+A
A-

صياغة إستراتيجيات الأمن القومي وفق تطور التكنولوجيا العسكرية

وضع ضوابط تحول دون حصول الميلشيات المسلحة على التكنولوجيا

الجماعات الإرهابية وجدت في التكنولوجيا الحديثة سبيلا لاستهداف أمن الدول

المشاركون يدعون لمنظومة دولية تمنع حصول الإرهابيين على التكنولوجيا الحديثة

تعزيز قدرات وكفاءة الجيوش ضمن مواجهة ما بات يعرف بـ “الحروب اللامتماثلة”

استهداف منشآت “أرامكو” النفطية تم من خلال استخدام التكنولوجيا العسكرية

 

اختتمت أمس أعمال مؤتمر التكنولوجيا العسكرية في الشرق الأوسط، والذي أقيم على مدى يومين، بالتزامن مع معرض البحرين الدولي الثاني للدفاع “بايدك” بمشاركة عدد من المسؤولين والخبراء والأكاديميين وممثلي الشركات العالمية المتخصصة في تصنيع المعدات العسكرية الحديثة.

ورفع المشاركون أسمى آيات الشكر والعرفان والتقدير إلى عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، على رعايته الكريمة لمعرض ومؤتمر الدفاع الثاني (بايدك)، كما أعربوا عن شكرهم لمستشار الأمن الوطني، قائد الحرس الملكي رئيس اللجنة العليا المنظمة لمعرض ومؤتمر البحرين الدولي للدفاع سمو اللواء ركن الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة.

وأعرب المشاركون عن شكرهم لقوة دفاع البحرين على جهودها المتميزة لإنجاح المعرض والمؤتمر، مشيرين إلى أن نجاح المعرض والمؤتمر في نسخته الثانية يعكس المكانة الإقليمية والتقدير الدولي التي تحظى به المملكة وهو ما تؤكده شراكاتها الاستراتيجية الدولية التي عبر عنها الحضور الحافل لتبقى مملكة البحرين دولة سلام وواحة أمن وأمان.

وأعلن رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة “دراسات” الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة البيان الختامي، مشيرا إلى أن المشاركين في المؤتمر توافقوا على ما يلي:

أولا: على الرغم من دور التكنولوجيا العسكرية الحديثة في تحسين كفاءة الجيوش بل وتغيير عقيدتها العسكرية في ظل تغير مفهوم الحرب وكذلك التهديدات الأمنية فإن ذلك يملي على دول العالم كافة التعاون بشكل جاد للحيلولة دون وقوع تلك التكنولوجيا سواء في أيدي الجماعات الإرهابية أو الدول المارقة التي تمولها لأن هذا من شأنه أن يخلق مسارا مغايرا للصراعات، ومن ثم فإن هناك مسؤولية هائلة تقع على عاتق المجتمع الدولي من ناحية إيجاد منظومة قانونية دولية للتصدي لهذا الخطر تتوازى معها جهود فاعلة للمؤسسات التشريعية الوطنية من أجل إقرار التشريعات الرادعة للأفراد أو الجماعات التي تسعى للحصول على تلك التكنولوجيا واستخدامها على نحو يهدد الأمن الوطني للدول.

ثانيا: إن الاعتداءات على ناقلات النفط قبالة سواحل الإمارات وفي خليج عمان، فضلا عن استهداف المنشآت النفطية التابعة لشركة أرامكو في المملكة العربية السعودية الشقيقة من خلال استخدام التكنولوجيا العسكرية على نحو خبيث إنما يقرع أجراس الإنذار بشأن خطر داهم يستهدف العبث ليس فقط بمناطق إنتاج النفط الذي يعد العمود الفقري لاقتصادات العديد من دول العالم، بل وبطرق المرور وخاصة الممرات المائية الاستراتيجية الدولية، الأمر الذي يضع جميع القوى العالمية والإقليمية أمام مسؤوليتها لحماية أمن الطاقة من خلال آليات لها صفة الديمومة.

ثالثا: في ظل الثورة الهائلة لوسائل الاتصال الحديثة والتي أدت إلى ما يمكن وصفه بالانفجار المعلوماتي فإن ذلك كان ساحة مواتية لتنامي مخاطر الإرهاب السيبراني الأمر الذي حدا بالعديد من دول العالم لتأسيس مراكز وطنية متخصصة للتعامل مع هذا الخطر الجديد، إضافة إلى حرص بعض الدول على وضع مواجهة ذلك الخطر ضمن استراتيجيات الأمن القومي وجميعها تمثل استجابات واعية ومسؤولة لخطر ينذر بحروب من نوع جديد تتجاوز المفهوم التقليدي لسيادة الدول، حرب أسلحتها رخيصة وخسائرها فادحة الأمر الذي يتطلب أيضا وقفة دولية تستهدف تأسيس تحالفات دولية لمواجهة مخاطر هذا النوع الجديد من التهديدات.

رابعا: مما لا شك فيه أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الدفاع تعد تطورا نوعيا ومهما خصوصا في المجال البحري في وقت بات فيه العالم في حاجة ماسة لاتخاذ التدابير الممكنة كافة لحماية الأمن البحري، إلا أن ذلك التطور الجديد أيضا له متطلبات عديدة ويفرض تحديات تحتاج إلى المزيد من النقاشات والدراسات الرصينة؛ من أجل التعامل معه بما يعزز قدرات الجيوش وكفاءتها ضمن مواجهتها ما بات يعرف بـ “الحروب اللامتماثلة”.

خامسا: مع أهمية جميع الأفكار والآراء التي وردت في جميع الجلسات فقد لوحظ اتفاق الجميع على حتمية الاهتمام بالإجراءات الاستباقية، ليس من خلال الخطط والإجراءات الاحترازية فحسب بل من خلال تدريب أفراد القوات المسلحة على نماذج محاكاة لأزمات محتملة وهو توجه أضحى يمثل أولوية للعديد من جيوش دول العالم، ولقد بدأت دول الخليج في النهج ذاته من خلال مناورات نوعية لتحقيق هذا الهدف.

سادسا: إن مؤتمرنا هذا قد أعاد تأكيد حقيقة مضمونها أنه لا مجال للحديث عن أمن وطني من دون الحديث عن أمن إقليمي أو أمن عالمي، فالتهديدات أضحت تطال الجميع وتتطلب من الجميع مواجهتها من خلال التعاون بالسبل كافة بما يتطلبه ذلك من أهمية تعزيز الشراكات والتحالفات بين دول المنطقة والدول الكبرى من خلال آليات عديدة من بينها الحاجة الماسة إلى توطين التكنولوجيا عبر خطط شاملة تتضمن تحديد احتياجات دول المنطقة من تلك التكنولوجيا والعمل على إنهاء المعوقات التي تحول دون حصول دولها عليها.

وبناء على ما تقدم من آراء ونتائج فقد أوصى المشاركون في المؤتمر بما يلي:

أولا: مع تغير نوعية الحروب وانحسار مخاطر الحرب البرية فإن الاهتمام بنوعية الأسلحة يبقى ضرورة استراتيجية بما يعنيه ذلك من ضرورة اهتمام الدول بالاستثمار في مجال التكنولوجيا العسكرية الحديثة بما يتلاءم وواقع التهديدات الراهنة.

 

ثانيا: أهمية صياغة استراتيجيات الأمن القومي للدول بما يتناسب والتطور الذي شهدته التكنولوجيا العسكرية.

ثالثا: ضرورة إقرار المجتمع الدولي ممثلا في منظمة الأمم المتحدة لعدد من الضوابط بشأن استخدام التكنولوجيا العسكرية للحيلولة دون حصول الميلشيات المسلحة على هذه التكنولوجيا لتهديد أمن الدول، إضافة إلى منع الدول من استخدام تلك التكنولوجيا للأغراض غير السلمية.

رابعا: تفعيل آليات تبادل المعلومات بين الدول بطريقة آمنة والتي تمثل الركيزة الأساس لإجهاض مخططات الجماعات الإرهابية التي وجدت في التكنولوجيا الحديثة سبيلا لاستهداف أمن الدول دون خوض حروب تقليدية.

خامسا: في ظل تعدد التحديات الأمنية للأمن الإقليمي والأمن العالمي فإن مسألة تحديد الأولويات لا تزل أمرا مهما وفي مقدمتها أمن الطاقة وأمن الممرات البحرية الحيوية عموما.

سادسا: في ظل دموية الأزمات الإقليمية الراهنة وما ترتبه من تحديات للأمن الإقليمي والأمن العالمي فإن هناك حاجة لصياغة أليات لإدارة تلك الأزمات للحد من آثارها، فضلا عن أهمية الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتعزيز القدرات الدفاعية للقوات المسلحة.

ورفع المشاركون أسمى آيات الشكر والعرفان والتقدير إلى صاحب الجلالة الملك على رعايته الكريمة لمعرض ومؤتمر الدفاع الثاني، والشكر لسمو اللواء الركن الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، والشكر لقوة دفاع البحرين على جهودها المتميزة لإنجاح المعرض والمؤتمر، إذ إن ذلك النجاح في نسخته الثانية إنما يعكس المكانة الإقليمية والتقدير الدولي التي تحظى به المملكة وهو ما تؤكده شراكاتها الاستراتيجية الدولية التي عبر عنها هذا الحضور الحافل؛ لتبقى مملكة البحرين دولة سلام وواحة أمن وأمان للقاصي والداني.