+A
A-

“كوفي شوبات مودرن”.. للقهوة و“المفن” والقراءة

((تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الالكترونية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية ، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الاشارة للمصدر.))

 

في بادرة ثقافية وفكرية جميلة، بدأت ظاهرة “رفوف الكتب” تغزو الكثير من المقاهي بروح جديدة، تعبّر عن الرغبة في تحييد الشباب البحريني عن هدر وقته بالهواتف الذكية، والتوجه للكتاب الورقي من جديد، والذي كان معبرًا وجسرًا نقل الكثيرين إلى عوالم صنعوا خلالها الاختلاف والتغيير لهم، ولغيرهم.

والحق يُقال بأنه ليس سهلاً التغلغل إلى عقول الشباب، ونفض الأغبرة المتراكمة على رفوف الكتب، ولكن هذه المبادرة والتي هي أقرب للدواوين الثقافية من مقاه عصرية تقدم المشروبات الساخنة والباردة و”المفن” وقطع الكيك الشهية، تجسّد بمكنونها الحي محاولات جادة لتغيير أنماط معيشة الناس، ومسارات حياتهم.

رائحة الحبر

وفي هذا الوقت تحديدًا، تتفوّق التكنولوجيا على الكتاب الورقي بمراحل كثيرة، نازعة حضور الورق ورائحة الحبر النفاث من حياة الناس اليومية، في وقت سابق كانت بالنسبة لهم، كاستنشاق الزهور من حديقة غناء تغرق بها، إنها ظاهرة ثقافية واجتماعية رائعة تستحق الاهتمام. تجلس الشابة أمينة الغريب في إحدى المقاهي الأنيقة في “الزلاق سبرنج” وهي تتجرّع “الكابتشينو” الثقيل، وفي يدها الأخرى رواية بوليسية للكاتبة الإنجليزية الأشهر اجاتا كريستي، سألتها “البلاد” بعد ترحاب متبادل عن مصدر الرواية وسبب اختيارها لها، فأشارت بسبابتها بهدوء إلى رف من أصل 10 رفوف أخذت جانبًا متوسطًا من المقهى، قبل أن تجيب “من هناك”.

لحظات قبل أن تقول” أنا من عشاق الروايات البوليسية، ولقد توقفت عن القراءة من منذ قرابة السبعة أعوام لظروف الانشغال، فالحياة كما ترى سريعة، وثقيلة المسئوليات والمهام، والمشاوير والطلبات لا تتوقف”.

وتتابع “ولأنها الحال كذلك، فأنا دائمة الانشغال عن النظر لما هو جميل، للورد المنتشر في الحديقة الأمامية لمنزلي وأنا أغادره صباحًا، وللكتب الكثيفة التي تتكدّس في إحدى غرف البيت، والذي استغرقت مني لجمعها، أكثر من 17 عامًا، وربما أمور أخرى لا تستحضرني بها الذاكرة الآن”. وتزيد “اليوم، وبينما كنت قريبة من هذا المكان، آثرت الجلوس هنا وشرب القهوة، رأيت زاوية رف الكتب هذه، فأثارت بداخلي أحاسيس ومعاني كثيرة، دفعتني لأن أتناول هذه الرواية وأبدأ قراءتها دون أن أبالي بهاتفي الذي يزعجني برنة “الرسائل” أو برنين الاتصال، ثلاثون صفحة قرأتها بمتعة دون أن أشعر بمرور النصف ساعة التي استهلكتها لقراءتها”. وتكمل أمينه” ظاهرة رفوف الكتب بالمقاهي ظاهرة جميلة، نأمل أن نراها في كل مكان، لأنها تمثل إضافة لنا ولأولادنا”.

وفي حديث مع زكريا ماثيو المسؤول عن مقهى يهتم بزاوية الكتب، قال “نهتم لأن يكون لنا دور إيجابي بنشر الثقافة بين أوساط الشباب في مملكة البحرين، ولأن يكون هنالك استثمار حقيقي ونافع لهم أثناء تواجدهم هنا”.

ويزيد ماثيو “نهتم بشكل عميق، لأن نعيد للكتاب وللرواية الورقية مكانتهما المفقودة، بشكل يساعد على خلق نمط حياه جديدة وإيجابية لروادنا، وبنكهة عصرية حداثية تكون نافعه لهم، ولمن هم في محيط حياتهم الاجتماعي”.

تجربة ستنجح

وفي سياق انتشار “رفوف الكتب” بالمقاهي، تستحضر الذاكرة بعض المقاهي التي ذاع صيتها وأصبحت في بعض البلدان من المقاصد السياحية المهمة والرئيسة، مثل مقهى “الطاحونه” الذي جلس به الروائي الشهير غابريل غاريسيا ماركيز كثيرًا وانطلق منه.

وفي القاهرة هنالك مقهى “ريش” وهو المقهى الذي أقام منتدى ثقافيًّا كان من أبرز رواده الدائمين نجيب محفوظ.