العدد 6002
الجمعة 21 مارس 2025
صدقت نفسي عندما صدقتك
الجمعة 21 مارس 2025

 صدقت نفسي عندما صدقتك “يالبحرين”، آمنت بك عندما سافرت معك على طريقة “سافرت كتير معاك”، لم تكن رحلتي هذه المرة مرافقًا لفكرة خلاقة أنبتتها قرى البحرين الخالدة، ولم تكن مجرد مشهد وطني خلاق أخرجني من تحفظي وذهب بي إلى خيال المنشدين بحبها، والمشدودين لجمالها.. هذه المرة أخذتني البحرين التي تمنيتها صغيرًا، إلى الفضاء الكوني الواسع، إلى القمر الاصطناعي الذي رفعته الأيادي البحرينية الخالصة، وفكرت فيه قيادة حكيمة وحكومة رشيدة، “سافرت كتير معاك يالبحرين”، لكن هذه المرة لم يكن السفر كبقية السفرات، والرحلة الطويلة لم تعد مجرد أيام معدودة أو سنوات، أو خارج حسابات السنوات الضوئية لمجرات أخرى وأية مجرات. أصبحت يا وطني الأرضي، وطنًا في السماء، ويا خلودي الأبدي، خلودًا في الفضاء، وشغفي الإنساني ولعًا وشوقًا ورجاء.
“صدقت نفسي وصدقتك يالبحرين”، وهكذا أحببتك لأحب نفسي أكثر يا مدني يا زمني يا روحي الطواقة للحب والأمان والأمل الحي المستدام. هكذا خرج عليًّ الخبر شخصيًّا، “المنذر” أول خروج بحريني علمي من الأرض، ليحاكي الكواكب ومجرات السماء، ليكون لنا مكانًا وزمالة مع الدول المتقدمة، رمزًا وإشارة، وعلامة مضيئة للمنطقة بأسرها. وهكذا جاء رجع الصدى، “يا خليج يا واهب اللؤلؤ والمحار والردى، فيرجع الصدى كأنه النشيج.. يا خليج”، ويعود صوت بدر شاكر السياب الشعري منسابًا كشلال، حتى بعد أن ووري الثرى، وبعد أن أصبحت الحياة أكثر حيوية في ذاكرته الحية، وبعد أن صار الشعر جزءًا من مستقبلنا مثلما كان جزءًا مشرقًا من ماضينا.
الذهاب إلى الفضاء حدث لا يمكن له أن يمر مرور الكرام هكذا، من دون كلام، وكأننا نكتب خبرًا والسلام، أو ننقل حدثًا بالكاد التقطناه من بين جموع التصريحات الصحافية التي تأتي إلينا من بين عشرات الجهات والفعاليات التي تكتظ بها أعمال الدولة وأية دولة. تحقق الخبر ورصدناه، ووصل إلينا من السماوات العلى وهو ينشد بالعلم وحده نحن نعانق السماء، وبالعلم وحده نشد الرحال نحو علوم المجد، وتقنيات الفضاء، وبالعلم وحده يمكننا استخدام الذكاء الاصطناعي، بعد أن تركناه ليستخدمنا، و... بالعلم وحده أصبح لدينا مكان متلألئ بين النجوم، موقع ثابت لرصد حركة الكواكب والتنبؤ بالطقس، وقراءة المستقبل الكوني الرهيب.
“صدقتك عندما صدقت نفسي يالبحرين” وأنا على وجه هذه الأرض الطيبة أتلقى علومي من شعبها، من حاراتها، وأسواقها، وفرجانها، من جامعاتها ومعاهدها، من حركة الحياة والنجوم من فوقها، أو مجاري العيون في أعماقها، عين عذاري وأخواتها، “نجم سهيل” ورفقائه “قمر البحرين الصناعي” وذكائه الاصطناعي، ثروة البحرين البشرية وإمكاناتها التي تخطت حدود الأرض الضيقة لتضعه بسلطان إلى آفاق الكواكب الشاهقة، بالعلم وحده صدقت نفسي لأقرأ أكثر فأكثر في علوم الكواكب وكيفية وضع سفن الفضاء وأجهزتها على القمر منذ ارمسترونج، ومن قبله جاجارين الذي أدهشنا بلفاته ودورانه حول الأرض بعيدًا عن جاذبيتها الحالمة.
“وصدقت نفسي” عندما قرأت شعرًا، ومقالًا، وأجريت دراسة عن صالح الأعمال والأحوال، ومارست “صومًا مقبولًا وإفطارًا شهيًّا على موائدك يالبحرين”.
لا لشيء إلا لأنني “صدقت نفسي عندما صدقتك”، وسأظل أصدقك.

كاتب بحريني والمستشار الإعلامي للجامعة الأهلية

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية