+A
A-

كيف تسهم النخبة المثقفة في تعزيز الانتماء؟

مع تدشين الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة “بحريننا” تنفيذًا لتوجيهات عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وبتدشينها من قبل وزير الداخلية الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة في مارس الماضي من العام الجاري، فإن هناك العديد من المحاور المهمة التي يمكن أن تشكل أركانًا رئيسة في تنفيذ هذه الخطة، وهنا يأتي الحديث عن دور النخب المثقفة في المجتمع.

وكما هو معروف، فإن الخطة التي تشتمل على 70 مبادرة تعمل كل منها على تحقيق أهداف تصب كلها في تعزيز الوحدة الوطنية وروح الولاء والانتماء، ولأنها تشكل إطارًا عامًا لعمل الجهات كافة من أجل تعزيز الانتماء وقيم المواطنة، نطرح هذا السؤال :”كيف تسهم النخبة البحرينية المثقفة في تعزيز الانتماء الوطني؟”، فللقطاع الثقافي دوره في مد جسور التلاقي في القضايا الوطنية، وفتح قنوات التواصل، وهنا عينة من وجهات النظر:

“بحريننا”.. مشروع كبير

تلعب النخبة المثقفة في المجتمع من كتاب ومفكرين وأدباء وإعلاميين ومشتغلين بالعمل الثقافي دورًا مهمًا في تعزيز قيم الانتماء الوطني، فهذه الفئة تمتلك من المهارات والقدرة والخبرة كذلك ما يجعل تأثيرها في مختلف شرائح المجتمع كبيرًا، وهنا ترى الإعلامية سهير المهندي أن النخبة المثقفة تستطيع تقديم الأفكار والبرامج وتنفيذ الأنشطة الثقافية الموجهة لكل فئات المجتمع ومن مختلف الأعمار، والتي يتم فيها نشر قيم حب الوطن والتعايش والتسامح، وهذه في الحقيقة كلها منظومة من القيم التي يدرك المثقفون البحرينيون أهميتها، ولنا مسيرة غنية في هذا المجال على صعيد المؤسسات الثقافية الأهلية وكذلك الرسمية، فتنمية قيم المواطنة وغرسها في نفوس الأطفال والشباب تتطلب على الدوام، ديناميكية في ابتكار الأفكار وتنفيذها وطنيًا واجتماعيًا وتربويًا، ودورنا كأكاديميين أن نكون واعين في الربط بين التربية والتنمية والسلوك، وبين الأخلاق الفطرية والمكتسبة في الجانب المتعلق بالتنمية الوطنية.

وتلفت سهير إلى أن التأثير الثقافي على نطاق الانتماء الوطني يكمل الجهود الوطنية على اختلافها، فالخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ المواطنة “بحريننا” هي مشروع جوهري كبير يلزم أن تشارك فيها كل الفئات؛ لأن الهدف منه هو نماء الوطن ورفعته ونهضته، فإن هناك مضامين ترتبط بتنمية هذا الشعور يطرحها الكتاب والفنانون والأدباء والشرائح المثقفة من أبناء البحرين في نتاجهم الفكري، وبالطبع، نتأمل دائمًا المزيد مما يثري الرؤى ويحقق نتائج مثمرة في هذا المجال.

كل الأطراف.. شركاء فاعلون

ويشير ممثل مجلس الرويعي علي الرويعي إلى أن كل الأنشطة الثقافية والفكرية التي تستهدف فئات المجتمع، هي بمثابة جسور للتلاقي وقنوات تواصل فعال لاسيما على صعيد القضايا الوطنية، وفي الحديث عن الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء وترسيخ قيم المواطنة، فإن من المهم أن يكون للنخب المثقفة دور ملموس في تحقيق المشاركة الإيجابية، إضافة إلى ذلك، فإن تنمية الحس بالمسؤولية الوطنية يتطلب لنجاحه مشاركة كل الأطراف، كشركاء فاعلين، وأود التركيز هنا على أهم شريحة في المجتمع، وهي الشباب والناشئة، فكلما تمكنا من توجيه الرسائل الثقافية والاجتماعية والتربوية لهذه الفئة ضمن مسار الخطة، كلما ارتفع أثر ترسيخ مفاهيم المواطنة، ولاشك أن هذه مسؤولية جميع مؤسسات المجتمع.

ويركز الرويعي على نقطة محورية مهمة، فهناك الكثير من التحديات التي تواجه مختلف المجتمعات، ومنها بالتأكيد ثورة التكنولوجيا ووسائل التواصل الحديثة والإعلام الإلكتروني وموجات لا تتوقف من انتقال الأفكار والثقافات، وأرى أن من الأهمية بمكان أن يتم تحصين الشباب من خلال غرس الوعي الصحيح والاهتمام بإرشادهم وتوعيتهم بالحفاظ على هويتهم الوطنية، وتشجيع مساهمتهم في خدمة وطنهم، ولأن البحرين تمتلك قدرات وطاقات مشرفة من النخب المثقفة، فهناك دائمًا دور مأمول يتماشى ويتناعم مع متطلبات إنجاح كل جهد وطني؛ لتعزيز المواطنة والانتماء ضمن حراك فاعل مستمر، وبالتأكيد، سينجح كل جهد يصب في مصلحة الوطن.

فتح المجال أمام المثقفين للمشاركة ويثني الكاتب والمؤرخ والباحث الاجتماعي وسام السبع على كل جهد من شأنه فتح المجال لمشاركة كل أبناء الوطن فيما يحقق الإسهام وبشكل إيجابي في إعلاء قيم الانتماء الوطني وثقافة الحوار والتعايش والمواطنة، وهذا الدور لا يقتصر على شريحة اجتماعية دون أخرى، فهو يشمل الأسرة التي لها دور في تنمية حب الوطن في قلوب الأبناء، وتمتد هذه المسؤولية إلى المدرسة وكذلك المجتمع، فمؤسساته الأهلية والحكومية – إذا ما أوجدت برامجها وخططها الفاعلة في دعم ونشر هذه القيم – فإن المجال سيكون مفتوحًا بشكل أكبر للنخب المثقفة.

ويضيف: “كما عهدنا، فإن المثقف البحريني، معطاء ومبادر في ساحة خدمة الوطن، وأود الإشارة إلى أن الخطة الوطني لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ المواطنة هي من المبادرات الإستراتيجية التي تأتي في وقت مهم للغاية، فالمتغيرات كثيرة ورياح التغيير تعصف بكل المجتمعات، وكلما عملنا على إحداث أثر طيب على صعيد صيانة الهوية الوطنية، سنتمكن من إحداث الكثير من التغيير الإيجابي”، ونتمنى أن يبادر القائمون على الخطة الوطنية للاستعانة بالكتاب والأدباء والفنانين وكل طاقة بحرينية يمكنها الإسهام بالأفكار المبتكرة، لتتكامل الجهود ونحقق نسبًا مبشرة من النجاح في التنفيذ العملي للخطة.