+A
A-

تزوج على زوجته وهرب فألزمته المحكمة بالنفقة ومبلغ للأولاد

قالت المحامية ابتسام الصبّاغ أن المحكمة الصغرى الشرعية الجعفرية الثانية (المستعجلة)، حكمت وفق قانون الأسرة الموحد الجديد، بإلزام زوج، يعمل مساعد مدير لإحدى الشركات وراتبه يصل إلى 1200 دينار، كان قد هجر موكلتها وتزوج من ثانية، بأن يدفع لها الحقوق الشرعية لها وأبناءها في النفقة والمأكل والملبس، وأجرة الحضانة.

404 دنانير

كما ثبتت المحكمة اختيار طفلتي موكلتها لأمهما وحقها بحضانتها، فضلاً عن إلزامه بسداد رسوم الدراسة لأبنائه الثلاثة في إحدى المدارس الخاصة، وبلغت قيمة النفقة الشهرية الملزم بدفعها مبلغًا وقدره 404 دنانير (شهريًا)، بالإضافة إلى دفع مبلغ إجمالي وقدره 1100 دينار (سنويًا) باعتبارها كسوة العيدين للزوجة والأولاد الأربعة، ومستلزمات المدرسة، فضلاً عن أنه ملزم وفقًا للحكم بأن يدفع رسوم دراستهم بمدرسة خاصة، والتي لم تحدد قيمتها في الحكم.

كسوة العيدين

وجاء في منطوق حكم المحكمة المذكورة أنها تلزم الأب المدعى عليها، بتأدية نفقة المأكل والملبس لزوجته بقيمة 100 دينار شهريًا، وكسوة عيدي الفطر والأضحى بمبلغ 50 دينار مرتين في السنة، وأثبتت اختيار ابنتي المدعية والمدعى عليه إلى والدتهما، وإلزام المدعى عليه بنفقة المأكل والملبس لأبنائهما الأربعة بقيمة 200 دينار شهريًا، والتي تقسم بالتساوي فيما بينهم، وتسلم بيد المدعية. وألزمت المحكمة المدعى عليها أيضًا بدفع نفقة كسوة العيدين للأولاد الأربعة بقيمة 200 دينار مرتين في السنة، والتي تسلم بيد المدعية، وألزمته بأن يسدد لأبنائه الثلاثة رسوم المدرسة الخاصة التي يدرسون فيها، إضافةً إلى مستلزمات القرطاسية المدرسية وملابس المدرسة والحقائب والأحذية بمبلغ 300 دينار مرتين في السنة، فضلاً عن رسوم مواصلات المدرسة بمبلغ 112 دينارًا شهريًا بواقع 28 دينارًا لكل واحد من أبنائهما الثلاثة؛ ابتداءً من العام الدراسي المقبل.

أجرة الحضانة

في حين رفضت المحكمة طلب المدعي بإلزام المدعى عليه أن يدفع لها أجرة الخادمة، في حين قبلت إلزامه بسداد أجرة حضانة عن ولدهما الصغير والبالغ من العمر سنتين فقط بقيمة 20 دينارا شهريًا، ورفض أجرة حضانة الأولاد الثلاثة الآخرين لتجاوزهم سن الحضانة. وأوضحت المحامية وكيلة الزوجة أن موكلتها كانت قد أقامت هذه الدعوى بعد أن لاحظت تغيرا في حال زوجها، وكثرة غيابه عن منزل الزوجية، إلى أن سافر إلى مملكة تايلند في نهاية شهر رمضان الماضي، وهناك تزوج عليها بزوجة ثانية وسكن معها، وهجرها كليًا عقب ذلك، وامتنع عن الإنفاق عليها وعلى أبنائه.

الدراسة والمواصلات

وبينت المدعية في لائحة دعواها أنها تزوجت من المدعي عليه، والذي لا زالت على ذمته، منذ العام 2001، ورزقا بأربعة من الأبناء ( ابنتين وولدين)، تتراوح أعمارهم بين 12 عامًا وسنتين، وبعد زواج المدعى عليه من زوجته الثانية تنصل من جميع التزاماته المالية، من رسوم الدراسة والمواصلات، والتي في الأساس تسددها جهة عمله، فضلاً عن أجرة الخادمة. وأضافت أن والد موكلتها حاول إصلاح الأمر وديًا بحيث يعود الزوج إلى منزل الزوجية، وأن زواجه بأخرى ليس سببًا لهجرانه لزوجته المدعية، ناهيك وأن المدعى عليه ميسور الحال ماديًا كونه يعمل في منصب مساعد مدير ويتقاضى راتبًا شهريًا يبلغ مقداره 817 دينارًا عند توقيع عقد العمل، وزاد راتبه حتى فاق 1000 دينار شهريًا في الوقت الحالي، ولديه تأمين صحي من جهة عمله، ويستلم علاوة سكن من جهة عمله، وبونس سنويًا، وبدل سكن من وزارة الإسكان، ويملك سجلاً تجاريًا لبقالة تدرُّ عليه دخلاً جيدًا، بالإضافة إلى امتلاكه أسهمًا في إحدى شركة عقارات ويستلم أرباحًا سنوية بسببها.

وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن الزوجة المدعية طلبت من المحكمة ضم البنتين لوالدتهما بعد تخييرهما، وبإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعية نفقة للمأكل والملبس بقيمة 100 دينار شهريًا، ومثلها نفقة كسوة العيدين مرتين بالسنة، وبأن يؤدي لأبنائه الأربعة مبلغ 400 دينار شهريًا نفقة المأكل والملبس، ومثلها كسوة العيدين مرتين، وبإلزامه بتأدية مصروفات الدراسة والقرطاسية مبلغ 400 دينار مرتين في السنة، بالإضافة إلى المواصلات مبلغ 28 دينار عن كل طفل شهريًا، وبإلزامه أن بسداد رسوم المدرسة الخاصة لأبنائه، وأجرة الحضانة للمدعية بواقع 50 دينارًا شهريًا، ومبلغ 120 دينارا شهريًا أجرة عاملة المنزل.

وأشارت المحامية ابتسام الصبّغ إلى أن موكلتها أكدت أمام المحكمة بأن جميع أبنائها يدرسون في مدارس خاصة عدا ابنها الأخير كونه مازال صغير السن، إذ لا يتجاوز عمره سنتين فقط، مبينةً أن جهة عمل زوج موكلتها هي من تسدد رسوم ومصاريف المدارس الخاصة لأبنائهما، كما أن المدعى عليه استرجع الخادمة.

منزل الزوجية

وأوضحت المحكمة أنه وأثناء نظر الدعوى دفعت وكيلة المدعى عليه في مذكرة بالدفاع بعدم اختصاص المحكمة المستعجلة بنظر الدعوى لعدم توافر شروط الاستعجال، وعدم استحقاق المدعية للنفقة؛ وذلك لعدم تمكينها المدعى عليه رغم استمرارها في منزل الزوجية، فينتفى شرط استحقاقها، مضافًا إلى أن الزوج ملتزم بسداد 160 دينارا أجرة الشقة، و59 دينارًا فواتير الكهرباء، ولديه قروض يصل إجماليها إلى 708 دنانير و783 فلسا شهريًا.

لكن المحكمة ردت على الدفع بعدم توافر شرط الاستعجال بأنه دفع غير صحيح وفي غير محله، كون أجرة الحضانة ورضاعه والمسكن وحق الحضانة وتسليم الصغير أمور مستعجلة بقوة القانون، دون حاجة للتحقق من توافر شروط الاستعجال، حسب ما ورد بالمادة 25 من قانون المرافعات رقم 26 لسنة 1986 والمعدل بالمرسوم رقم 40 لسنة 2005.

ولي الممتنع

وقالت المحكمة إن المقرر قانونًا وفق المادة 49  من القانون رقم 19 لسنة 2017 بإصدار قانون أحكام الأسرة الموحد، على أنه: (تجب نفقة الزوجة على زوجها بالعقد الصحيح ولو كانت مسورة إذا مكّنته من نفسها ولو حكمًا)، ونصت الفقرة (ب) من المادة (54) من ذات القانون الجديد على أنه: (يكون امتناع الزوجة عن الانتقال إلى مسكن الزوجية بعذر إذا كان الزوج غير أمين على نفسها أو عرضها أو مالها، أو لم يدفع معجل مهرها قبل الدخول، أو لم يقم بإعداد مسكن الزوجية) وهو ما مفاده أن النفقة واجبه قانونًا إذا امتنع من تجب عليه النفقة عن الإنفاق جازت مقاضاته، ويلزمه القاضي بدفع النفقة لأنه ولي الممتنع، ويستثنى من ذلك حالة تحقق النشوز المسقط للنفقة، لذلك لا نفقه للزوجة الناشز بالاتفاق، إلا أنه لا يعتبر سببًا لسقوط النفقة الزوجية خروج الزوجة من مسكن الزوجية دون إذن زوجها في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع مما جرى به نص أو حرى به عرف أو قضت به ضرورة. وأفادت المحكمة أن الثابت بأن المدعية زوجةً للمدعي عليه، وقيامها بواجباتها الزوجية نحوه، ولم يثبت نشوزها المسقط لنفقتها الزوجية، وأن الزوج لا ينفق عليها مأكلاً وملبسًا، ولذلك فإنها تستحق نفقة زوجية شاملة.

المأكل والملبس

وذكرت المحكمة أن راتب الأب يبلغ 1200 دينارًا بالإضافة إلى دخله الآخر حيث يستلم علاوة غلاء سكن من جهة عمله، وبونس سنويًا، وبدل سكن من الإسكان وسجلاً تجاريًا، وأسهمًا في إحدى الشركات العقارية، وعليه تكون الدعوى جاءت على سندٍ صحيح من الواقع والشرع والقانون، وترى المحكمة بفرض المأكل والملبس للمدعية بمبلغ 100 دينار، ولنفقة كسوة عيدي الفطر والأضحى بمبلغ 50 دينار مرتين في السنة.

العوز والحاجة

ولفتت إلى أن ابنتا المتخاصمَين واللتان تجاوزتا سن التاسعة من عمرهما قد مثلتا أمام المحكمة واختارتا الانضمام إلى والدتهما.

واستندت المحكمة بشان النفقة إلى نص المادة (62) من القانون رقم (19) لسنة 2017 بشأن إصدار قانون الأسرة الموحد والتي تنص على أن: (نفقة الولد الصغير الذي لا مال له تجب على أبيه حتى تتزوج البنت، وحتى يصل الابن إلى الحد الذي يكتسب فيه أمثاله)، والثابت بأن الأبناء يعيشون مع والدتهم في شقة الزوجية، وصغر سنهم دليل العوز والحاجة، ونظرًا للحالة المادية للأب كما ذكر سالفًا يسمح بفرض نفقة للمأكل والملبس للأولاد الأربعة بقيمة 200 دينار شهريًا تقسّم بينهم بالتساوي، وتسلم بيد المدعية اعتبارًا من تاريخ صدور الحكم، ولكسوة العيدين الفطر والأضحى مبلغ 200 دينار مرتين في السنة.

وتابعت في حكمها، بالقول بأن مصاريف التعليم من العناصر الداخلة في عموم النفقة الواجبة على الأب لأبنائه المستحقين للنفقة، وأن الدراسة من لوازم التربية السليمة المستحقة للأبناء، في حين أن القانون خلا من النص على أجرة حضانة للحاضنة وعليه يتعين الرجوع إلى المشهور في الفقه الجعفري، إذ كان من المقرر عند فقهاء المذهب أن الأم الحاضنة تستحق أجرة حضانة، إلا إذا كانت متبرعة بها، أو وُجِدَ متبرعٌ بحضانة الولد، وأن أجرة الحضانة تكون على المحضون وهو مقابل رعايتها لابن الولي طالما المحضون مازال في سن الحضانة.

حضانة النساء

وبينت المحكمة أن البنتين اللتين ضمتهما لوالدتها المدعية قد تجاوزتا سن الحضانة، وأن الابن مواليد 2009 تجاوز سن حضانة النساء بأكثر من سنتين، لذا ترى عدم استحقاق الزوجة أجرة الحضانة بالنسبة إليهم، وأما بشأن الولد البالغ من العمر سنتين فإنه مازال في حضانتها وتقوم برعايته وكافة شؤونه الحياتية، وعدم وجود متبرع بالحضانة من طرف الأب، مما يتعين الحكم بأجرة حضانة تصل إلى 20 دينارا شهريًا.

ورفضت المحكمة إلزام الزوج بدفع أجرة خادمة والمقدرة بمبلغ 120 دينارًا؛ وذلك لكون حالة الزوج المادية لا تسمح بفرض أجر خادمة لزوجته وأبنائه، وثبت بالدليل الجازم بأن المدعى عليه لديه دخل تجاوز راتبه الشهري البالغ 1200 دينار، إلا أنه قدّم دليلاً على وجود ديون والتزامات، وبالمقابل فإن المدعية ربة منزل ولا تعمل فهي أولى برعاية ابناءها من الخادمة، وليست بحاجة ماسة وضرورية للخادمة. وكما قالت إن حالة المدعى عليه المادية تتسع لفرض مصاريف التعليم، والتي ثبت أن رسومها تسددها جهة عمله، مما يستوجب إلزامه بسداد رسوم المدرسة لأبنائه الثلاثة، ومستلزمات الدراسة من أدوات كتابية ودفاتر وحقائب وملابس والزي المدرسي والأحذية بقيمة 300 دينار تدفع مرتين في السنة، فضلاً عن إلزامه بسداد رسوم المواصلات بمبلغ 28 دينارًا شهريًا لكل واحد منهم، ابتداءً من العام الدراسي 2017 و2018.