+A
A-

تعويض العامل المفصول دون اشتراط تضرره

الشركة فصلت العامل المؤقت دون مبرر أو إخطار

قانون العمل لا يشترط تضرر العمل لاستحقاق التعويض

القانون الجديد سلب من قاضي الموضوع سلطة تقدير التعويض

تعويض المفصول محدّد بحكم القانون دون اختلاف بين القضاة

 

أصدرت محكمة التمييز حكمًا جديدا أرست فيه مبدأ مفاده أن التعويض عن إنهاء عقد العمل غير المبرر يكون على أساس مدة خدمة العامل أو المدة المتبقية للعقد وذلك دون بحث أو اشتراط ما إذا كان قد نتج عن هذا الإنهاء ثمة ضرر من عدمه. جاء ذلك في مبدأ حديث لمحكمة التمييز، تنفرد بنشره “البلاد”، وصدر في نوفمبر 2018.

الوقائع

وتتحصل وقائع الدعوى في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها (شركة مقاولات) دعوى قضائية بلائحة قدمت إلى مكتب إدارة الدعوى العمالية للمطالبة بمستحقاته العمالية، ومن بينها التعويض عن الفصل وبدل الإخطار، وذلك استنادا إلى أنه عمل لديها بعقد محدد المدة بسنتين، إلا أنها فصلته من عمله قبل انتهاء العقد بغير مبرر ودون إخطار مسبق، فأقام دعواه، ولعدم حسم النزاع صلحا، أحيل إلى المحكمة الكبرى المدنية، والتي حكمت – ضمن ما قضت به- برفض الطلبين سالفي البيان، فطعن الطاعن على هذا الحكم بطريق التمييز.

وحكمت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص رفضه القضاء للطاعن ببدل الإخطار والتعويض عن إنهاء العقد، حيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل النعي بالسبب الأول منهما مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون حين رفض القضاء له بالتعويض عن الفصل بمقولة أن قرار فصله وإن كان بغير مبرر إلا أنه لم يصبه ثمة ضرر من الفصل لالتحاقه بالعمل لدى شركة أخرى، في حين أن قانون العمل رقم 36 لسنة 2012 لم يشترط لاستحقاقه التعويض عن إنهاء عقد العمل بغير سبب مشروع أن يثبت أن ثمة أضرارا قد لحق بالعامل نتيجة هذا الإنهاء، كما أن العقد الذي عول عليه الحكم في أمر التحاقه بعمل آخر هو مجرد عرض عمل لم يفعل بدلالة الإشارة فيه إلى أنه سيتم توقيع عقد آخر في حال قبول العرض، فلا يكون هذا العرض حجة عليه، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ترضية الإنهاء

وقالت محكمة التمييز في حيثيات حكمها إنه لما كان مسلك المشرع في قانون العمل رقم 23 لسنة 1976 في شأن التعويض المستحق للعامل عن إنهاء العقد بغير مبرر- سواء كان العقد محدد أو غير محدد المدة- هو التعويض عن الضرر الذي يترتب على هذا الإنهاء وفقا لما تنص عليه المادة 108 وما بعدها من القانون سالف الذكر، وبحيث إذا انتفى الضرر، فلا يستحق ثمة تعويض.

وواصل: “إلا أن المشرع سلك نهجا مغايرا في قانون العمل رقم 36 لسنة 2012 ـ والذي تخضع له واقعات النزاع- إذ حدد في المادة (111) منه مقدار التعويض المستحق عن هذا الإنهاء دون أن يشترط للقضاء به تحقق ثمة ضرر، وهو ما يستشف منه أن المشرع أراد في هذا القانون- بخلاف القانون السابق- سلب قاضي الموضوع سلطة تقدير التعويض وما يترتب على ذلك من اختلاف في مقداره من قاضي لآخر ومن ثم، فقد أصبح التعويض عن إنهاء العقد بمثابة ترضية عن الإنهاء غير المبرر، ويكون تقديره قد حدد في القانون على أساس مدة خدمة العامل أو المدة المتبقية للعقد وذلك دون بحث أو اشتراط ما إذا كان قد نتج عن هذا الإنهاء ثمة ضرر من عدمه، فضلا عن أن اشتراط تحقق الضرر ومع حتمية اختلافه من عامل لآخر سواء بالنسبة لنوع الضرر (مادي أو معنوي) أو بمقدار ذلك الضرر سيترتب عليه بالضرورة إما توحيد مقدار التعويض التزاما بما أورده المشرع في المادة (111) سالفة الذكر رغم اختلاف الضرر، وهذا مما يأباه المنطق أو تقدير قاضي الموضوع لمقدار التعويض بحسب ما لحق بالعامل من ضرر ومن ثم يختلف ذلك المقدار من عامل لآخر، وهو ما يخالف غاية المشرع من توحيد مقدار التعويض على النحو الذي سبق بيانه”.

وتابع: “وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر حين خلص إلى أنه وإن كان فصل المطعون ضدها للطاعن بغير مبرر، إلا أنه التحق بعد فصله بخدمة شركة أخرى، مما ينتفى إصابته بثمة أضرار جراء ذلك، الأمر الذى انتهى به إلى رفض طلب الطاعن التعويض عن إنهاء العقد، فإنه يكون معيبا بمخالفة القانون يما يوجب نقضه في هذا الخصوص”.

صيغة عامة

وقالت المحكمة: إن حاصل النعي بالسبب الثاني خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون حين رفض طلبه بدل الإخطار استنادا إلى أن عقد عمله محدد المدة وذلك بالرغم من أن قانون العمل ساوى في هذا الأمر بين العقد المحدد المدة وغير المحدد، الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.

ورأت المحكمة إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 99 من قانون العمل رقم 36 لسنة 2012، والتي أوجبت الإخطار بإنهاء العقد قد وردت في صيغة عامة ومطلقة دون أن تميز في ذلك بين العقد المحدد أو غير محدد المدة، وهو ما يعني انطباق حكمها في الحالتين، لما كان ذلك وكانت المطعون ضدها لم تقدم الدليل على إخطارها الطاعن بإنهاء العقد وعلى النحو الذي حدده القانون، فيستحق الأخير مقابل مهلة الإخطار، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر تأسيسا على عدم استحقاقه هذا التعويض لكون عقد عمله محدد المدة، فإنه يكون معيبا لمخالفة القانون بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.

وذكرت إنه لما تقدم من أسباب، وكان الثابت من كافة أوراق الدعوى أن مدة عمل الطاعن لدى المطعون ضدها بموجب عقد محدد المدة، إلا أن الأخيرة أنهت عمل الطاعن قبل انتهاء المدة ودون إخطار مسبق أو إثبات المبرر لذلك، ومن ثم فإن الطاعن يستحق مقابل مهلة إخطار تقدر بأجر ثلاثين يوما طبقا لنص المادة 99 من القانون سالف الذكر، كما يستحق تعويضا عن إنهاء العقد طبقا لنص المادة 111/ج من ذات القانون يقدر بأجر المدة المتبقية من العقد.

 

تاريخ الحكم

نطقت محكمة التمييز بحكمها الذي تنشره “البلاد” بجلسة 6 نوفمبر 2018.