+A
A-

الكنيسة الإنجيلية الوطنية... صلوات وأدعية وترانيم بـ 12 لغة

لم يكن إعلان مملكة البحرين لتعزيز الحرية الدينية الذي شهدته ولاية لوس أنجلوس قبل أيام، وكذلك الإعلان عن تدشين مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان والتعايش السلمي، إلا تتويجاً لمسيرة البحرين الطويلة في تعزيز القيم الإنسانية واحترام الآخر.

غير أن الدلائل والشواهد على احترام البحرين للتعددية وحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية متواجدة على أرضنا ولعقود طويلة، تجسدها الكنائس والمعابد المنتشرة بين مساجدنا وجوامعنا.

تجسيداً لمبدأ المعايشة الحقيقة، والذهاب إلى ما هو أبعد من النظر لأسوار المباني، أجرت “البلاد” سلسلة من التقارير المصورة من داخل دور العبادة الخاصة بالأقليات الدينية في البحرين، فتحدثت إلى القائمين على هذه المؤسسات، ومجموعة من زائريها والمستفيدين منها، وستخصص “البلاد” حلقة لكل دار عبادة خاص بالأقليات غير المسلمة بالبحرين في عدد يوم السبت.

الانطلاقة

وجاءت انطلاقة سلسلة زياراتنا الإعلامية من الكنيسة الإنجيلية الوطنية التي تعد الكنيسة الأكثر قدماً على أرض المملكة، حيث كانت تسمى “كنيسة المسيح” في السابق.

المحطة الأولى لزيارتنا كانت بداخل قاعة تتضمن كراسي خشبية متصلة، وتنتهي بشاشة عرض، ومنصة للتحدث، تشكل ما يُعتبر الجزء الأهم في الكنيسة، وهو مكان إقامة الصلوات والدعاء والترانيم.

وأوضح القسيس هاني عزيز أن الكنيسة الإنجيلية مفتوحة اليوم أمام 30  جماعة دينية من كل الأطياف والمذاهب المسيحية، ولم تعد مقصورة على الطائفة الإنجيلية.

فلل وكنائس

وأردف: فتحنا المبنى أمام الجميع، ودعونا الكنائس التي كانت تقيم صلواتها في فلل، وتشكل عبئاً على الجيران لضيق مساحة الشارع ومحدودية المواقف، وجرى الاتفاق معهم على استخدام مبنانا.

وبحسب القسيس عزيز، فإن الصلوات والمراسم الدينية تقام بـ 12 لغة، ويستفيد من مبنى الكنيسة قرابة 5 آلاف شخص أسبوعياً.

واستطرد: نعاني ضيق المواقف، والوصول إلى الكنيسة بات صعبا؛ بسبب الازدحام والحركة المرورية في المنامة، ولذا فأنا أدعو الرب للحصول على أرض خارج المنامة.

مواطنون صالحون

وخلال جولتنا في مرافق الكنيسة، مرت “البلاد” في قاعدة خصصت للتدريب على الموسيقى، ومحل آخر لبيع “الكتاب المقدس” وتحف وإكسسوارات منزلية برموز مسيحية.

وتعقيباً، تحدث القسيس عزيز عن الدور الذي تلعبه الكنيسة في المجتمع، قائلاً: أدعو “شعب الكنيسة” دائماً لأن يكونوا مواطنين ومغتربين صالحين، وأن يكونوا أمناء لهذا البلد بما وفره لنا من خدمات وأمن وأمان.

وأضاف: لسنا هنا للتبشير أو التنصير، بل لخلق “وعي روحي”، والمسيحيون يسعون لرفع اسم البلد، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين.

مدرسة الرجاء

وفي الشأن ذاته، عبر القسيس هاني عن فخره بما لعبته المدرسة التابعة للكنيسة، وتحمل اسم مدرسة الرجاء اليوم في البحرين.

وقال: تعود ملكية مدرسة الرجاء إلى الكنيسة لغاية الآن، وهي من أوائل المدارس النظامية في البحرين، وخَرجت العديد من الكفاءات والمسؤولين البحرينيين الذين يمسكون بزمام قطاعات.

وأِشار إلى ما تلعبه الكنيسة الإنجيلية من أدوار في تعزيز أجواء التسامح الديني والثقافي على أرض المملكة، وهذا ما أدى إلى تأسيس منظمات فاعلة كالجمعية البحرينية للتسامح بين الأديان، وجمعية البيارق البيضاء. نحن أعضاء فاعلون في هذه الكيانات.

الطب والتعليم

وبنظرة تاريخية للوقائع، أوضح القسيس هاني أن الكنيسة الإنجيلية قد أُسست في العام 1906 عن طريق مجموعة من الأميركيين القادمين للبحرين، وأن بناءها جاء بعد إنشاء مستشفى الإرسالية الأميركية، والمدرسة التي تحمل اسم “الرجاء” حالياً.

وأردف: كان هنالك احتياج في ذلك الوقت لبناء الكنيسة، فالأطباء والمدرسون الأميركيون العاملون بحاجة لمكان عبادة خاص بهم.

وأضاف: الحياة في البحرين والخليج عموما آنذاك، لم تكن سهلة ومريحة كما هو الحال الآن، وقد بذل هؤلاء الكثير لخدمة البلد، وكانوا مؤمنين برسالة الطب والتعليم.

الأمير الراحل

ولم يغفل القسيس عزيز استحضار المواقف الكريمة لسمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة – رحمه الله- والذي تفضل بمنح الأرض التي تحتضن الكنيسة اليوم.

وبالنسبة لتحول الكنيسة الإنجيلية نحو الصبغة العربية، أشار عزيز إلى أن اللغة الإنجليزية هي التي طغت في البداية بحكم التواجد الأميركي فيها، غير أن الواقع تبدل بعد زيادة الموجات العربية إلى المملكة، وهنا وضعت الكنيسة في عهده أول قس عربي في فترة السبعينات. واستطرد: أنا القسيس العربي الرابع الذي يقود هذه الكنيسة، جئت للبحرين في العام 1999، وأعمل لتعزيز فكرة أن هذه المؤسسة الدينية جزء من المجتمع البحريني، وعلينا أن نلعب أدواراً إيجابية.

عضو دائم

ورغبة منا في التعرف إلى الكنيسة عن قرب، تحدثت “البلاد” إلى أحد روادها وزوارها الدائمين، وهو تيمي غبريال (مصري الجنسية، 34 عاماً)، والذي أشار إلى راحة كبيرة لمساحة الحريات المرتبطة بالمعتقد لمتوافرة في مملكة البحرين.

وأفاد: قبل قدومي مملكة البحرين، كنت أعيش في دولة الإمارات، وأزور البحرين مرتين أو 3 مرات في العام، وهنا بدأت علاقتي بالكنيسة “أي قبل الانتقال للإقامة هنا”.

وأردف: أنا مسيحي وأنتمي للطائفة الإنجيلية، وعضو منتظم في الكنيسة منذ فبراير 2011، وأزورها ما لا يقل عن مرة واحدة في الأسبوع.

الأصدقاء

وزاد: بالنسبة لي، الكنيسة ليست مكاناً للصلاة والدعاء فقط، بل هنا أقابل أصدقائي، ونمارس معاً عدداً من الأنشطة.

وتابع قائلاً: بعيداً عن مجتمع الكنيسة، لم أشعر بأي عنصرية أو تعصب اتجاهي كمصري مسيحي، يعلمون بأني غير مسلم، فيحرصون على منحي حرية أكبر.. الشعب البحريني منفتح جداً، ولديه قبول للآخر، وهذا يشعرني بـ “سلام داخلي” وسط هذا الترحاب.