+A
A-

“الاستئناف” ترفض طعنا لـ “النيابة” ضد براءة ممرضة

قضت محكمة الاستئناف العليا الجنائية الأولى برفض استئناف النيابة العامة ضد حكم يقضي ببراءة ممرضة آسيوية الجنسية كانت متهمة بتزوير عقد زواجها من رجل أعمال بحريني، كانت تشرف على تمريضه لمدة تجاوزت 25 عاما، وأيدت الحكم ببراءة المستأنف ضدها (الممرضة) مما نسب إليه.

وتتمثل التفاصيل في أن أحد رجال الأعمال كان قد تعرض إلى حادث في شبابه أدى لإصابته بإصابات عدة توجه بسببها للعلاج في الفلبين، وهناك أخذ معه ممرضة فلبينية الجنسية حتى تشرف على تمريضه في المستشفى ومسكنه، وبعد عودته إلى مملكة البحرين عادت معه إلى البلاد للإشراف على تمريضه في منزله.

وعقب وفاة رجل الأعمال قبل مدة ليست بالكثيرة تفاجأ أبناء أشقائه عندما تقدموا بدعوى حصر تركة عمهم المتوفى بأن ممرضته قد تقدمت بدعوى تطلب فيها ضمها إلى الورثة؛ وذلك باعتبار أنها شريكة حياته وزوجته منذ العام 1995.

ولأن أبناء أشقاء رجل الأعمال المتوفى على علم بأن إصابات عمهم منعته من الزواج طيلة حياته، فلم يتقبلوا فكرة كونه متزوجا لسنوات طويلة ودون علم أي أحد من العائلة طوال أكثر من ربع قرن من الزمن، كما تقدموا ببلاغ جنائي لدى مركز الشرطة ضد الممرضة الفلبينية مدعين أنها تحمل عقد زواج عرفي مزور لتشاركهم في ميراث عمهم.

وبسؤال الممرضة المتهمة بالتزوير حول الواقعة ذكرت أنها تعرفت على زوجها المتوفى أثناء فترة إقامته في الفلبين لتلقيه العلاج إثر الحادث الذي أصابه. وأوضحت أنها تولت عملية متابعة صحة زوجها منذ بداية تسعينات القرن الماضي، كما رافقته أثناء تلقيه للعلاج في بلدها الفلبين، وفيها تم عقد قرانهما عرفيا، ثم عادت لتبقى معه لفترة استمرت حوالي 25 عاما في مملكة البحرين بعد انتهاء علاجه في الفلبين.

وأشارت إلى أنه ولكونها زوجة المتوفى فقد تقدمت إلى أقارب زوجها وطلبت منهم ضمها ضمن ورثته، وأفادت لهم ظروف زواجها به، وبينت لهم أنهما تزوجا في شهر أبريل من العام 1995 في بلدها الفلبين، وقدمت لهم عقد زواج مصدق من وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف في مملكة البحرين، ومؤرخ في العام 2014.

وهنا بدأ الشك يتوارد بخواطر أقارب رجل الأعمال المتوفى، إذ كيف لمن تزوج في العام 1995 أن يصدق عقد زوجه بعد قرابة 20 عاما، خصوصا أن الحادث الذي تعرض له المتوفى تسبب في إعاقته الأمر الذي منعه من الزواج طوال حياته، وما السبب الذي دعاها للانتظار كل هذه المدة.

وبالفعل عندما تمت مراجعة البيانات المسجلة لدى المحكمة الشرعية، اتضح أن العقد موقع من شاهدين اثنين، الأول منهما يبلغ من العمر 26 عاما، والآخر 28 عاما، مما يعني أن وقت حصول العقد كان أكبر الشاهدين لم يتعد عمره 6 سنوات فقط، وخلت المستندات المقدمة للمحكمة من نسخة لجواز سفر المتوفى أو بطاقة هويته، فضلا عن أنه تبين أنها تقدمت للإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة بطلب للحصول على الجنسية البحرينية.

لذا تقدم الورثة بالبلاغ ضد الممرضة طاعنين على هذا العقد المقدم من قبلها، والذي ثبت فعلا حسب رأي خبير التزييف والتزوير بأن المورث لم يوقع على مستندات عقد الزواج المصدق في مملكة البحرين.

فأحالت النيابة العامة الممرضة للمحاكمة بعد أن وجهت لها اتهامات تتمثل في أنها بغضون العام 2015، أولا: اشتركت بطريقي الاتفاق والمساعدة مع موظف وآخر مجهول حسن النية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو شهادة إثبات زواج صادرة من وزارة العدل، مع علمها بتزويرها، بأن قدمت للموظف حسن النية استمارة طلب تصديق على عقد الزواج وسمت المجهولين وشهدا على خلاف الحقيقة بصحة شهادة الزواج، ثانيا: استعملت المحرر الرسمي المزور بتقديمه للورثة، ثالثا: ارتكبت تزويرا في محررين خاصين، وهما شهادة زواج منسوب صدورها للجهات الرسمية في الفلبين، ونسبتهما زورا للمجني عليه، رابعا: استعملت المحررين الخاصين المزورين بأن قدمتهما للمسجل العام بوزارة العدل وإلى الورثة، خامسا: قدمت المحرر المزور للإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة للحصول على الجنسية البحرينية.

لكن محكمة أول درجة، كان لها رأي آخر في ذلك كله، إذ قضت ببراءة المتهمة مما نسب إليها من اتهامات. وذكرت في حيثيات حكمها أن العقد مصدق من قبل سفارة الفلبين بمملكة البحرين، وكون حدوث عبث في تصديقه بمكتب وزارة العدل، إلا أن هذا العبث لا ينفي حدوث الزواج.

وأضافت أن أوراق القضية تنفي توافر القصد الجنائي لدى المتهمة، إذ إن البين من كتاب سفارة الفلبين المؤرخ في 20 يونيو 2016، أنه يوجد عقد صحيح صادر من الجهات الرسمية في الفلبين، وإذا كان هناك ثمة عبث في تصديق هذا الزواج العرفي لصدوره خارج البحرين، فإن ذلك لا ينفي قيام الزوجية، ومن ثم ينتفي تغيير الحقيقة في المحرر.

وتابعت، أن كتاب الإدارة العامة للجنسية والجوازات لم يتناول فترة وجود المجني عليه في الفلبين وحدوث الزواج خلال أبريل 1995، إذ أورد الكتاب تحركاته بدء من أكتوبر لذات العام، وقالت إن الظروف التي أحاطت بالمتهمة تنفي القصد الجنائي ويضحى الاتهام غير قائم على سند من القانون والواقع، فضلا عن أن الواقعة غير معاقب عليها تحت وصف آخر مجرم قانونا.

فطعنت النيابة العامة على هذا الحكم بالاستئناف كونها لم ترتضيه، إلا أن محكمة الاستئناف عادت وأكدت براءة المستأنف ضدها مما نسب إليها، إذ قضت برفض استئناف النيابة العامة وبتأييد الحكم المستأنف.