+A
A-

ماذا تعرف عن رسم الكاريكاتير؟

الكاريكاتير هو فن يعتمد على رسوم، تبالغ في تحريف الملامح الطبيعية، أو خصائص ومميزات شخص أو حيوان أو جسم ما. وغالباً ما يكون التحريف في الملامح الرئيسية للشخص، أو يتم الاستعاضة عن الملامح بأشكال الحيوانات، والطيور، أو عقد مقارنة بأفعال الحيوانات.

والكاريكاتير اسم مشتق من الكلمة الإيطالية Caricare، التي تعني “يبالغ، أو يحمَّل مالا يطيق” والتي كان موسيني أول من استخدمها سنة 1646. وفي القرن السابع عشر، كان جيان لورينزو برنيني وهو رسام كاريكاتيري ماهر، أول من قدمها إلى المجتمع الفرنسي، حين ذهب إلى فرنسا، عام 1665.

-أصول الكاريكاتير: يعتبر قدماء المصريين هم أول من تنبه إلى هذا الفن الذي يحقق مآربهم في السخرية والتعريض بالحاكم وكل ذي سلطة مستبدة، فكان الفرعوني يستخدم الحيوانات والرموز البسيطة للتعبير عن رأيه الحقيقي في أصحاب العروش، ففي إحدى الأوستراكا القديمة نرى تصويرًا كروكيًّا لصراع بين القطط والفئران، ويدور ملك الفئران على عجلة حربية تقودها كلبتان ويهجم على حصن تحرسه القطط، ولم يكن هذا بالطبع من فراغ، فلا بد لموقف هام أو أحداث جمَّة وقعت رأى فيها الفنان أن الأعداء أو غيرهم من الصغار الشأن قد تجرأوا وحاربوا من هم أقوى منهم، بل من هم أكثر منهم منعة وحجم. وكان الرسام المصري القديم يُظهر عيوب مجتمعه أملاً في إصلاحها، فعلى إحدى هذه الشقفات نرى رسمًا لفرس النهر وقد جلس فوق شجرة عالية بينما يحاول النسر الصعود إليها بسلم. ونرى إلى أي مدى توصل المصري القديم إلى نقد النظام الحاكم بشكل مبسط مستتر ولكنه فعَّال من خلال صورة كروكية لثعلب يرعى قطعانًا من الماعز ويقود الذئب الأوز.

وفي اليونان في ذلك العهد القديم نرى أيضًا بذور ذلك الفن من خلال رجل يُدعى بوستن ذكره أرسطو وأرستوفانيس بوصفه شخصًا يرسم رسومات ساخرة للناس وقيل إنه قُتل وهو يعذَّب بسبب تلك السخرية. هذا عن جذور ذلك الفن في العصور القديمة، أما في العصر الحديث في أوائل القرن السابع عشر فقد انتشر هذا الفن في هولندا، وفي أوائل القرن الثامن عشر ذاع في إنجلترا وخاصة على يد جورج توتسهند، حيث استخدمه في التحريض السياسي ثم خلفه في هذا المجال وليم هوجارت الذي عبر برسوماته الساخرة عن حقبة من التاريخ الإنجليزي، وكانت أعماله سببًا في ظهور مدرسة لفن الكاريكاتير على أيدي فنانين عظام أمثال توماس رولاندسون وجيمس جيلراي، وكانت رسوماتهم الكاريكاتيرية سلاحًا في وجه خصومهم السياسيين، وكانت رسوماتهم مطبوعة باللونين الأبيض والأسود، ثم يلونونها بأيديهم ويوزعونها على المكتبات، حيث كانت أعمالهم تؤدي دورًا سياسيًّا بارزًا في هذه الآونة. وفي إيطاليا: ظهر ينبال كاراتشي كفنان كاريكاتيري ومن قبله جيروم بوش الذي رسم الجحيم بتفصيلات مضحكة، ويُعَدُّ أحد المبشرين بالسريالية، ويُعِدُّ الكثير من المؤرخين ليونارد دي دافنشي أبًا لفن الكاريكاتير في إيطاليا.

وفي فرنسا: في القرن التاسع عشر شهد هذا الفن تطورًا كبيرًا على يد مجموعة من الفنانين أهمهم هو شارل نيليبون الذي أصدر مجلة كاريكاتيرية، ثم جريدة يومية باسم الشيفاردي 1830

أما في العالم العربي: كان أول من رسم وكتب تعليقات كاريكاتيرية هو الصحفي يعقوب صنوع، وأصدر جريدة هزيلة تسمى “أبو نضارة”. ثم توالى ظهور رسامي وفناني الكاريكاتير منذ ذلك الحين وأسسوا فنًّا عربيًّا قائمًا على بنية ثقافية واجتماعية عربية وأبدعوا في مجالهم.

وفي نفس ذلك الوقت عاش في القاهرة الرسام الألماني الكبير سانتيز ورفقي التركي وصاروخان الأرمني، وهؤلاء سادت أعمالهم نبرة السخرية من الأوضاع الاجتماعية، ومن رحم هؤلاء خرج صلاح جاهين وجورج البهجوري وناجي العلي وبهجت عثمان وكان هؤلاء هم الدفعة التي غيرت وجه الكاريكاتير العربي في أوائل الخمسينيات، فقد نجحوا في ابتكار شخصيات عبروا من خلال حركاتها وسكناتها عن همومهم ومواقفهم السياسية والاجتماعية، وجعلوها دعوة للتغير.