+A
A-

رد الجميل للدولة.. تجارب خارجية

تأجيل إيجارات سكان أبراج البحيرات في دبي

معامل تحليل خاصة تقدم خدماتها بالمجان دون استغلال للظروف

“خليك في البيت” علاج وحيد لمواجهة الفيروس

 

لقد أتاح المشروع الإصلاحي لحضره صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى ملك البلاد المفدى حفظه الله للجميع آفاقا رحبه وفرصا غير مسبوقة للعمل والتجارة وزياده حجم الأعمال وأسس لمجتمع اقتصادي ضخم جعل من البحرين وجهة أساسية لكل المؤسسات المالية والشركات الدولية وفتح العالم على البحرين مثلما فتح البحرين على العالم، وهو ما أدي لزيادة أحجام هذه المؤسسات والشركات وزياده رؤوس أموالها لوجود بيئة اقتصادية صحية سليمة عبر نظام اقتصادي حر شجعها على ذلك.

وجاء اليوم الذي يرد فيه هؤلاء الجميل للدولة ويقفوا معها لمواجهه فيروس كورونا المستبد والمستفز والمستجد مثلما فعلت دول كثيرة في العالم بما يؤكد المبادرات الأهلية فى هذه الدول لمساعدة دولها على مواجهة الفيروس.

ففي دول كثيرة عربية وغير عربية تم تفعيل الشراكة المجتمعية والمبادرات الأهلية لمساعدة المؤسسات الرسمية على مواجهة الفيروس وآثاره الاقتصادية، ففتحت حسابات بنكية يتبرع فيها كل المواطنين وخاصة رجال الأعمال والقادرين لتكون تحت يد الدولة والمؤسسات الصحية، بحيث تستخدم هذه الاموال للإنفاق على تكلفة مواجهة هذا الفيروس والآثار الاقتصادية المترتبة عليه، والتي لم تكن واردة في ميزانيات وزارات الصحة في هذه الدول وتكون هذه الأموال جاهزة يمكن الاستفادة منها وقت الأزمات الطارئة.

كذلك، فان المدارس الخاصة في عدد من هذه الدول قد بدأت في مبادرات لإلغاء الرسوم الدراسية الخاصة بالفصل الثاني تزامنا مع تعليق الدراسة في كل المؤسسات التعليمية وحتى لا تمثل ضغطا اقتصاديا ضخما على أولياء الأمور الذين يعملون في مهن خاصة والذين أصبح من الصعب عليهم تسديد مثل هذه الرسوم لاسيما وأن من يرصد تطور هذه المؤسسات التعليمية الخاصة يجد أنها في نمو اقتصادي مستمر نتيجة الارتفاع المطرد لرسومها ونتيجة الإقبال المتزايد على التعليم الخاص الذي يدرس مناهج أجنبية، وهو ما أدى لتضخم رؤوس أموالها أضعاف ما بدأت به خلال السنوات الماضية.

ونظرا لأن إيجارات المباني السكنية والإدارية تمثل جزءا كبيرا من معاشات الأفراد ورواتبهم، فقد سعي كثير من ملاكها إلى إعفاء السكان من هذه الإيجارات لمدة ثلاثة شهور لمساعدتهم على تجاوز التأثيرات السلبية الشديدة لكورونا على اعمالهم وتجارتهم، وقد أخذ بهذا التوجه كثير من الملاك في الإمارات، ومنها أبراج البحيرات في دبي.

وفي دول أخرى تم وضع الكثير من المباني الخاصة وبعض الفنادق على أهبة الاستعداد لتكون جاهزة في خدمة الدولة، بحيث إذا احتاجتها لاستخدامها في الحجر الصحي لبعض المواطنين والمقيمين تكون جاهزة لهذا الغرض دون مقابل مادي؛ ذلك لأن الضغط على المستشفيات ربما لا يساعد طاقتها الاستيعابية على تلبية هذه الأعداد كذلك، فان كثيرا من المستشفيات الخاصة ومعامل التحاليل وضعت نفسها أيضا في خدمة الدولة لتساعدها على تقديم هذه الخدمات الطبية المتعلقة بكورونا بالمجان لا أن تستغل الظروف وتستفيد منها ماديا من منطق مصائب قوم عند قوم فوائد. والقضية الأهم عند مستوردي السلع الغذائية والخضروات الذين استمروا في تدبير السلع بالأسعار نفسها التي كانت موجودة قبل وجود هذا الفيروس حتى لا تزداد أسعار السلع التي يكثر طلب الجمهور عليها، حيث إن من الواجب توفيرها بأسعارها السابقة حتى لا يشعر المواطن بتحرك في الأسعار نتيجة هذه الظروف خاصة وأن هذه الدول لم تتخذ من الإجراءات الخاصة بالاستيراد ما يؤدي لارتفاع أسعارها.

كما اتخذت بعض البنوك المركزية في دول عديده قرارات تتعلق بتأجيل كافة القروض لمده 6 شهور وقد تبنت حكومتنا الرشيدة هذا الطرح عبر سياسات المصرف المركزي لتخفيف الآثار الاقتصادية لكورونا على المواطنين بجانب أن دولا أخرى قدمت خدمات بنكية عديدة بالمجان سواء التحويلات المالية أو رسوم الصراف الآلي أو تخفيض سعر الفائدة وغيرها من المعاملات البنكية تيسيرا على المواطنين والدولة في هذه الدول؛ لمواجهة الآثار المترتبة على كورونا.

وفي دول أخرى تم وضع المصانع في خدمة الدولة وإستراتيجيتها في مواجهات الفيروس، فهناك دول وجهت مصانع السيارات لإنتاج أجهزة التنفس الصناعي، بل وتنازلت بعض المصانع حن حقوق ملكيتها لتتيح لمصانع أخرى إنتاج هذه الأجهزة لسد العجز العالمي في هذه الأجهزة وفي دول أخرى وجهت مصانع الملابس لإنتاج الكمامات (الماسك) وأخرى زادت من صناعة المنظفات والمعقمات ورابعة وجهت مصانع البلاستيك لصناعة القفازات اليدوية (الجلافز) بأسعار مناسبة تلبيه للمتطلبات التي فرضتها هذه الظروف، ناهيك عن مبادرة شركات الأدوية ومستورديها لتدبير كافة الأدوية اللازمة بالأسعار العادية وتوصيلها للمواطنين في المنازل تلبيه لشعار “خليك في البيت” الذي اهتدت إليه كل دول العالم كعلاج وحيد لمواجهة هذا الفيروس.

والسؤال الذي يطرح نفسه في النهاية هل يمكن للمواطنين والمقيمين أن يساعدوا الدولة على تجاوز هذه الأزمة بالبقاء في البيت؟ وهل يمكن لأصحاب الأعمال أن يستفيدوا من هذه التجارب العربية والدولية ويسرعوا في تقديم مبادرات أهلية لمساعده المواطنين والدولة على مواجهة هذا الفيروس وإثاره الاقتصادية؟ فالمواطنون هم جمهورهم الذي ساعد على زيادة أموالهم باستهلاك سلعهم والسكن في مبانيهم والدولة وقفت مع الجميع وشجعتهم في نمو أعمالهم ووفرت لهم البيئة الصحية السليمة التي ساعدتهم على ذلك، فهل آن الأوان أن يرد الجميع الجميل للدولة؛ حتى تستطيع تجاوز هذه الظروف التي يمر بها كل دول العالم بدلا من نقف مراقبين منتظرين، ولسنا مساهمين فاعلين؟