+A
A-

“الحية بية” تزين عيد الأضحى في البحرين

من اجمل العادات البحرينية التي تقاوم الحداثة اليوم هي الاحتفال بـ”الحية بية” عند الأطفال في البحرين، وتعتبر هذه العادة الجميلة المنتشرة في دول الخليج العربي قديمة جدا وهي عبارة عن زرع الأطفال لسنابل أو نباتات ثم الإلقاء بها في البحر يوم عرفة مع أناشيد شعبية بسيطة كعادة شعبية توارثها الخليجيون من أجدادهم واستمرت حتى يومنا هذا.

وتشهد في كل عام معظم شواطئ المملكة احتفالات “الحية بية” التي هي عبارة عن قفة صغيرة الحجم، مصنوعة من سعف النخيل، ويتم زرعها بالحبوب مثل القمح والشعير، وتعلق بعد ذلك في المنازل حتى تكبر وتنمو. ويقوم الأطفال بإلقائها في البحر يوم وقفة عرفات، وهم يدعون الله أن يجعل عيدهم سرورا ويعيد حجاجهم من بيت الله الحرام سالمين ومحمّلين لهم بالهدايا اما عن اصل الكلمة فهي “الحجي بيجي” كما في اللهجة العامية لأهل البحرين وبعض الدول المجاورة وتعني الحاج سيعود أو إنها تعني الحجة والمقصود القفة الصغيرة التي يقوم الأطفال بزرع البذور فيها.

وبالعودة الى تاريخ هذه العادة الشعبية الجميلة يقول الباحثون المختصون في التراث، لمعرفة أصلها يجب علينا الرجوع إلى الأساطير والخرافات القديمة التي كانت سائدة في الحضارات القديمة كحضارة مصر والهند وغيرهما، فقد كانت تلك الشعوب وفق معتقداتها السائدة آنذاك تخاف من آلهتهم التي تنزل عليها العذاب والدمار كالرياح والبرق والخوف والهلع، وفكر أناس تلك الشعوب في كيفية إرضاء آلهتهم والتقرب إليها فكانوا يقدّمون القرابين والهدايا إليها حتى ينالوا رضاها ومحبتها حتى لا تغضب عليهم وتدمر قراهم ومساكنهم وتقتل أبناءهم، فاعتادوا أن يقوموا في كل عام بجلب أجمل فتاه شابة في القرية ويقومون بتجميلها وتزينها ويلبسونها أحلى الملابس والحلي حتى تصبح كالعروس ليلة زفافها، ثم يضعونها في قارب لوحدها ويرسلونها إلي البحر أو النهر لتذهب مع الأمواج إلى البعيد وتختفي حتى تصل إلى الآلهة وبذلك ينالوا رضى آلهتهم.

وقد وصلت مثل هذه القصص والأساطير إلى دول الخليج العربي حيث كانت التجارة بين الهند ودول الخليج نشطة، وكانت الشعوب تتبادل البعض من العادات، من هنا ابتكر أهالي الخليج عادة “الحية بية” والتي تشابهت مع تلك القصص، لكنهم استبدلوا رمي الفتاة في النهر أو البحر بالحية (الحشائش الخضراء) إرضاء للبحر، وتبقى العروس بملابسها الجميلة على الشاطئ، وهكذا انتشرت هذه العادة التراثية في البحرين والخليج.

ويذكر الباحث البحريني محمد جمال، “إن معظم أهل الخليج العربي أخذوا هذه العادة المحببة منذ قديم الزمان، حيث كانت التجارة بين الهند ودول الخليج نشطة وأدى هذا التقارب الثقافي والفكري إلى تشابه البعض من العادات والتقاليد”.

ويضيف، “أن سكان الخليج ابتكروا عادة الحية بية انطلاقا من معتقدات الحضارة الهندية السائدة بتقديم القرابين والهدايا إلى آلهتهم لينالوا رضاها ومحبتها حتى لا تغضب عليهم وتدمر قراهم ومساكنهم وتقتل أبناءهم”. تطورت الحية بية مع السنين، من خلال إدخال إضافات والبعض من اللمسات عليها، فأصبح الناس يتنافسون من تكون حيته الأجمل.