+A
A-

علي الغرير... اهتدى بشلال الضوء وعمل بعينين صامدتين للنور

لقد قبل الفنان الراحل علي الغرير التضحية بكل جرأة وشجاعة، فكان له الفضل الأكبر في ربح المعركة وانتشار اسم الممثل البحريني في كافة أنحاء الوطن العربي، فيكفيه فخرا انه نال لقب أشهر فنان كوميدي بحريني محبوب في تاريخ الحركة الدرامية والفنية عامة، واعتبر كما “قال لي شخصيا” كل ما حدث أروع قصة يمكن ان تحدث له.

فالغرير اهتدى بشلال الضوء الذي يبهر وعمل بعينين صامدتين للنور، ورحل عن عالمنا وهو يقدس فنه الراقي ويصونه.

أجريت لقاءات عديدة مع رفيق دربي الفنان الغرير، وكل لقاء كان مثل حرارة صخر التلال، ولكني اقتطفت بعض المحاور التي بها قسط من الصراحة والجرأة؛ بغية حمل الفن وإنعاشه والصعود به.

حينما سألته (رحمه الله عن) عيوب الساحة الفنية قال:

أبرز عيوب الساحة الفنية في البحرين عدم الاستمرارية، ففي السابق كان المخرج احمد يعقوب المقلة يقدم أعمالا تراثية، والمخرج محمد سلمان يقدم برامج للأطفال، وجمال الشوملي يقدم اعمالا اجتماعية.

صحيح كانت اعمالا قليلة ولكنها كانت اعمالا ناجحة، واشتهرت في دول الخليج بصورة كبيرة، لقد طبقنا في ذلك الوقت مقولة “ماقل ودل”. اما الآن فالوضع قد اختلف، وارجع وأقول ان المنتج المنفذ تسبب في أشياء كثيرة، فالمنتج المنفذ عندما يعطيه التلفزيون مثلا 100 ألف دينار للعمل، يضع في جيبه 50 ألف دينار ويشتغل بالباقي.

وعن الإحباطات في طريق الفنان أجاب:

الاحباطات في طريقنا كثيرة، ولو تكلمت عنها لتعبت ونحن في البحرين نقتنص فرصة العمل في مسرحية او مسلسل لنعمل وننسى تلك الاحباطات، نعمل لأننا نعشق الفن، وعندما نقف أمام الكاميرا او على خشبة المسرح نقف بكل قوة وعزيمة وإصرار، ومن أجل المشاهد وإسعاده دون أي اعتبارات مادية.

وكان شجاعا في التعبير رحمه الله حين سألته: الى متى سيبقى الفنان البحريني الأقل أجرا في الخليج:

قال: سيبقى هذا الحال الى يوم القيامة والسبب المسؤولون عن الفن. في السابق كان التلفزيون هو الذي ينتج أعمالنا، وبالتالي وضع اجرا ثابتا للفنان البحريني لم يتغير لغاية اليوم، ومن ثم جاء المنتج المنفذ بعد ان وضع المسؤولون رجلا فوق رجل للراحة، “تبهدلنا” مع المنتج المنفذ في البحرين بهدلة لم يسبق لها مثيل ابدا، فالحقوق ضائعة والمعاناة مستمرة، بل اصبحنا مثل “الطراروة” أمام أبواب المنتج المنفذ الذي يعمل من دون مشرف ولا رقيب ولا احترام للفنان.

وعن صناعة النجم في البحرين.. أجاب بالمفهوم المطلق:

نمتلك طاقات لا توجد في بقية دول الخليج، وبإمكان هؤلاء أن يصبحوا نجوما ولكن السؤال المهم.. هل يستطيع الفنان ان يصبح لوحده نجما من دون أي مساعدات؟ ابدا.. صناعة النجم بحاجة الى المادة، والى مؤسسة خاصة، وأيضا الى الاستمرارية في الاعمال وكذلك فريق عمل يساعده في الظهور والسطوع، بمعنى فريق متكامل. الفنان البحريني فنان يتحدى الصعاب، وينجح في تحديه، ولكن عدم استمراريته يجعله لا يبلغ النجومية سريعا.

أتنصح الشباب بشيء؟

أنصحهم بعدم التسرع وأي شخص يود الدخول الى مجال التمثيل سنضعه في عيوننا وعلى رأسنا، ولكن بشرط، ان يكون عنده سنع وليس ضالع بالتمثيل فقط يحترم الكبير ويقول له كلمة “أستاذ” حتى لو كان مبتعدا عن الساحة، يجب ان نحترمه لأنه مؤسس، والجميع يمشي على خطاه. والشي الأهم الذي يجب ان يعرفه الجيل الجديد هو حسن الاختيار وعدم التخبط.

رسالة أخيرة؟

رسالتي إلى المسؤولين “عندنا فنانون مبدعون وهم موظفون في الحكومة، ويمثلون البلد خير تمثيل ونتمنى أن تكون هناك لجنة مختصة لتفريغ الفنانين وقت العمل”.

ذلك هو علي الغرير، صاحب الفلسفة الفنية الصادقة المعبرة، غني الإبداع بنشاطه الجم وإنتاجه المتصل وأبوابه الأربعة الرائعة...أخلاق، وفاء، عطاء، مسيرة عطرة.

“مسلسل إذاعي خاص”

كان (رحمه الله) قد طلب مني في شهر يونيو العام 2019 كتابة مسلسل إذاعي خاص له ولخليل الرميثي على غرار المسلسل الشعبي “يوميات أم سحنون”، ووعدته بأني سأعرض عليه بروفة العمل قبل رمضان هذا العام، ولكن.. كان القدر أسرع.