لا تزال قضية توظيف المعلمين البحرينيين تشكّل محورًا للنقاش تحت قبة البرلمان، وقد تجددت مؤخرًا الدعوات النيابية لتوجيه المدارس الخاصة نحو استيعاب الكفاءات البحرينية في قطاع التعليم، وذلك بعد أن أوضحت وزارة التربية والتعليم محدودية قدرتها على استيعاب أعداد إضافية في مدارسها الحكومية.
فقد ناقشت لجنة الخدمات في مجلس الشورى مشروع قانون بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (25) لسنة 1998 بشأن المؤسسات التعليمية والتدريبية الخاصة (المعد بناءً على الاقتراح بقانون المقدم من مجلس النواب). ويهدف مشروع القانون - وفقًا لما جاء في مذكرة هيئة التشريع والرأي القانوني - إلى إعطاء الأولوية لتوظيف البحرينيين الحاصلين على المؤهلات اللازمة لشغل الوظائف التعليمية في القطاع العام، والتي هي في ازدياد، وعدم تمكن وزارة التربية والتعليم من احتوائهم بسبب تفاوت القدرة الاستيعابية للوزارة مع حجم الباحثين عن الوظائف، ما يستلزم إيجاد حل تشريعي لإشراك المؤسسات التعليمية الخاصة لاحتوائهم.
وعلى الرغم من أهمية هذا الاقتراح من حيث المبدأ، إلا أن الحقيقة التي لا يمكن إغفالها هي أن هذا الملف أشبع نقاشًا، وتكرّر طرحه في أكثر من مناسبة، دون أن نرى أثرًا ملموسًا على أرض الواقع. فلدينا بالفعل عدد كبير من البحرينيين المؤهلين تأهيلًا عاليًا في مجال التعليم، سواء من خريجي كلية المعلمين أو حملة الشهادات العليا، لكننا للأسف لا نزال نرى أن الغالبية الساحقة من الوظائف التعليمية في المدارس الخاصة تذهب إلى العمالة الوافدة.
المشكلة لا تكمن في غياب فرص التوظيف فحسب، بل في غياب الإرادة والإرادة الجادة لتطبيق مبدأ “البحريني أولًا” تطبيقًا عمليًّا، وليس مجرد شعار يطرح في التصريحات الرسمية أو البيانات الإعلامية.
كما أن الأمر لا يتعلق بمجال التعليم فقط، بل هو انعكاس لأزمة أعمق تتعلق بارتفاع معدلات البطالة بين المواطنين في مختلف القطاعات، في وقت نرى فيه وفرة في الأيدي العاملة الأجنبية.
نحن لا نطالب بإقصاء الآخر، بل نطالب فقط بإنصاف المواطن. فكيف لمواطنٍ بحريني يحمل شهادة جامعية في التعليم، وربما يمتلك سنوات من الخبرة، أن يبقى بلا وظيفة، بينما يشغل الوافد نفس المنصب في مدرسة خاصة على أرض هذا الوطن؟
المطلوب اليوم هو تدخل حاسم من الجهات المعنية، من وزارات وهيئات رقابية، لوضع معايير واضحة تلزم المدارس الخاصة بتوظيف نسبة محددة من البحرينيين، وربط التراخيص والدعم الحكومي بمدى التزام هذه المدارس بذلك.
إن الحديث عن تنمية بشرية مستدامة لا يستقيم دون تمكين المواطن في سوق العمل، ولا سيما في القطاعات الحيوية كالتعليم، والتي لا تُنقل فيها فقط المعلومات، بل تُنقل القيم والثقافة والهوية والمواطنة. لذا إنه ومن الأولى أن يقوم بهذه المهمة أبناء هذا الوطن.
الموضوع يطول الحديث عنه، ولكن في تصوري يجب وضع حل نهائي ودائم لهذه المسألة التي أصبحت من أهم التحديات التي تواجهها الدولة في سبيل تحقيق أهدافها الوطنية. والله من وراء القصد.
كاتب وإعلامي بحريني