+A
A-

تضارب آراء العقاريين حول تأثير “السكن الاجتماعي” على أسعار المنازل

المقاولون المستفيد الأكبر من “السكن الاجتماعي” وليس المواطن

عقاريون يدعون “الإسكان” للوضوح بشأن برنامج “مزايا” الجديد

وفرة في عروض المنازل حاليا... ولا مشترين

 

تضاربت آراء عقاريين بشأن تأثير بدء وزارة الإسكان البحرينية توسيع نطاق برنامج السكن الاجتماعي “مزايا”، والذي سيرفع شريحة من سيتمكنون من شراء المنازل الجديدة من أصحاب الطلبات الإسكانية، على مستوى الأسعار في السوق المحلية. ففي حين ذهب البعض إلى أن ذلك سيرفع أسعار العقارات كما حدث عند إطلاق البرنامج قبل عدة أعوام، رأى آخرون إلى أن مستوى الطلب سيزيد، لكن الأسعار ستظل محكومة بسقف قمية الوحدة المحددة في البرنامج بمبلغ 120 ألف دينار وعوامل المنافسة في السوق، بينما أمسك آخرون العصا من المنتصف، مشيرين إلى أنه من الصعب الحكم بتأثير التنقيحات الجديدة خصوصا أن الوزارة لم تعلن عن تفاصيل كاملة فيما يتعلق بمبلغ التمويل، والذي يصل حالياً إلى 81 ألف دينار.

توقعات بتفاوت مبلغ التمويل

وتوقع بعض المراقبين أن تقلص وزارة الإسكان مبلغ التمويل الحالي (81 ألف دينار) لأقل من ذلك، بناءً على راتب صاحب الطلب الإسكاني بمعنى أنه قد يكون هناك تمويل بمبلغ  50 ألف دينار وآخر 60 ألف دينار وهكذا، مما يعني تغيير في الهيكلة القديمة قد يكون أفضل عمليا، إذ يتوقع أن يكون البرنامج أداة لترك تلبية الطلبات الإسكانية وفق معايير السوق، ففي الوقت الراهن يتكبد أزواج 50 % من مدخولهم وأكثر لشراء بيت الأسرة، وهذا قبل سنوات لم يكن موجودا.

وتقول وزارة الإسكان إنها تريد أن تجعل برنامج “مزايا” خدمة أساسية، وإنها تريد أن تكون بالتحول التدريجي من مزود للخدمة الإسكانية إلى منظم لها، مما يغذي المخاوف من أن تقنن الحكومة شيئا، فشيئا دعمها للمنازل وتتحول عملية تلبية الطلبات إلى البنوك ومطوري العقارات.

وسيبدأ بعد نحو 10 أشهر تطبيق برنامج “مزايا” من وزارة الإسكان بحلته الجديدة، إذ سيتم بموجبه تخفيض الحد الأدنى للأجر الشهري للمستفيد من 600 دينار إلى 300 دينار، ورفع السقف الأعلى للأجر من 1200 دينار إلى 1500 دينار، كما تم توسيع دائرة الاستفادة لتشمل خدمات بناء الأراضي، كما سيتم رفع سقف عمر المستفيدين لـ50 عاما مقارنة بـ 35 عاما حاليا.

ويقدم البرنامج الحكومي الذي أطلق في العام 2016 تمويلات مخفضة من البنوك المحلية لأصحاب الطلبات الإسكانية، بمبلغ يبلغ 91 الف دينار يسدد صاحب الطلب 10 % منه، في حين يعطي البرنامج الفرصة لشراء منازل لا تفوق 120 ألف دينار، إلا أن البعض يلجأ للالتفاف على هذا السقف بغية الحصول على منزل الأحلام.

الأسعار سترتفع إذا زادت شريحة المستفيدين

إلى ذلك، قال مدير عام مجموعة “غرناطة” العقارية حسن مشيمع إن أسعار العقارات سترتفع مع زيادة شريحة ممن سيتمكنون من شراء المنازل، وهو ما يعني زيادة مستوى الطلب في السوق المحلية، وفقا لقاعدة السوق زيادة الطلب على العرض ستؤدي لارتفاع الأسعار.

وأشار مشيمع إلى صعوبة التخمين بنسبة الزيادة التي ستعتمد من منطقة لأخرى ومن عقارات إلى أخرى، مستدركا بقوله إن التجربة الماضية بطرح برنامج السكن الاجتماعي أظهرت ارتفاع أسعار العقارات، لافتا إلى أن ذلك سيتكرر هذه المرة مع زيادة شريحة المستفيدين لآلاف.

وقال مشيمع إنه حسب إحصاءات رسمية فإنه قد تقدم للبرنامج نحو 6 آلاف صاحب طلب إسكاني؛ للاستفادة من “مزايا”، وهذا يعني أن آلاف المستفيدين سيدخلون السوق خصوصا من أصحاب الدخل المرتفع نسبيا. وأشاد الخبير العقاري بخطوة الإسكان الهادفة لتقليل قوائم الانتظار للحصول على الخدمات الإسكانية المدعومة من جانب الحكومة والتي تقدر حاليا بنحو 55 ألف مواطن، لكنه أشار إلى أن ذلك يجب أن يترافق مع تحسينات أخرى على البرنامج مثل رفع سقف الشراء لأكثر من 120 ألف، إذ إن السقف لا يتلاءم مع المعدلات الحالية في السوق.

وبيَّن مشيمع أن الأسعار حاليا تحوم حول 125 ألف دينار في المتوسط لسعر الفيلا، ولكن تتفاوت حسب المنطقة ومواصفات العقار. وأضاف مشيمع أن السيطرة على ارتفاع الأسعار، سيتطلب زيادة المعروض، وهو ما يمكن دعمه من جانب الحكومة من خلال تقديم المزيد من التسهيلات للمستثمرين والمطورين خصوصا مع توجه الكثير من الشركات والأفراد في استثمار اموالهم في تطوير وحدات عقارية لبيعها في السوق.

وانتقد مدير مجموعة عقارات غرناطة عدم منح المزيد من التسهيلات للشركات؛ من أجل طرح الأراضي والعقارات في السوق، مشيرا إلى تجربة الشركة في طرح أحد المخططات على شارع البديع بملايين الدنانير، والذي تأخر لقرابة العام بسبب تعنت أحد المسؤولين في وزارة الأشغال في تخليص الإجراءات، مبينا أن زيادة العرض يتطلب المزيد من التسهيلات وسرعة تخليص الإجراءات، على الرغم من أن هناك إجراءات تمت من بعض الجهات مشكورة، لكن لا يزال الكثير من العمل مطلوب في هذا السياق ينبغي إنجازه.

السوق ستنظم نفسها

أما مدير شركة “هاوس مي” العقارية، والتي تقوم بتطوير منازل في السوق المحلية عمار البوسطة، فأشار إلى أن المطورين راغبون في الاستفادة من شريحة أصحاب السكن الاجتماعي، وهم يساهمون  في تحريك السوق، وملتزمون بتوفير وحدات بقيمة لا تتجاوز سقف البرنامج، وهو 120 ألف دينار.

وعلى الرغم من أن البوسطة أقر بأن طرح البرنامج في السوق ساهم في زيادة الأسعار في وقت سابق، لكنه أوضح إلى أن اشتغال مزيد من المطورين والمستثمرين على توفير المنازل في السوق ساهم أيضا في تعديل الأسعار وفق متطلبات البرنامج، وأن المشترين أصبحت أمامهم خيارات متعددة. وأضاف أن شركته مثلا تعرض وحدات سكنية بمساحات أراضي لا تقل عن 200 متر مربع بأسعار تبدأ من 115 ألف دينار في منطقة الهملة. وبخصوص الالتفاف على السعر المقرر في البرنامج، وهو 120 ألف دينار عن طريق بيع الفيلا بسعر أعلى مما هو مبين في الوثائق، قال البوسطة، إنه إذا كانت هناك حالات كذلك، فإنها فردية وقليلة، وأن المطورين ملتزمون بإجراءات واضحة وقانونية. واتفق البوسطة مع مدير مجموعة غرناطة، حين أشار إلى أن الطلب سيرتفع، وأن ذلك سيعني الحاجة إلى مزيد من العرض، وهذا يتطلب تسهيلات أكثر فيما يتعلق بتصنيف وتخطيط الأراضي الجديدة، وتسريع الإجراءات من قبل الجهات المعنية؛ لمساعدة القطاع العقاري في رفع مستوى المعروض.

الأمور ضبابية

أما مدير شركة بوابة دلمون عبدالله علي، فيرى أن الأمور مازالت غير واضحة ويشوبها الكثير من الضبابية، وتساءل هل يكون مبلغ التمويل الـ 91 الف دينار، ويدفع منه صاحب الطلب 10 % هو نفسه يطبق على جميع الطلبات.

واتفق علي مع مشيمع في أن التجربة السابقة أثبت ارتفاع أسعار العقارات بفعل برنامج السكن الاجتماعي أو “مزايا”، لكنه أشار إلى أن الأسعار الجديدة ذهبت بدرجة أكبر للمقاولين وارتفاع أسعار مواد البناء وغيرها، لافتا  إلى أنه ينبغي أن تكون هناك مراقبة للسوق؛ لكي لا يكون هناك ارتفاع في الأسعار. ورغم أن البعض ذهب إلى أن الطلب سيرتفع مقابل العرض، وأن هناك حاجة لزيادة المعروض، يستدرك مدير شركة بوابة دلمون العقارية، فيشير إلى أن مستوى العرض حاليا مرتفع، ولكن هناك قلة في المشترين.

وبين علي أنه على وزارة الأسكان أن تكون واضحة في خططها، وأن تعلن بشكل واضح جميع بنود برنامج “مزايا” الجديد، وأن تكون هناك إجراءات واضحة بالنسبة لمعالجة طلبات التظلم.

السوق يمر بحالة ركود

واتفق مدير عقارات الاتحاد أحمد منصور مع زملائه في أن الأسعار ارتفعت بفعل برنامج السكن الاجتماعي، لكنه أوضح  أن المقاوليين هم من استفاد من هذا الارتفاع بالدرجة الأولى، وليس الوسطاء الذين ينحصر دورهم في تسهيل عمليات البيع والتبادل العقاري. وأشار منصور إلى أن مستويات الاسعار الدنيا للفلل وصلت إلى 130 ألف دينار، لكن الأسعار عموما بدأت تصحح نفسها في السوق مع ضعف المشترين، وأن هناك فللا تعرض حاليا  بمبالغ أقل تصل إلى 115 ألف دينار، وأن تعديلات الأسعار ستكون في صالح السوق العقارية. واعتبر منصور أنه من شأن توسيع برنامج السكن الاجتماعي أن ينعش حركة بيع الفلل خصوصا تلك التي تقام على أراض صغيرة نسبياً، ومن ثم تنتشل السوق من الركود الحالي.