+A
A-

خبراء: قيم الانتماء والمواطنة والولاء راسخة وجذورها تاريخية

أكدت مجموعة من الخبراء أن قيم الانتماء والمواطنة والولاء راسخة في المجتمع البحريني، ويتم التأكيد عليها باستمرار في المناسبات الوطنية، وخلال المشاركات الداخلية والخارجية؛ كونها الهوية المميزة للمواطن البحريني، وانعكاسًا لثقافته وتاريخه وولائه لقيادته وأرضه ومجتمعه.

جاء ذلك مع الإعلان عن انعقاد ملتقى التنمية السياسية “البحرين.. انتماء ومواطنة”، الذي سيقيمه معهد البحرين للتنمية السياسية يوم 27 نوفمبر الجاري، بمشاركة نخبة من المتحدثين ضمن 4 جلسات، وهي: “المواطنة.. الأسرة والتعليم”، “الإعلام ودوره في تعزيز الانتماء الوطني”، “الشباب والمواطنة.. مسؤولية اجتماعية”، و”الفن.. رسالة وطنية مؤثرة”. في البداية أكدت رئيسة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ماريا خوري الحاجة لتعزيز مبادئ الانتماء وترسيخ قيم المواطنة لجميع فئات المجتمع، منوهةً أنه لا يمكن فصل الانتماء الوطني عن حقوق الإنسان، التي تعتبر أحد أهم مقومات الحياة المدنية الساعية لمستقبل أفضل.

وأوضحت أن التوعية بمبادئ حقوق الإنسان تساهم في تعزيز قيم المواطنة، إلى جانب تعزيز قيم قبول الآخر دون تمييز، معتبرةً أن كلا من حقوق الإنسان والمواطنة يعتبران سلوك وممارسة، تطبيق وتنفيذ.

واعتبرت أن ملتقى “البحرين.. انتماء ومواطنة” يأتي ليؤكد ويشرح المكونات المختلفة لمفهوم الانتماء الوطني، إذ تعمل هذه المكونات وفق رؤية وهدف ورسالة مُؤسسة على القيم الإنسانية النبيلة، فقد أصبح من الصعب التفريق بين القيم الإنسانية ومفاهيم حقوق الإنسان والانتماء الوطني. من ناحية أخرى، أكد خبراء إعلاميون أهمية ما يمثله الإعلام من أهمية كأحد الأدوات الرئيسة في تشكيل الوعي السياسي وتعزيز قيم الولاء والانتماء الوطني؛ كونه الأقرب لنبض المجتمع والملامس لقضاياه وهمومه الوطنية والإنسانية. وأكد الرئيس التنفيذي لمركز الاتصال الوطني أحمد المناعي أن للإعلام الوطني دورا كبيرا في بناء شخصية الفرد والتأثير عليه لتعزيز قيم المواطنة والولاء والانتماء، ضمن الثوابت الوطنية الأساسية التي يقوم عليها المجتمع، والمرتكزة على القيم والأعراف والقوانين والتشريعات العصرية التي تحافظ على الوحدة الوطنية، وتدعو لقبول الآخر وتعزز الأمن والسلم الاجتماعي. وشدد المناعي على أن الإعلام الوطني هو خط الدفاع الأول عن الهوية الوطنية، والتي من خلالها نستطيع تقديم الصورة الحقيقية عن البحرين، كنموذج للتعايش والسلم الاجتماعي وقبول الآخر، مضيفًا أن الإعلام الوطني استطاع الوقوف كحائط صد أمام الهجمات التي تعرضت لها المملكة، وعملت على تشويه صورة الإنجازات الوطنية من خلال محاولة نشر الفتنة بين مكونات المجتمع الواحد، وهو ما تحطم على صخرة الانتماء والولاء الوطني في مملكتنا الغالية. أما المستشارة الإعلامية لولوة بودلامة، فقد أوضحت أن مصطلح “المواطن العالمي” ناتج عن تأثير انتشار وسائل الإعلام الحديثة، الأمر الذي جعل من العالم قرية صغيرة.  مضيفةً أنه ورغم هجوم بعض وسائل الإعلام الخارجية على واقعنا الحالي، وما أدى إليه من انفصال البعض عن قيمنا الوطنية الأصيلة، إلا أنه مازالت تأخذ بدرجة كبيرة من الاهتمام لدى المواطنين نظرا لخصوصية تجربتنا وتمسكنا بإرثنا وقيمنا وتقاليدنا، وهو ما انعكس على تمسكنا بهويتنا الوطنية واعتزازنا بها ودفاعنا عنها.

وأكدت أن أهم سبل مواجهة سلبيات التأثر بالإعلام الخارجي يكون بغرس قيم الولاء والانتماء وتعزيز الهوية الوطنية منذ الصغر، فالتربية الوطنية المنبثقة من القيم الدينية والعربية ستخرج أجيالا قادرة على خدمة وبناء وتنمية وطنها وقيمه الأصيلة.

من جانبهم، أكد برلمانيون شباب على الدور الحيوي والمهم الذي يضطلع به أبناء البحرين، خصوصًا من فئة الشباب، في تعزيز قيم المواطنة والولاء والانتماء الوطني، سواء على المستوى الفردي أو المجتمعي؛ كونها الفئة الأكثر قدرة على التواصل، وذلك بما يملكه الشباب من أدوات تواصل حديثة قادرة على الوصول إلى كل العالم.

وعن ذلك أكد عضو مجلس الشورى بسام البنمحمد أهمية أن تكون الهوية الوطنية وما تمثله من قيم وأبعاد وطنية على درجة عالية من الرسوخ والصلابة، لذلك يساهم الشباب بشكل إيجابي في التعامل مع العالم دون تفريط بمكانة ومصالح الوطن أو إفراط في الانفتاح والتواصل. وأكد أن من الواجب على الشباب الخليجي خصوصًا والعربي عمومًا التعبير عن انتمائهم الوطني؛ كون العالم بحاجة لمساهمة الجميع بالتطور والتقدم، وهو ما يترك أثرًا إيجابيًا على الخارج لما نمتلكه من حضارة ساهمت في التقدم العالمي على مر التاريخ، لذلك وجب علينا النهوض بهذا الدور البناء متمسكين بهويتنا التي تميزنا، وأن نفتخر بقيمنا وتاريخنا المشرف.

وفي السياق ذاته، تحدث عضو مجلس النواب عبدالله الدوسري، موضحًا أن للشباب دورا في تعزيز قيم المواطنة من خلال الشراكة المجتمعية، وهو ما يتضح بارتفاع نسبة مشاركتهم في الفعاليات الوطنية المختلفة، كذلك من خلال دعم الأعمال الرائدة والمشاركة في المسابقات والأنشطة الرياضية والثقافية والاجتماعية وغيرها، بما يدعم ويعزز هويتهم الوطنية رغم وجود مظاهر العولمة بتحدياتها في شتى مجالات العمل الوطني. ونوّه الدوسري إلى المشاركة الإيجابية والفاعلة للشباب في الحياة السياسية، والمتمثلة في الانتخابات الأخيرة، حيث وصلت نسبة مشاركتهم إلى أكثر من 50 % من مجموع الناخبين، إضافة إلى المشاركة في العديد من المناسبات الوطنية من مؤتمرات وندوات ولقاءات.

وفي محور التربية، أكدت التربوية آمنة السليطي أن الأسرة تعتبر المركز الرئيس لتعزيز المبادئ والقيم الوطنية في حياة الفرد، لاسيما قيم الانتماء والمواطنة والولاء المطلق للقيادة السامية، والمستمدة من قيم المجتمع والمتأصلة فيه منذ القدم.

واعتبرت أن المدرسة هي الامتداد الطبيعي للبيئة الأسرية، من خلال دورها في تعزيز قيم الانتماء وربط الفرد بالمجتمع، وكذلك تقوية قيم المواطنة الحقيقية.  وشددت على أن الدور الأهم للمؤسسة التعليمية هو التنشئة الوطنية والمتمثلة في تعليمه قواعد النظام وتعريفه بحقوقه وواجباته تجاه وطنه سواء من خلال المناهج التربوية أو الممارسات العملية التي يعيشها الطالب في المجتمع المدرسي.  أشاد فنانون بإدراج جلسة بعنوان “الفن.. رسالة وطنية مؤثرة” ضمن الملتقى؛ كونه أحد الأدوات الرئيسة في تشكيل الوعي الوطني وتعزيز الولاء والانتماء لدى المواطن، وكون الفن المعبر الرئيس عن حال المجتمع وقيمه وتاريخه وتراثه. واعتبرت الفنانة مريم زيمان أن الفن يعمل على تعزيز الهوية الوطنية الجامعة، وكان له الأثر الأكبر في حفظ التراث الوطني من خلال ما قدم من أعمال، سواء على صعيد الدراما أو الموسيقى أو الفن التشكيلي، ليكون بحق المرآة العاكسة للواقع والحافظة للتراث، وهو ما تحقق بشكل جلي في كثير من الأعمال المهمة التي استطاعت أن تكون كتابا للتاريخ عبر سنوات.

ونوّهت إلى ما قدمه الفن البحريني من أعمال شكّلت نقطة فارقة في ذاكرة الأجيال، حيث استطاع الفن الجاد والملتزم تعزيز صور التعايش والسلم الأهلي وقبول الآخر، وهي القيم التي تربى عليها أبناء البحرين والمنبثقة من تراثه وتاريخه وهويته الوطنية.

وفي السياق ذاته، تحدث الفنان محمد ياسين مؤكدًا قدرة الفن في عكس البيئة الاجتماعية العربية في كثير من الأعمال الفنية الخليجية والعربية، وقد ساهم ذلك في غرس المعرفة في نفوس النشء، وتعريفهم بتاريخهم وتراثهم وحضارتهم، كما ساهم في تعريف الآخر بالقيم الأساسية لمجتمعنا وتعزيز قيم المواطنة والولاء والانتماء في نفوس الأجيال وتعريفها بتاريخ الآباء والأجداد على مر العصور.  وأكد قدرة الفن عموما، والدراما خصوصا، في مواجهة الموجات التي تحاول النيل من قيم المجتمع وتاريخه وتراثه العريق، خصوصًا إذا توفر له الحرية وتحرر من القيود التي قد تفرض عليه، وبالتالي فإن الأساس في العمل الفني هو القدرة على مواجهة ما تعرضت له بلادنا من محاولات لتشويه سمعتها ونشر الطائفية والعنصرية وتحطيم السلم والأمن المجتمعي.