العدد 6058
الجمعة 16 مايو 2025
banner
مقابلة واحدة.. لا تكفي!
الجمعة 16 مايو 2025

فكرت كثيرًا قبل أن أضع لهذه السطور موقعًا من الإعراب تحت شمس “المضاف والمضاف إليه”، فكرت طويلًا أن أسمّي الأشياء بأسمائها، وأن أضع علامات الاستفهام أمام الأسئلة الملحة، وإشارات التعجب خلف الحصان الذي لم يستطع قيادة العربة بنجاح، فكرت التأجيل والتأويل للمواقف وليس التبجيل أو التهليل لأشخاص، أخيرًا اهتديت إلى مخاطبة وزير الإعلام سعادة الدكتور رمزان النعيمي، ليس بصفته المهنية كمسؤول أول عن قطاع، وليس لكونه واثق الخطوة، مدركًا لحقائقنا الإعلامية مترامية المرامي ومتعددة الأطراف، إنما كونه مواطنًا مؤمنًا بالإبداع، مخلصًا للابتكار، ومسؤولًا يرى في طاقات وعلوم المستقبل فرصة ذهبية لوضع مملكة البحرين في مكانها الطبيعي الطليعي الذي يحفز على الابتكار، ويجعل من وطن الخلود وطنًا لكل العباقرة والعلماء والمبدعين.

إن مبادرة مسابقة المحتوى الإبداعي التي أطلقتها وزارة شؤون الإعلام منذ العام 2024، مع احتمال توسعة مداها لتشمل أجيالًا شابة وأخرى لها صولات وجولات في معامل الخبرة ومعترك الحياة، قد تضفي على هذه المسابقة روحًا من المنافسة القائمة على التراكم التاريخي، والتراتبية الإبداعية التي تعتمد البناء على المراحل وليس حرقها، والإضافة للمضاف إليه وليس حذف المحذوف منه. في نفس الاتجاه جاءت جائزة المواهب الإبداعية ضمن ما يُسمى بـ “مبادرات مختبر المبدعين”، ما يؤكد حرص الوزير الشاب ويترجم ما يبذله من جهود “صامتة” لاكتشاف المواهب الإعلامية الشابة بالتعاون مع قناة البحرين الرياضية.

وهو ما يفتح آفاقًا جديدة أمام الكفاءات الوطنية الشابة وتمكينها من صقل مهاراتها وإبراز طاقاتها وتشجيعها على الإبداع ليس في مجال الإعلام الفضائي الرياضي فحسب، إنما في بقية الأنشطة الإعلامية التي ما زالت تحتاج إلى الدعم والرعاية والفرز الدقيق بين ما هو ممكن وما هو متاح على الأرض.

ولحسن الطالع أنه رغم التقائي بل واتفاقي شبه المطلق مع سعادة الوزير حول رؤيته للإبداع والمبدعين، ورغم ارتباطي الوثيق مع كل ما يطرحه من مبادرات ربما تكون الأولى في تاريخ هذه الوزارة العريقة، إلا أنني لم ألتقه سوى مرة واحدة “على الواقف” خلال القمة العربية الأخيرة في البحرين، بالتحديد في بهو المركز الصحافي الدولي بفندق راديسون ساس، عندما دار حديث سريع بيننا حول إمكانية الالتقاء بسعادته، وطرح العديد من المبادرات الخاصة بالصحافة والصحافيين في مملكتنا الحبيبة.

ورغم أنها المرة الأولى التي يلتقينا الوزير القدير، إلا أن الرؤية الشاملة له حول ملء الفراغ الذي يعاني منه المبدع في بلادنا، وسد الذرائع التي تلح على هذا المبدع لتؤرق مخادعه، وتشكك في قناعاته، يا ترى يا هل ترى.. هل أنا حقًا مبدع؟ هل أستطيع الإضافة لوطني ومجتمعي وجيلي الذي يعاني الأمرين من التجاهل والإحباط؟ فإذا بي أجد الوزير الشاب وهو يجيب على جميع الأسئلة الصعبة بهذه المبادرات الخلاقة، وتلك الروح العامرة بالإيمان، بأن بلادنا لديها من المبدعين ما يجب رفع الغطاء عنهم، ولديها من المهنيين القادرين ما يسد الفراغ الوهمي الذي يحاول البعض تسويقه بحق كفاءاتنا الوطنية، ومواهبنا البحرينية الشابة.

التقيت الدكتور رمزان بن عبدالله النعيمي مرة واحدة وتمنيت أن تتكرر تحت سقف مبادراته الخلاقة، وأفكاره السباقة، وأدائه الإعلامي الذي يحمل هموم المثقفين والمبدعين إلى جانب طموحات الصحافيين والإعلاميين، وهؤلاء المتابعين لأداء جيل كامل ينتظر من يربت على كتفه بالفرص المستحقة، ويبادر من أجله حتى تتحقق أحلامنا فيه، وأحلامه في وطنه.

*كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .