+A
A-

المخلافي: ما يحدث منذ الانقلاب الحوثي يفوق كل المآسي السابقة

محاولات مستميتة لتحويل الدول إلى طوائف والجيوش لمليشيات

الفكر الحوثي يرجع لعهد الدولة الإمامية الزائلة التي تقصي الجميع

 

قال مستشار رئيس الجمهورية اليمنية عبدالملك المخلافي إن المشروع الإيراني يستهدف تحويل الدول العربية إلى طوائف، والجيوش الوطنية إلى مليشيات، موضحًا أن التدخلات الإيرانية في اليمن بدأت منذ وصول العمائم لسدة الحكم في طهران العام 1979.

وأكد المخلافي أن اليمن يعيش منذ انقلاب الحوثي في 21 سبتمبر 2014 مأساة كبيرة، وحروب مدمرة ومجزأة، ومأساة إنسانية تضاف إلى مأساتها السابقة من تخلف وانعدام التنمية وغيرها. مضيفًا “ما يحدث منذ الانقلاب الحوثي يفوق كل المآسي السابقة”.

جاء ذلك، على هامش الندوة النقاشية التي استضافها مجلس عبدالله الحويحي في قلالي مساء أمس الأول، وأدارها الناشط السياسي حمد العثمان، بحضور جمع غفير من السياسيين والنشطاء والأكاديميين والإعلاميين.

وبيّن المخلافي أن الأوضاع في اليمن أصبحت أحد الجروح العربية النازفة في هذه المرحلة، والتي نتمنّى أن تلتئم رغم أنه لا يراد لها في أكثر من قُطر أن تلتئم.

وزاد “يعيش اليمن منذ انقلاب الحوثي مأساة كبيرة، لأنه ليس مجرد انقلاب على السلطة كما هي الانقلابات العسكرية المعروفة، ولكنه انقلاب على الدولة وعلى الوحدة الوطنية، والفرق بينهم كبير”.

وأضاف “لو كان انقلابًا على السلطة لتعايش الجزء الأكبر من اليمنيين وحتى القوى السياسية مع هذا الانقلاب، ولكن انقلاب الحوثيين مرتبط بنمط الانقلابات والتدخلات الإيرانية في المنطقة”.

وعن السبب قال “أعتقد إن المشروع الإيراني يلتقي مع المشروع الإسرائيلي، وإن ظهر العكس، فإنه يريد أن يحوّل دولنا الوطنية التي تستوعب الجميع إلى طوائف، ويحوّل الجيوش إلى مليشيات، بشكل يتناغم من مشروع الشرق الأوسط الجديد والذي يقوم على أن المنطقة العربية والتي يجمعها الكثير من القواسم المشتركة، بأنها ليست منطقة واحدة، وإنما فسيفساء متناحرة، طائفية، هذا الذي يجعل الوجود الصهيوني طبيعيًّا”.

ويكمل المخلافي “المشروع الإيراني يحقق هذا التوجّه، وهو موجود اليوم في العراق وسوريا ولبنان واليمن، العواصم الأربع الذي قال الإيرانيون إنهم سيطروا عليها”.

وأضاف “كان هناك صراع قديم على السلطة في اليمن، يقف خلفه فكرة (الإمامة) والذي يعتبر الانقلاب الحوثي امتدادًا لها، وهو ما واجهه اليمنيون في الستينات بدعم من مصر ومن جمال عبدالناصر تحديدًا، بحرب استمرّت ثمان سنوات (من 1962 وحتى 1970)، الحوثيون باعتبارهم امتدادًا للإمامة، يشكلون حالة نقيض للأهداف التي سعى إليها اليمنيون”.

وزاد “في 26 سبتمبر 1962 قامت ثورة أخرجت اليمن من دائرة التخلف والظلم والخوف، ووضعت نظامًا جمهوريًّا بعيدًا تمامًا عن النظام الإمامي والذي يقوم على فكرة عنصرية تقول إنه لا يجوز أن يحكم إلا من ينتمي للسلالة الهاشمية من آل البيت، وهو ما يريد الحوثيون فرضه الآن”.

وتابع “واجه اليمنيون الإمامة ومعها التدخلات الخارجية حينها، فارضين نظامًا جمهوريًّا بعد تضحيات تقدّر بمئتي ألف شهيد يمني على مدى 8 سنوات، وتتفاوت الأرقام ما بين 7000 و 25000 شهيد مصري، وكان يفترض بأن هذه الإمامة دفنت إلى الأبد، ولكن وبفعل المشروع الإيراني الذي يريد أن يحيي كل ما يجعل له نفوذ بالمنطقة، جرى عمل طويل لإعادة تخليق الإمامة من جديد، عبر دعم الجماعات الحوثية”.

وقال “كل المعلومات والوثائق تقول إنه تم البدء في هذا المشروع مع مجيء نظام الملالي في طهران، والذي كنا نقول حينها بأن الثورة الإيرانية ستكون لصالح الإسلام والمسلمين، وإذا بها تثبت بأنها في مواجهة هذا كله”.

ويزيد المخلافي “سنة 1984 كان هناك مجموعة موالية لإيران تفجر في صنعاء، فهو ليس بالأمر الجديد، وفي 2004 بدأت الحركة الحوثية من صعدة، وخاضت مع الدولة ستة حروب حتى العام 2010 وبمعدل حرب في كل سنة، ذهب لأجلها الكثير من الضحايا، ولكن نظام علي عبدالله صالح لم يدر الصراع بالشكل الصحيح، بل كان يلعب على التوازنات السياسية بينهم وبين الإخوان المسلمين، الأمر الذي أدى إلى تفاقم هذه الظاهرة”.

وقال “أنا شخصيًّا كنت وسيطًا في حروب صعدة عدة مرات، وكان لي تصريح شهير في نهاية الحرب السادسة قلت فيه (لم يكن الرئيس عبدالله صالح جادًّا لا في الحرب ولا في السلام)، لا حاربهم بطريقة تقضي عليهم من البداية، ولم يسالمهم بطريقة تؤدّي إلى أن يدمجهم في المجتمع اليمني”.

وأكمل “مع التدخلات المباشرة للنظام الإيراني في اليمن، تحوّلت الجماعات الحوثية إلى جماعات طائفية”، وأشار إلى أنه كان في اليمن صراع سياسي على السلطة أصله مذهبي، وهو كما قلت يرتبط بالإمامة، ولكنه لم يكن لدينا خلافات مذهبية أو طائفية، بمعنى أنه حتى المساجد القائمة في اليمن، يقال على الزيدية بأنهم شيعة السنة، وسنة الشيعة، للتقارب في هذا الجانب”.

وأردف “هناك الآن بوادر صراع مذهبي، وهو يرتبط بصلب فكرة المشروع الإيراني والذي يحوّل الدول لطوائف متناحرة، وعليه أنشأ مليشيات الحوثية، وأشار إلى أنه عندما قامت ثورة 11 فبراير 2011 في إطار ما عرف بـ(الربيع العربي)، كان في محصلتها المبادرة الخليجية، وتضمنت أن يتم حل كل المشكلات من ضمنها صعدة، وأن يتم إشراك الحوثيين في إطار الحوار الوطني الذي نصّت المبادرة الخليجية عليه”.

وذكر “الحوثيون تم إشراكهم في الحوار الوطني والذي شاركت به كل القوى السياسية، وكنا نعتقد بأننا سندخل ليمن جديدة بشكل مختلف، والحوار تقسم لمجموعة من الفرق منها فرقة خاصة لقضية صعدة، وأخرى لقضية الجنوب، ولقد منح الحوثيين حق طرح كل ما يريدونه من مطالب، وكان المجتمع الدولي والعربي والخليجي شريكًا بهذه المرحلة، كما تم تشكيل لجنة لصياغة الدستور ليمن جديد مكون من ستة أقاليم بنظام اتحادي، التمثيل الحوثي كان خلاله أكبر من حجمهم الحقيقي”.

وتابع “وسط هذا الأمر حدث الانقلاب الحوثي، على الرغم من أنه لم يكن هناك أي لبس أو مظلومية، بل وجدوها فرصة للتحالف مع علي عبدالله صالح والذي لم ير أنه آن الأوان ليغادر السلطة فسلم الحوثيين معسكرات الجيش، بل والجيش نفسه، بسيناريو أقرب للمهزلة”.

وزاد المخلافي “الإيرانيون حينها كانوا يفكّرون بمستقبل الحوثيين، هل يسيرون بسيناريو العراق، أم حزب الله اللبناني، وفي الأخير حسموا أمرهم ورأوا أهمية الاستيلاء على السلطة، وقاموا بغزو صنعاء، بانقلاب لم يحدث من داخل الدولة وإنما من خارجها، عبر مليشيات سلم لها السلاح، وقامت بغزو المدن بقوة السلاح، مستخدمة نظام المشرفين بكل مدينة استولوا عليها، وهو نظام مستنسخ من التجربة الإيرانية”.

وقال “في البداية حاصروا الرئيس المنتخب، لكن المطامع التي حدثت أنجته، ولأن الرئيس السابق علي عبدالله صالح كان يسير بنظرية القرصان الأميركي مورغان حيث كان يقول (دع القراصنة الصغار يقومون بالأعمال القذرة ثم اجمع ما حصدوا، وإذا قتلتهم، سوف يصفق لك الناس لأنك قتلت قراصنة)”.

وقال “وكان صالح يعتقد بأنه سيصفي خصومه السياسيين عن طريق الحوثيين، لتعود إليه السلطة مجددًا، وبأنه سيكون خيارًا أفضل من الحوثيين، لكن ما حدث أن السحر انقلب على الساحر، فكان هو ضحيتها”.