في واقعة صادمة تقشعر لها الأبدان، تلقيت مقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت فيه كاميرات المراقبة في أحد المساجد قيام رجل وسيدة بارتكاب فعلٍ مشين داخل دورة مياه المسجد في إحدى الدول العربية، في مشهدٍ يهز الضمير الديني والإنساني، ويتحدى بكل وقاحة حرمة المكان وقدسيته.
شخصيًّا لا أعتبرها مجرد جريمة أخلاقية، بل هي جريمة فاحشة في أقدس الأماكن، واستهانة ببيت من بيوت الله، وتعدٍ صارخ على القيم والمبادئ الدينية التي تنزّه المساجد عن كل دنس وانحراف، فما الذي بقي من حدود الحياء والخوف من الله إذا ما تجرأ الإنسان على ارتكاب الفاحشة في بيت الطهارة والسجود؟
الزنا في ذاته من الكبائر، لكن وقوعه داخل مسجد يضاعف بشاعته، إذ يتحوّل الفعل من معصية شخصية إلى انتهاك عام، يستفز مشاعر المؤمنين، ويهدّد حرمة المجتمع، ويعكس انهيارًا خطيرًا في الضمير الديني. قال الله تعالى: “ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب”، فأين نحن من هذه التقوى حين تُستباح الشعائر في أماكنها؟ وما يثير القلق أكثر أن هذا السلوك الشاذ لم يُكتشف لولا وجود كاميرات المراقبة، ما يؤكد أن غياب الرقابة الذاتية بات واقعًا مريرًا لدى البعض، وأن الخوف من الله تراجع أمام شهوات عابرة واندفاعات منحرفة.
إننا اليوم لا نطالب فقط باستنكار الفعل، بل بمحاسبة جادّة وإنزال أقسى العقوبات على من ارتكبوا هذه الجريمة النكراء، ليكونوا عبرةً لغيرهم، وردعًا لكل من تسوّل له نفسه تلويث بيت الله أو انتهاك القيم العامة. فالتساهل في مثل هذه القضايا يفتح الباب لمزيد من التعديات، ويضعف مكانة المساجد في نفوس الناس.
كما أن هذه الحادثة المؤلمة تفتح الباب أمام مراجعة عميقة، هل اكتفينا بتعليم الطقوس وتركنا جوهر الدين؟ هل غاب دور الأسرة والمجتمع في غرس المبادئ، ليصبح الإنسان بلا وازع ولا حياء؟ وهل أصبح الدين مجرد مظهر خارجي دون سلوك رادع في السر والعلن؟
إن حماية حرمة المساجد مسؤولية جماعية، تبدأ من التربية وتنتهي بالتطبيق الصارم للقانون، وتتطلب من الجميع أفرادًا ومؤسسات أن يقفوا وقفة حازمة تجاه كل من يسيء إلى الدين، لا بالأقوال فقط، بل بالأفعال والتشريعات والرقابة المستمرة.
فالمساجد بيوت الله، والاقتراب منها بسوء هو عدوان على قدسية الإيمان، قبل أن يكون تعديًا على الأعراف أو القوانين.
إن أعداء الإسلام كثيرون، وينتظرون على أحرّ من الجمر الحصول على مثل هذه المعلومات التي تخدمهم للصيد في الماء العكر. صدق أو لا تصدق.
كاتب وإعلامي بحريني