+A
A-

السفير الساعاتي: صمنا 20 ساعة بروسيا ولم نكسره بالإفطار بتوقيت مكة حسب فتوى مصرية

الساعاتي:

لأول مرة بحياتي أقضي شهر الله خارج البحرين

من بين الفتاوى أن نفطر بنهار رمضان ونقضيه بفصل الشتاء

المسلمون الروس كرماء وموائدهم عامرة باللحوم

زوجتي طباخة ماهرة وتتفرغ برمضان للإبداع

 

سفير البحرين بروسيا، النائب الأسبق، أحمد الساعاتي يشارك قراء “البلاد” يومياته الرمضانية من خلال تجربة الصيام بخارج دياره لأول مرة بحياته، وكيف أمضى ساعات الصيام الطويلة بموسكو، التي تصل إلى 20 ساعة يوميا، دون التفات لفتاوى تكسر الصيام بأعذار مختلفة.

بعد الانتهاء من الحوار مع الساعاتي، قررت إلغاء كتابة الأسئلة، والاكتفاء بأجوبته، لأن القارئ فطن، لاستنباط السؤال من الإجابة.

 

الصيام 20 ساعة

- عندما أصبحت سفيرا للمنامة في موسكو، فإنني قضيت أول تجربة في حياتي بإمضاء شهر رمضان خارج البحرين. وصلت إلى روسيا بالعام 2015، وكانت فترة الصيام بموسكو طويلة جدا، وتصل لقرابة 20 ساعة.

تشرق الشمس قرابة الساعة 1:30 ليلا، وتغيب قرابة الساعة 11 مساء، وكان ذلك في أواخر شهور الصيف.

كان شهرا صعبا مع رغبة التأقلم بالإقامة في روسيا، وتأمين المواد الغذائية بهذا الشهر، وكنت أجلب التموين من البحرين لطبخ الوجبات الشعبية البحرينية مثل الهريس واللقيمات والبلاليط، وغيرها.

فطورك هو سحورك

- صمت الشهر الفضيل بأول عام دبلوماسي لي بسهولة ويسر؛ لأن الجو معتدل. كانت درجة الحرارة صيفا لا تتجاوز 20 درجة مئوية. وكنت منهمكا بالعمل بالسفارة طيلة اليوم وأعود للبيت بوقت متأخر عند قرابة الساعة 7 مساء.

وأقضي وقتي بالتسوق أو قراءة القرآن الكريم أو القراءة العامة أو مشاهدة البرامج التلفزيونية لحين حلول موعد الفطور.

وفي روسيا، فإن فطورك هو نفسه سحورك! لأنه بمجرد إفطارك تكون متخما، ولا تستطيع أن تتناول وجبة أخرى، وأكتفي بشرب الشاي والماء لحين حلول وقت الإمساك.

 

فتاوى الإفطار

- في السنوات التالية لإقامتي في روسيا، فقد تأقلمت مع ساعات الصيام الطويلة بشهر رمضان، واستمعت لفتاوى عديدة، وأبرزها من مشيخة الأزهر الشريف، وبعثوها لي، وتجيز امساكنا بتوقيت روسيا، ونفطر بتوقيت مكة المكرمة. وسار على هذه الفتوى السفير المصري السابق بموسكو وعدد من الإخوة، ولكنني لم أفطر بناء على هذه الفتوى؛ لأنني لم أعتد على الإفطار وأنا أشاهد قرص الشمس بالسماء، أيّ عند قرابة الساعة 6 مساء.

وبالنسبة لي لا يوجد فرق بانتظار غروب الشمس بروسيا عند الساعة 10 أو 11 مساء، أي أنها مجرد ساعات قليلة، ويمكنني مواصلة الصيام والصبر لحين حلول موعد غروب الشمس.

كانت توجد فتاوى أخرى مثل أنه يمكننا ألا نصوم، وقضاء الصيام في فترة الشتاء، حيث يكون الوقت أقصر بين الإمساك والإفطار، وشخصيا لا أستطيع ذلك؛ لأن مثل هذا الأمر سيشعرني بالذنب، فكيف لي الإفطار بأيام شهر رمضان المبارك، وما لهذا الشهر الفضيل من قدسية.

الحمد لله استطعت مع العائلة استكمال الصيام لمدة 4 سنوات متتالية منذ تواجدي بروسيا. وستكون هذه سنتي الخامسة بالصيام في روسيا، وساعات الصيام أقل حاليا، إذ نفطر عند قرابة الساعة 8 مساء، والإمساك يحل عند قرابة الساعة 3 فجرا.

 

موائد اللحوم

- يوجد في موسكو قرابة 5 ملايين مسلم، ولكن لا تشعر بأجواء شهر رمضان بالعاصمة، ولكن بالجمهوريات الاسلامية بالاتحاد الروسي، والتي يصل عددها لقرابة 25 جمهورية، فإن لديهم مكاتب تمثيلية في روسيا، وكل جمهورية تقيم ليلة أمسية إفطار بمقرها، وتدعو أبناء الجالية بموسكو والسفراء ورجال الدين.

وتشمل الأمسية برنامجا دينيا، ثم إفطارا جماعيا للحضور. هذه من الفعاليات المميزة والتي أتاحت لي مشاركة إخوتي بروسيا والجمهوريات الاسلامية بالأمسيات الجميلة.

واغتنمت سفارة المنامة في موسكو هذه الأمسيات لتقديم هدايا بسيطة مثل المصاحف وغيرها لمقرئي القرآن الكريم.

وما يميز هذه الأمسيات أنها تجعلك تلتقي ثقافة بلد إسلامي، ويشمل ذلك ثقافته بالتعامل مع الشهر الفضيل ووجباته التراثية.

ولاحظت أن موائدهم الرمضانية تغلب عليها اللحوم طوال العام، وهم من أكثر شعوب العالم التي تأكل اللحوم. وتوجد أطباق عديدة من اللحوم ولا يتناولون الرز. وما يميزهم صفة الكرم الشديد، وموائدهم عامرة بأصناف وكميات كبيرة من الأطباق الغذائية.

 

صلاة التراويح

- في 23 سبتمبر 2015 تصادف افتتاح الجامع الكبير بموسكو مع بدء فترة وصولي لسفارة المنامة. الجامع يعتبر الأكبر في أوروبا، ويتسع لقرابة 35 ألف شخص، ويمتلئ بالمناسبات الدينية، وتقام به صلاة التراويح، وأحاول مشاركتهم الصلاة بين فترة وأخرى.

في زيارتي للجامع أحرص على اللقاء بسماحة رئيس مجلس شورى المفتين لروسيا ورئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية المفتي الشيخ راوي عين الدين، وهو صديق ومحب لمملكة البحرين.

وأحيانا أزور الجامع الآخر بموسكو، حيث يوجد بالعاصمة جامعين فقط.

مصلى القوقازيين

- ألتقي مع عدد من رجال الأعمال المسلمين من جمهوريات القوقاز، والمقيمين في روسيا، ويتميزون بتخصيص ركن صغير ببيوتهم كمصلى، وألبي أحيانا دعوتهم للإفطار.

أجري لقاءات مع زملائي الدبلوماسيين العرب والمسلمين في روسيا، ويوجد لقاء شهري للدبلوماسيين، ولكن في شهر رمضان نلتقي بشكل اجتماعي لأكثر من مرة بشكل ودي، سواء بالجلوس في مقهى أو بالبيوت.

 

غبقة للطلبة

- أحرص على تواصلي مع الطلبة البحرينيين في روسيا، وعددهم غير قليل. وعندما وصلت السفارة بالعام 2015 كان عددهم 50 طالبا، وحاليا زاد العدد الى 140 طالبا. وترتب السفارة للطلبة فعالية “الغبقة” الرمضانية، ولكن العقبة الوحيدة أن الوقت في روسيا يكون متعذرا لتنظيم “الغبقة”، إذ يعني تنظيم هذه الأمسية بوقت متأخر من الليل، أيّ قرابة الساعة 11 مساء أو 12 بعد منتصف الليل، وهو ما يتقاطع مع التزاماتهم الجامعية باليوم التالي.

 

زوجتي طباخة

- زوجتي خديجة السيد طباخة ماهرة، وتعشق صنع الحلويات، وتتفرغ بشهر رمضان في الإبداع بالمطبخ، وتطبخ جميع الأنواع، وسفرة البيت بالشهر الفضيل رمضانية بحرينية 100 %، ولا يطبخ خارج القائمة الرمضانية المعروفة.

الثريد والهريس واللقيمات والخنفروش وكل أنواع الأطباق البحرينية تكون حاضرة على المائدة.

لله الحمد مائدة البيت عامرة بفضل رب العالمين، ولأن زوجتي تسعى لأن تنقل الأجواء البحرينية الرمضانية بالبيت.

ونتابع تلفزيون البحرين دائما، ومن أجمل المشاهد سماع رفع أذان المغرب على شاشة تلفزيوننا الوطني. وأتابع مسلسلات قناة “ام بي سي” وقناة القرآن الكريم، وغيرها من القنوات.

أفتقد الأجواء الرمضانية البحرينية في روسيا، وطبيعة العمل تقتضي الالتزام بالواجب الدبلوماسي والمهني. ووسائل التواصل الحديثة تقرب البعيد بشكل أكثر.