

طوق يبحر بتاريخ الأوبئة برمضان

الدولة العثمانية أخفت ومنعت التدوين عن طاعون حلب بالقرن الـ 18

 

فقد شهر رمضان المبارك هذا العام الكثير من تفاصيله وغادرته طقوس وعادات جُبل الناس على ممارستها، فاستطاعت جائحة فيروس كورونا أن تغير من تفاصيل هذا الشهر واختلفت واختفت كثير من معالمه في العبادات والعادات. فهل دون تاريخ المسلمين رمضان في زمن الأوبئة؟

يسرد أستاذ التاريخ والجغرافيا حسين طوق لـ “البلاد” مقتطفات من تاريخ المسلمين مذكورة في كتب التاريخ وأحداث مشابهة لما نعيشه اليوم في زمن الكورونا وتعامل المسلمين في شهر رمضان مع تلك الأوبة في أزمنة مختلفة.

يقول طوق إن ذاكرة التاريخ سجلت العديد من الأوبئة ودونت كتبه لحالات المسلمين في البلاد العربية والإسلامية خصوصا وتأثير الأوبئة عليهم في شهر رمضان.

طاعون مسلم بن قتيبة

يذكر أن المصادر أرخت أوبئة في أزمنة مختلفة يذكر منها أن طاعون رمضان في العصر الأموي كان في العام 131 هـ، بدأ في البصرة بالعراق وذروته في شهر رمضان، ويقول الباحث أحمد العدوي عن الطاعون إنه كان يحصد في كل يوم بالبصرة ألف جنازة.

ويتابع “سمي هذا الطاعون بطاعون مسلم بن قتيبة، وهو أول من مات به، حتى أن بعض المؤرخين والباحثين يعتقدون أن طاعون رمضان 131 هـ من أسباب سقوط دولة الأمويين على يد العباسيين، وهذا الطاعون الذي فتك بأهل حرّان منتقلا من العراق وقتل كثيرا من جنود آخر خلفاء الدولة الأموية مروان بن محمد”.

الطاعون الجارف

ويواصل طوق سرده التاريخي “سجلت المصادر التاريخية أوبئة في عصر المماليك أبرزها الطاعون الجارف وكان بسنة 749 هـ وأرخه المؤرخ الكبير المقريزي في كتابه السلوك في تاريخ الملوك، وأورد أن المجاعة حدثت قبل شهر رمضان واستمرت إلى آخر شوال من ذات العام.

ويكمل “وكما لعب فيروس كورونا في الاقتصاد يذكر المقريزي عن الكساد الذي ساد بسبب هذه المجاعة فيقول في كتابه: هذا وقد توقفت أحوال الناس من قلة المكاسب لشدة الغلاء وعدم وجود ما يقتات به، وشح الأغنياء وقلة رحمتهم، ومع ذلك لم يزدد أجر العمال من البنائين والفعلة والحمالين ونحوهم من أرباب الصنائع بل استقرت على ما كانت عليه قبل الغلاء، فدفع الفقراء والعمال والحرفيون الثمن جوعا وموتا”.

ويقال إن هذا الطاعون قضى على نصف سكان الكرة الأرضية بما فيها مصر، وينقل المقريزي أن المجاعة عمت في البلاد بسبب موت الفلاحين وتعطلت المصانع وسميت أيضا بـ “سنة الفناء” وفي أوروبا بـ “الموت الأسود” ويرد أنه انتقل من أوروبا للبلاد الإسلامية.

طاعون رمضان

في كتاب آخر للمقريزي “هوامش المقريزي” يؤرخ طاعونا آخر في عهد المماليك وكان في رمضان 903 هـ، ويذكر أنه طاعون شاع بين الطبقة العليا، حتى أن اللصوص والنهابين والقتلة اعترفوا بذنوبهم خوفا من الطاعون وطلبوا الاستغفار.

طاعون حلب

ويسترسل أستاذ التاريخ حسين طوق في استعراض الحوادث التاريخية المشابهة ويشير إلى أنه ورد في المصادر التاريخية طاعون حلب في الدولة العثمانية، مبينا “وكما في العصر الحالي نسمع اتهامات بأن مجموعة دول تخفي حقيقة الأرقام الإصابات بالوباء وعدد الضحايا، فالتاريخ أيضا يسجل حوادث مشابهة فيرد أن الدولة العثمانية أخفت ومنعت من التدوين عن طاعون حلب في القرن الثامن عشر”.

العزل المنزلي

ويشير طوق إلى أن من ضمن إجراءات وقرارات الدولة العثمانية كان الاعتكاف في البيوت، وهو شبيه بما نمر به في أزمة كورونا الحالية والحجر المنزلي.

الكوليرا ورمضان

ويكمل “تتكلم بعض المصادر التاريخية أنه في العام 1855 م عم وباء الكوليرا في المغرب حتى أنه بلغ الموتى 100 في اليوم الواحد”.

ويذكر أنه “وفي بداية شهر رمضان من العام 846 هـ اجتاح وباء الكوليرا العراق وساد الرعب والجوع وهذا ما نقله الدكتور علي الوردي في كتابه (لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث).

الكوليرا ورمضان حديثا

ويتابع “الكوليرا من الأوبئة أيضا التي تنتشر بين فينة وأخرى وسجلها تاريخ العصر الحديث، ففي أربعينات القرن الماضي اجتاح وباء الكوليرا مصر في شهر رمضان وألغيت احتفالات “شم النسيم”، أما الإجراءات التي اتخذت حينها فكانت إغلاق الأسواق التي تتشابه مع ما نعيشه اليوم مع فيروس كورونا المستجد.