في مجتمعاتنا، يميل الناس إلى قول “نعم” أكثر من “لا”، سواء بدافع الإحساس بالمسؤولية أو الرغبة في نيل رضا الآخرين، على سبيل المثال قد تجد نفسك توافق على إعطاء قرض لصديق حتى إن كان ذلك يضغط على مواردك المالية، أو قد تقبل بمهمة إضافية لمديرك رغم وجود التزامات عائلية. هذا النمط السلوكي ينشأ من الاعتقاد بأن رفض الطلبات قد يفسر على أنه قسوة أو عدم تعاون، نحن مبرمجون اجتماعياًّ لنكون محبوبين ومقبولين، وهو ما يدفعنا غالبًا للموافقة دون تردد.
 إن رفض الطلبات لا يعني إفساد العلاقات، بل يمكن القيام بذلك بأسلوب لبق وفعّال، إليك بعض الطرق المستلهمة من كتاب “The Art of Saying No” والتي تساعدك في قول “لا” بطريقة ذكية.
أولًا: استخدام عبارات إيجابية: من خلال استخدام عبارات لطيفة يمكنك توجيه الرفض دون إحداث استياء، وعلى سبيل المثال: (لو كنت أتيت مبكرًا، كنت سأكون أكثر استعدادًا للمساعدة)، (أنا مشغول حاليًّا، ولكن سأكون متاحًا في المرة القادمة)، (بسبب التزاماتي الحالية، لا أستطيع تقديم الاهتمام الكافي لهذه المهمة).

ثانيًا: الاعتذار بحزم: رفض الطلبات بشكل مباشر دون إهانة الطرف الآخر أمر مهم، ولكن حاول أن تكون حازمًا وواضحًا: (آسف، لا أستطيع حضور المناسبات خارج عطلة الأسبوع)، (لقد توقفت عن تناول الوجبات السريعة منذ فترة)، (أنا لا أحضر عملي المكتبي إلى المنزل أبدًا). 
ثالثًا: توضيح الالتزامات: استخدام التزاماتك الشخصية أو المهنية كسبب للرفض يجعل الأمر أكثر تفهمًا، على سبيل المثال: (لا يمكنني تنفيذ طلبك لأنني أعمل على مشروع مهم)، (أعتذر، ولكنني وعدت عائلتي بقضاء الوقت معهم)، (أنا ملتزم بجدول رياضي موصى به من قبل الطبيب).
رابعًا: تقديم حلول بديلة: إذا لم يكن بإمكانك قبول الطلب، يمكنك اقتراح حلول بديلة أو توجيه الشخص إلى من قد يساعده، مثل: (سيكون من الصعب لقاؤك اليوم، لكن ماذا عن يوم غد أو الأسبوع المقبل؟)، (لست متأكدًا إن كنت أستطيع المساعدة، ولكن يمكنني البحث عن شخص آخر يستطيع)، (ليس لدي وقت لإنجاز جميع المهمات، ولكن يمكنني مساعدتك في المهمة الأهم).

لماذا قول “لا” ضروري لرائد الأعمال؟
بالنسبة لرائد الأعمال، القدرة على قول “لا” وبحكمة ودون شعور بالذنب تعتبر مهارة ضرورية، حيث التساهل في الموافقة على جميع الطلبات قد يؤدي إلى إرهاق نفسي ومالي، ما يؤثر سلبًا على نجاح الأعمال ويعرقل تحقيق الأهداف، ولكن كيف لك كشخص أن ترفض الطلبات أو مهمات أسندت إليك بشكل عام وبأسلوب يحفظ العلاقات الشخصية والمهنية؟

كيف تقول “لا” في سياق ريادة الأعمال؟
كرائد أعمال، قد تواجه ضغوطًا من الأقارب أو المعارف الذين يسعون للحصول على خدمات مجانية أو بأسعار أقل، هنا يصبح قول “لا” ضرورة لحماية عملك ومصلحتك الشخصية، ومن المهم أن توضح أن عملك مشروع اقتصادي، وليس جمعية خيرية.
على سبيل المثال، يمكنك قول: (أرجو دفع المبلغ المستحق كما هو مُسعّر).
الرفض بهذه الطريقة ليس قسوة، بل هو وسيلة للحفاظ على حدود واضحة بين العلاقات الشخصية والعملية.

الرفض من أجل النجاح:
إتقان فن الرفض يساعدك في تجنب الإرهاق والتركيز على أولوياتك، فعندما تتعلم كيف تقول “لا” بأسلوب محترف، ستتمكن من تحقيق توازن أفضل بين حياتك الشخصية والعملية، ما يدعم نجاح مشروعك على المدى القصير والبعيد.
الخلاصة: فن الرفض عند رائد الأعمال هو عبارة عن مهارة ضرورية للحفاظ على الوقت والتركيز والموارد، حيث يتطلب الأمر قول “لا” بلباقة دون إغلاق الأبواب أو الإساءة للآخرين، كما يجب أن يكون الرفض مبنيًّا على وضوح الرؤية وتحديد الأولويات بذكاء. إن استخدام التعاطف والتقدير أثناء الرفض يعزّز العلاقات المهنية ويترك انطباعًا إيجابيًّا عند الآخرين. 
في الختام، عزيزي القارئ، وعزيزي رائد الأعمال: إن إتقان فن الرفض بلطف ليس مجرد مهارة، بل هو ضرورة تصب في مصلحة مشروعك، وتمهد طريقك نحو النجاح بثقة واتزان.

أكاديمي بحريني