العدد 6062
الثلاثاء 20 مايو 2025
banner
“من نافذة الغرفة” و “روح القانون”.. قاسم مشترك
الثلاثاء 20 مايو 2025

تلقيت دعوة كريمة من سعادة السيد عبدالنبي الشعلة لحضور حفل تدشين كتابه “من نافذة الغرفة”، من تأليف الكاتب المتميّز غسان الشهابي، الذي أقيم في مبنى غرفة تجارة وصناعة البحرين الأسبوع المنصرم، وقد حرصت كثيرا على حضوره.
ففي مشهد يعكس عمق العلاقة بين الثقافة والاقتصاد، وبين الكلمة والصورة، شهد الأسبوع الماضي تدشين مناسبتين بارزتين تزامنتا على نحو لافت، وجمعتا في ثناياهما رموزا وطنية وأقلاما فاعلة تحت سقف التقدير والعطاء.
في “بيت التجار”، جرى تدشين كتاب “من نافذة الغرفة” لرئيس مجلس إدارة صحيفة “البلاد” سعادة الأستاذ عبدالنبي الشعلة، موثِّقا فيه محطات من مسيرة الغرفة التجارية على مدى اثني عشر عاما (1983 إلى 1995)، في عمل توثيقي يفتح نافذة على الذاكرة الاقتصادية لمملكة البحرين، ويبرز الجهود التي بذلها التجار والمؤسسات في دفع عجلة التنمية.
ويعدّ الكتاب توثيقا لتجربة الشعلة الممتدة لأكثر من اثني عشر عاما داخل أروقة الغرفة، منذ انتخابه كأصغر عضو حاز أعلى الأصوات في انتخابات مجلس الإدارة بالعام 1983، حيث استعرض خلاله محطات حاسمة في تاريخ الحركة التجارية البحرينية، وانعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية.
وشاءت الصدف أن يقام في اليوم التالي، في مركز صفية كانو للفنون، حفل تدشين كتابي “روح القانون”، الذي أتى ثمرة لمسيرة كتابة امتدت لعقد كامل من الالتزام والمثابرة، مهدى بكامل ريعه لأطفال مرضى السرطان، من خلال مبادرة “ابتسامة” التابعة لجمعية المستقبل الشبابية، في لفتة إنسانية مؤثرة تعبّر عن جوهر الكلمة حين تقترن بالقيم.


اللافت في الحدثين، إلى جانب تزامنهما، كان حضور معالي السيد علي بن صالح الصالح، رئيس مجلس الشورى، الذي شكّل حضوره دعما رمزيّا ومعنويّا كبيرا للثقافة الوطنية من جهة، وللمبادرات التوثيقية والتنموية من جهة أخرى. فقد عكس وجود معاليه في المناسبتين مدى احتضان الدولة لجهود أبنائها، سواء ممن يسطرون القلم في أعمدة الصحف، أو من يوثقون صفحات مضيئة من الذاكرة المؤسسية.
“البلاد”، الصحيفة التي تجمع بين القلم والتاريخ، بين الرأي والخبر، كانت القاسم المشترك بين المؤلفين. الأول، عبدالنبي الشعلة، رئيس مجلس إدارتها وأحد رموزها البارزين، والثاني كاتب هذه السطور، أحد كتّابها ومن أعمدة صفحتها الأسبوعية. وكأن المناسبة تقول: هذه هي الصحافة الوطنية، حين تكون منبرا للتوثيق، ومساحة للتعبير، وجسرا بين الماضي والحاضر.
تلك المصادفة في التاريخ، وذلك التلاقي بين الشخصيات، لم يكونا مجرد تزامن في الجدول، بل رسالة ضمنية عن تكامل الأدوار: من يسرد التجربة الاقتصادية ويخلّدها، ومن يضيء على روح القانون ويترجمها مقالا وموقفا.
ومن باب المداعبة، وخلال حضوري حفل تدشين كتاب “من نافذة الغرفة”، ذكرت لمعالي رئيس مجلس الشورى أن هذا اليوم يشهد تدشين كتاب “المعلم”، وغدا كتاب “التلميذ”! وكيف لا؟ فسعادة الأستاذ عبدالنبي الشعلة يعد قامة كبيرة معروفة، وتاريخه الإعلامي والتجاري والثقافي والاجتماعي غنيّ ومعروف لدى الجميع.
يحمل كتاب “من نافذة الغرفة” كمّا زاخرا من المعرفة والمعلومات الثرية حول تلك الحقبة الزمنية من الحراك الاقتصادي في المملكة.
أما كاتب هذه السطور، فقد مارس مهنة الكتابة على مدار عشر سنوات، مدفوعا بشغف الطفولة تجاه الكلمة، وهو يعد الكتابة هواية جميلة تغذّي العقل، لاسيما بعد تقاعده من عمله الرسمي في إحدى الشركات الصناعية الكبرى بالمملكة.
وعودة إلى حفل تدشين كتابي “روح القانون”، الذي أقيم الأسبوع الماضي بحضور كريم من معالي السيد علي بن صالح الصالح، رئيس مجلس الشورى، ومشاركة السيدة روان بنت نجيب توفيقي، وزيرة شؤون الشباب، والسيد سمير بن عبد الله ناس، رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين، وعدد من أصحاب السعادة أعضاء مجلسي الشورى والنواب، وأعضاء السلك الدبلوماسي، وكبار الشخصيات والمسؤولين ورجال الأعمال.. فقد اعتبرته عرسا ثقافيّا خاصّا لي ككاتب يدشّن أول كتبه بعد عشر سنوات متواصلة من الكتابة المنتظمة في صحيفتي “البلاد” وGulf Daily News.
وبعيدا عن تفاصيل التنظيم والحضور وفقرات البرنامج، بل وحتى عن الكاتب نفسه، أود الإشارة إلى أن الكلمة الارتجالية التي ألقاها معالي رئيس مجلس الشورى كانت - من وجهة نظري - “ضربة معلم”!
نعم، أقولها بكل أمانة: لقد غطت كلماته على كل شيء في الحفل. فقد كانت منتقاة، صادقة، ونابعة من القلب.. بل من قلبه الكبير.
إن معاليه ينتمي إلى عائلة الصالح الكريمة، التي تحظى بحب وتقدير القيادة العليا في “البلاد”، وكذلك محبة المواطنين والمقيمين من مختلف الأطياف. وقد عرف عن معاليه صدقه وعفويته وصراحته.
ولأكون صريحا، فإنني لا أعتقد أنه جاملني؛ فأنا مجرد كاتب عادي، ولا تربطني به مصالح شخصية، لكن كلماته كانت فوق ما أستحق، وقد أخجلتني تواضعا، ووضعتها وساما على صدري.
تلك الإشادات الصادقة، وذلك الدعم المعنوي، كانا بمثابة دفعة قوية للمضي قدما في مسيرتي بالكتابة والإبداع، من أجل خدمة الوطن والمجتمع البحريني. ولا يسعني هنا إلا أن أرفع لمعاليه القبعة عاليا شكرا وتقديرا.

الخلاصة
في غضون يومين، احتفلنا بكتابين، وبرجلين من رجال الكلمة، وبرعاية من قامة وطنية كمعالي رئيس مجلس الشورى. فهنيئا للبحرين هذه اللحظة التي جمعت الفكر بالتاريخ، والذاكرة بالقيم.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية