+A
A-

ثلاثة وزراء خليجيين يحددون “بوصلة” اللحاق بالثورة الرابعة

الزياني: دعم وحماية الحكومة للشركات لا يخلق اقتصادًا مستدامًا

القصبي: تسونامي التحول الاقتصادي “مخيف” وما زلنا متخلفين

الروضان:4 عناصر تجعل الثورة الرابعة في مصلحة للخليج

 

أكد ثلاثة وزراء خليجيون للتجارة شاركوا في مؤتمر أصحاب الأعمال والمستثمرين العرب، الذي اختتم أعماله في المنامة أمس، أن دول المنطقة تواجه مخاطر ومنعطفات إذا لم تبدأ بتغيير أنظمتها الاقتصادية للحاق بركب الثورة الصناعية الرابعة، مشيرين إلى أن دول المنطقة لا تزال متأخرة عن ذلك.

وحدد وزراء التجارة في كل من البحرين والسعودية والكويت عددًا من العناصر الرئيسية لتحول دول المنطقة، منها تطوير التشريعات وأنظمة التعليم وبيئة الشركات وتحفيز القطاع الخاص، مؤكدين على أن البدء في هذا التحول لم يعد خيارًا ينتظر أو يمكن تجاهله.

ماذا يقول الوزير البحريني؟

ويمسك وزير التجارة والصناعة والسياحة البحريني، زايد الزياني، العصى من المنتصف، حين يستشف المخاطر التي تكتنف اقتصاديات المنطقة من عدم اللحاق بركب التطور، لكنه يرى في هذه الدول الكثير الذي يمكن فعله والمميزات التي تجعلها تبدأ المشوار من الآن، إذ لا يوجد أي خيار لهذه الدول سوى التوجه للتحول للحاق بالثورة الصناعية الرابعة.

وتساءل الزياني هل نحن مستعدون لهذه الثورة الصناعية؟، مستدركًا بالقول “لا”.

وأوضح الزياني أن تهيئة الجيل الجديد نحو التغييرات المتلاحقة، لا يبدأ مع وصول الإنسان إلى عمر الشباب، ولكن من مراحل صغيرة من 4 سنوات أو 12 سنة، إذ يجب البدء من أعمار مبكرة، مشيرًا إلى أن البحرين اتخذت خطوة نحو خفض السن المطلوب لتأسيس شركة وذلك من 21 عامًا لتكون 18 عامًا، مبديًا رأيه بأنه “لو توقف الأمر عليه لحدد أن تكون سن تأسيس شركة 10 أعوام، لافتا إلى أن سن الزواج هي 16 سنة وحينها يتم ائتمان شخصين على حياة الزوجين، فكيف لا يتم ائتمان أشخاص في نفس هذا العمر أو أقل على الشركات وهي عبارة عن رأس مال، حيث إن قيمة الإنسان أغلى من المال.

ويقول الزياني إن البحرين مرت بعدد من المراحل الاقتصادية بدءًا من الثلاثينات حينما اكتشف النفط، مرورًا بالسبعينات بظهور الصناعة المصرفية، وحتى الثمانينات حين ظهرت البنوك الإسلامية، وحتى بداية الألفية الحالية حيث فتحت البحرين سوق الاتصالات وشهدت تأسيس نحو 54 شركة اتصالات، لتصبح المملكة من أكثر الدول تطورًا في هذا السياق، معبّرًا عن فخره بأن القطاع الخاص بات يساهم بنحو 80 % من الناتج المحلي الإجمالي.

القطاع الخاص وقيادة المبادرة

وأشار الزياني إلى أن القطاع الخاص يجب أن يقود زمام المبادرة والريادة في الاقتصاد، إذ رأى أن الحكومات قامت في فترات زمنية سابقة بدور قيادي وذلك لظروف وقتية، لكن الآن على القطاع الخاص أن يستلم هذا الدور وأن يقتصر دور الحكومة على التشريع والتنظيم والرقابة.

وأضاف أن بعض أصحاب الأعمال لا زالوا يوجهون العتب للحكومة ويقولون إن “الحكومة ما سوت لنا”.

وتطرّق الزياني إلى محورين أساسيين للتحول في الثورة الصناعية الرابعة: ضرورة تغيير نظام التعليم من التركيز على المادة العلمية، إلى الإبداع ومن العمل بشكل فردي إلى العمل بصورة جماعي، إلى جانب تمكين القطاع الخاص من لعب أدواره المطلوبة منه، لافتا إلى أن دول المنطقة تتمتع بعدد من العوامل المحفزة منها صغر متوسط أعمار سكانها.

وأكد الوزير ضرورة تحفيز الأجيال القادمة وعدم خلق حالة من “فقدان الأمل” أو الإحباط التي يصعب معه العمل على التغيير في ظل الأجواء السالبة.

انتهاء عصر الحماية والدعم الحكومي

وقال الزياني إن العالم أصبح مفتوحًا اليوم، يستطيع من خلاله أي شخص أن يعمل في أي مكان دون وجود حدود للأسواق التي يعمل فيها. وأشار إلى أهمية تأهيل التاجر البحريني أو العربي لكي يعمل كأنه رجل أعمال سنغافوري في سنغافورة وأميركي في أميركا، مؤكدًا أنه آن الأوان للقطاع الخاص أن يتحرك.

وتابع الوزير أن الشركة أو صاحب العمل يجب أن يكون مؤهلاً للمنافسة وليس لأنه يحمل جنسية البلد الذي يعمل فيها.

وقال إن البحرين خطت خطوات نحو فتح قطاعات الأعمال للاستثمار الأجنبي، بعد أخذ مرئيات القطاع الخاص، مؤكدًا أن التاجر والشركة البحرينية والعامل البحريني، يجب أن ينظروا للأسواق الخارجية وأن لا يقتصر نظرهم على السوق المحلية المحدودة فقط.

ورأى الزياني أن عصر الحماية والدعم الحكومي انتهى، وأن الاعتماد على ذلك في الاقتصاد يجعل من الاقتصاد الوطني غير مستقر أو مستدام، وشبّه الاقتصاد القائم على الدعم والحمائية بـ “الطفل” الذي يعتمد على والديه، والذي لا يمكنه مواجهة التغييرات المتلاحقة والمتسارعة.

وبيّن الوزير أن البحرين قامت بعدد من الخطوات لحث الشركات على الخروج من السوق البحرينية الصغيرة والنظر نحو آفاق أرحب عبر مبادرة “مركز الصادرات” حيث حقق المركز نتائج إيجابية منذ تدشينه قبل عام.

القصبي: تسونامي التغيير

إلى ذلك، أشار وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، إلى أن الثورة الصناعية الرابعة الحالية تسير بوتيرة أسرع من الثورات الأولى والثانية والثالثة، وأن التحولات التي تمر على البشرية في الوقت الراهن لم يشهدها التاريخ، موضحًا أنه قبل خمس سنوات فقط كان عدد مستخدمي الإنترنت أقل من 3 مليارات نسمة في حين ارتفع العدد حتى يونيو الماضي ليفوق 4.1 مليار مستخدم، حيث أصبحت الأعمال تتخطى الحاجز الزمني والمكاني وباتت الخدمات تقدم على مدار الساعة وبدون حدود جغرافية.

وقال الوزير إن الوتيرة والسرعة التي تتحرك بها التقنيات والتطورات الحديثة “مخيفة” وتطرح سؤال ما إذا كانت الدول العربية جاهزة لهذا التحول، إذ لم يعد هناك خيار للتحول.

وقال الوزير السعودي إن بلاده أقرّت استراتيجية للعام 2030 وبرنامج للتحول الرقمي، لافتًا إلى أن المملكة العربية السعودية تحتل المرتبة العاشرة كأكبر سوق للتجارة الإلكترونية بحجم تجارة يصل إلى 80 مليار ريال، ورصد نحو 34 ألف متجر إلكتروني، مشيرًا إلى أن بلاده أسست هيئة للبيانات والذكاء الاصطناعي، كما أسس مجلس للتجارة الإلكترونية وعملت المملكة على إيجاد نظام ومركز متخصص للتجارة الإلكترونية.

وقال الوزير القصبي إن هناك 6 محاور أساسية من أجل رفع مستوى الجاهزية للتطورات التي يشهدها العالم والثورة الصناعية الرابعة، من بينها ترقية البنية التشريعية والقانونية، ومسار يتعلق بسلسلة الإمدادات والتي من بينها نظام المدفوعات والنقل والخدمات اللوجستية الذكية، ومحور آخر يتعلق بتعزيز البيئة التنافسية.

ومن بين المحاور التي تطرق لها الوزير السعودي زيادة المهارات في المستقبل، إذ أشار إلى 6 من أصل 10 وظائف سوف يتم أتمتتها أو جعلها تتم بصورة آلية لتقوم بها الأنظمة الآلية، في حين أن 80 % من الأنشطة ستتم أتمتتها، ولن يكون هناك سوى 5 % من الأعمال فقط والأنشطة التي لا يمكن أتمتتها.

وتابع الوزير “الأيدي العاملة الرخيصة لن تكون ميزة تنافسية في المستقبل، أو لن تكون مؤثرة، والمهارات المستقبلية المطلوبة ستتغير، وستكون هناك حاجة للابتكار والتقنية”.

وتحدث الوزير السعودي عن “لغة جديدة” في عالم التجارة والاقتصاد اليوم، إذ ظهرت واتسعت مصطلحات لم تكن موجودة مثل العملات الرقمية والمتاجر الرقمية، وشبه ما يجري في عالم اليوم بأنه “تسونامي” من التغيير.

وشدّد القصبي على ضرورة تحول دول المنطقة من دول استهلاكية إلى دول منتجة، وضرورة أن تحدد دول المنطقة البوصلة وأين ستكون بعد عشر سنوات من الآن.

نظرة متفائلة للوزير الكويتي

أما وزير التجارة الكويتي خالد الروضان، فتحدّث بلغة “متفائلة” عن مستقبل دول المنطقة وبالخصوص دول مجلس التعاون الخليجي في ظل الثورة الصناعية الرابعة، إذ رأى أن دول الخليج حققت الكثير من الخطوات في سبيل التحول في السنوات الماضية وهو ما أظهره تقرير مؤشر سهولة ممارسة الأعمال الأخير والذي أصدره البنك الدولي إذ كانت السعودية والكويت والبحرين من أفضل وأسرع الدول تحسنًا في هذا المؤشر.

وتحدث الروضان عن الخطوات التي قامت بها الحكومة الكويتية في تطوير الكثير من التشريعات القديمة والتي مرت عليها عشرات السنين من بينها قوانين السجل التجاري والتأمين وغيرها.

وأقرّ الوزير بأن الفترة المقبلة تحمل معها الكثير من “المخاوف” ولكنها في نفس الوقت تحمل الكثير من الفرص.

ورصد الوزير الكويتي 4 عوامل تجعل من الثورة الصناعية الرابعة في مصلحة دول المنطقة ودول الخليج على وجه الخصوص، منها أن الثورة الصناعية الرابعة تتطلب رؤوس أموال كبيرة وهي موجودة في دول الخليج، إلى جانب أن هذه الثورة ستعالج قلة العمالة بفضل التقنية التي استدعت دول المنطقة لجلب العمالة الأجنبية، كما أن الصناعة التقليدية تتطلب موارد طبيعية وهو ما تفتقده دول الخليج، والنقطة الأخيرة أن دول الخليج يمكن العمل فيها كسوق واحدة وبالتالي الاستفادة من هذه الثورة الصناعية الرابعة بأفضل صورة. واتفق الوزير مع نظرائه بضرورة تطوير أنظمة دول للتعليم وفي المنطقة.