+A
A-

فهد حسين: روايات المرأة الخليجية كرست صورة الرجل التسلطي

سجل الناقد البحريني الدكتور فهد حسين، حضوراً متميزاً في المشهد الثقافي الخليجي، منذ عكف على دراسة المنجز الروائي وتأثيراته الاجتماعية. بدأ أولاً بدراسة حضور المكان في الرواية البحرينية، حيث وجد أن الروائي البحريني كان منشغلاً أكثر بحمل الهم الاجتماعي وحالة الإنسان عن الثيمات الأخرى. الناقد البحريني عكف كذلك على تتبع صورة المرأة في الرواية النسوية الخليجية الجديدة، وأصدر في هذا السياق عدداً من الأبحاث والدراسات، وكان لافتاً ملاحظته أن الرواية النسوية الخليجية كرست صورة الرجل أنموذجاً للتسلط والهيمنة، ولم تشر إلى البنية الثقافية التي أنتجت الذكوري. هذا جزء من لقاء لحسين من موقع صحيفة الشرق الأوسط اللندنية:

رسالتك للماجستير كانت عن “المكان في الرواية البحرينية”، نعلم أن المكان عموماً هو بيئة النص وملهمه، فما الخصوصية التي يمنحها المكان للرواية البحرينية تحديداً؟

- عن الراوية البحرينية، فلا يخفى على المتابع في المنطقة أن المكان لدينا على الرغم من صغره ومحدودية تنوعه كما هو في مناطق خليجية أخرى كالسعودية وسلطنة عمان، فإن الكاتب البحريني حاول أن يوظف تلك الأمكنة المحدودة لديه من مدن وقرى وسواحل بحرية، لكن كان توظيفها مرتبطاً بالعلاقة الاجتماعية التي كانت تربط الكاتب بالمكان نفسه.

وهذا ما كان واضحاً في سياقات تلك الأمكنة التي جاءت في الروايات التي تناولتها دراستي في الماجستير.

أما لو تعمقنا بعض الشيء حول تلك الخصوصية، فهي تكاد تكون عامة في المنطقة كلها، ربما يحدث تباين طفيف بين مكان وآخر، غير أن الدراسات المعنية بالمكونات السردية والتقنيات على مساحة الوطن العربي كانت منصبة في تناول الشخصية أكثر بكثير من البقية، وإلى الآن الدراسات المعنية بالزمان والمكان قليلة جداً قياساً بالمنجز السردي في المنطقة، وهذا أحد أسباب توجهي لدراسة المكان.

ما دور “الأسطورة” الراسخة في التراث المحلي، في النص الروائي البحريني؟

- علينا هنا أن نحدد مفهوم الأسطورة، حيث لا يدخل اللبس بين الأسطورة والحكاية والفنتازيا، فما يعني بالأسطورة؛ أتصور أن الأعمال البحرينية التي – على الأقل قرأتها – لا تتعاطى مع الأسطورة بسبب عدم وجود الأسطورة في حضارتنا عدا ملحمة جلجامش وكيف وصل إلى المنطقة باحثاً عن زهرة الخلود، وكذلك ما ورد من حكايات عبر الحضارة الديلمونية وتايلوس، لكن كل هذا لم يوظفه الكاتب البحريني في أعماله السردية، حيث كان الهم الاجتماعي وحالة الإنسان هي التي تشغل الروائي، سواء في محاولة كشف زيف المجتمع اجتماعياً أم اقتصاديا، وأثر ذلك على الشخصيات السردية في بعدها النفسي.

قدمتَ دراسة عن “صورة المرأة في الرواية النسوية الخليجية الجديدة”، ما سمات تلك الصورة؟

- في دراستي لصورة المرأة في الرواية النسوية كانت منطلقة من البحث عن دور الروائية الخليجية تجاه نفسها وتجاه المرأة في المنطقة وكيف تستدعي قضاياها وتعالجها من زوايا عدة، في سياق علاقة المرأة بذاتها وذات الآخر، المرأة إن كانت أماً أم أختاً أم بنتاً، والآخر الرجل الأب والزوج والابن والأخ والصديق والحبيب، والآخر “تبئيرها” تجاه المكان والزمان، من خلال هذا تبين لي بعد دراسة أكثر من خمسة وثلاثين عملاً روائياً لروائيات خليجيات، أن هناك نزعة جارفة من قبل المرأة للكتابة الروائية، وإن كان ذلك على حساب القيمة الفنية والجمالية، كذلك الاهتمام بإظهار صور متعددة للمرأة توضح مدى التعامل المجتمعي معها وفق هذه الصور، وصف الرجل باعتباره مصدر السلطة والقوة والغطرسة، إلا أن اللغة التي كتبت بها هذه الأعمال لا تشير إلى لغة خاصة بالمرأة، بل هي لغة عادية يمكن أن يكتبها الرجل والمرأة معاً، ولكن ما لفت الانتباه أن كل الأعمال تؤكد على محاربة العنف والتطرف، وتدعو إلى القيم العليا من الاحترام والتسامح والتعايش الاجتماعي والتواصل الثقافي والتلاقي الحضاري، مع هيمنة المكان على جل هذه الأعمال، سواء أكان المكان في منطقتنا الخليجية أم خارجها (أمكنة عربية وأجنبية).

أنت هنا تعيد ما وصلتَ إليه في دراستك أن صورة الرجل لدى الروائيات الخليجيات عبارة عن أنموذج للتسلط والهيمنة... أليست هذه سمة المجتمع الشرقي عموماً؟

- حينما نناقش وضع الرجل ونظرة المرأة إليه هنا مباشرة سيتجه الحوار إلى رؤية المرأة التي كانت ولا تزال تعاني، لكن لا بد من قراءة فاحصة إلى الرجل الذي هو أيضاً حكم عليه بالتسلط من قبل المجتمع وعاداته وأعرافه، وهذا ما عكسه في حياته اليومية على من حوله بما فيها المرأة، إضافة إلى الوعي الاجتماعي والثقافي الذي يتمثلهما الرجل، فإن كان واعياً ومثقفاً كما أوضحته الروائية الدكتورة بدرية البشر في روايتها “هند والعسكر” في صورة الأب من جهة، وما يحمله من ثقافة، مقابل (منصور) زوج (هند) الذي يمارس دوراً أكثر سلطوية وإجحافاً تجاه المرأة؛ لذلك تكمن الرؤية تجاه الرجل بحسب الزاوية التي تلتقطها الكاتبة لدراسة الشخصية الذكرية.

 أليس من الظلم اعتبارك (في الدراسة) أن المرأة الخليجية اتجهت لكتابة الرواية لتكون فاعلة بذاتها الأنثوية، ومن أجل تحسين صورة المرأة... أين الروح المبدعة؟

- فعلاً، نحن في منطقة الخليج العربي، ونتيجة للمعاناة التي تعانيها المرأة في مناح كثيرة، ومنها الكتابة والنشاط الثقافي، ما لدينا في المجتمع الخليجي من النساء اللاتي يبدعن من الكتابة إلى التمثيل إلى التشكيل إلى الصحافة، إلى الكثير من الجوانب الأخرى، لكن المجتمع يحاصرها حتى في تذييل أسمائهن تحت مقال كتبنه.