العدد 5698
الثلاثاء 21 مايو 2024
“كوكتيل الحياة”
الثلاثاء 21 مايو 2024

إن عملية الاتصال لا تخلو من كونها نشاطا إنسانيا لتبادل المعلومات والبيانات وسط فضاءات ومقومات تشكل واقع العلاقات البشرية، وتحدد وجهة الثقافة التي يسير عليها أي مجتمع، ناهيك طبعًا عن جملة الأساسيات الخاصة ببناء المجتمعات ومتطلبات نهضتها التي ما غفلت عنا يومًا ولله الحمد والمنة، لذلك أنطلق اليوم معكم أعزائي القراء من مشهد يتكرر أمامنا يوميًا، ويستحق أن ندير له بالاً واهتمامًا وتركيزًا .
وفي حديث ذي صلة بالموضوع ذاته، فإننا ندرك أن الإنسان خلال مسيرة حياته معرض للكثير من المواقف التي تشكل أمامه جملة الفرص والتحديات التي تصنع له “كوكتيل حياته” بما فيها من مسرات وأحزان وآلام، تتبادل مواقعها حسب رؤيتنا للحدث ومعايشتنا له، ولكل منا مذاقه الخاص في ترتيبها أو تحديد مقاديره المفضلة من نكهاتها المتعددة، بل نعتادها أكثر بالاستمرار على ذات المقادير لعدة أيام متواصلة. وكما أن الحياة الواقعية تعج بجميع المحطات التي تعطي الإنسان الخبرة الكافية في ترتيب استحقاقات كل حالة يعيشها، والتعبير عنها من خلال ممارسات حياته اليومية، لذلك تتعدد الممارسات كل من مصدره وموقفه، وهذا يتطلب مقدرة خاصة على التعايش مع الحدث، الذي يولد جانب القبول بالآخر، وهو ما يعطي العلاقات بين البشر الأحقية في التحليل والتوجيه. لذلك يعجبني الشخص الذي لا ينكسر ويصنع من انكساراته أدوات يساعد بها نفسه والآخرين، وهذا ما يعطيه قوة في تحديد وجهته، والتي إن اعتادها فلن يرضى بغيرها، إذ تتولد لديه طاقة الإصرار على المواجهة أكثر كلما استطاع النجاة بغيره مما يؤلمهم أو يزعجهم، وهي من وجهة نظري قاعدة سليمة وذكية في نفس الوقت، لأن مساهمتك في النهوض بغيرك أقوى من مساهمتك في نهوض نفسك، فالأول ترى مشهده وتشهده، أما الثاني فلا يمكنك أن تشهده لأنك في واقعه، وهي جزء من استحقاقات الحياة.
*كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .