العدد 5995
الجمعة 14 مارس 2025
نِقاشاتُ مكةَ وحيوية الأفكار
الجمعة 14 مارس 2025

 الحوارات البينية في المؤتمرات ليست هامشًا، بل هي متنٌ أيضًا، وجزء من مادتها الرئيسة التي تدفع نحو التبصر، خصوصًا عندما يكون المشاركون قد تم اختيارهم بعناية، لتدور رحى الأحاديث التي تمتزج فيها المودة بحكايا الأصدقاء والأفكار المحفزة على الخروج من رتابة المعتاد إلى تحدي إيجاد رؤى غير تقليدية، لقضايا أو مشكلات هي بالأساس تحتاج إلى ذهنٍ متقدٍ يجمعُ عقولَ الآخرين إليه فيزدادُ سعةً.
كنا نقفُ عند باب القاعة قُبيل بدء أعمال “المؤتمر الدولي لبناء الجسور بين المذاهب الإسلامية”، أنا ود. وجيه قانصو ود. محمد الشمري؛ فيما الحديث كجمرة تتقلبُ من كف أحدنا إلى الآخر، عن المصير والخيارات في منطقة الشرق الأوسط، وما إذا كان ما جرى من تغيرات بنيوية ستدفع القيادات الدينية والحزبية نحو إعادة التفكير في الخطاب والأداء، والقيام بمراجعات جادة، تخرجها من مربعها الأول الذي استكانت له؛ ومدى قدرة ما جرى من تبدلاتٍ عملانية – جذرية، على الدفع بقوة نحو استخلاص العبر والمبادرة نحو التغيير قبل فواتِ الأوان! ما هي إلا دقائق وحتى أطل علينا د. رضوان السيد، الذي حمل السؤال المعرفي طيلة عقود، ليشاركنا السؤال تاليًا عن الجادة نحو بناء وعي عربي يتقاطع مع الهوية الإسلامية، مستفيدًا من الحضارة الغربية وما أنتجته من أدوات المعرفة والبحث العلمي، كي يصنع مستقبلًا عربيًّا أفضل.
د. علي النعيمي، الذي طالما كان ناقدًا لخطابات الإسلام السياسي والحزبي، كانت له رؤاه في نقاشات “المؤتمر” داعيًا لإقرار قوانين تجرمُ خطابات الكراهية والتكفير، وحاثًّا على المراجعات النقدية الشجاعة للتراث، وأيضًا بناء خطاب إسلامي حديث يلبي احتياجات العصر. 


المحفوظ بن بيه، هو الآخر كان له نصيب وافرٌ في النقاشات البينية. ففي كل مرة ألقى فيها الشيخ المحفوظ، يحضرُ الحديث الشيقُ عن “الدبلوماسية الدينية”، وبناء الجسور مع النخب الغربية المؤثرة، وتقديم رؤية تجعل الإسلام على تماسٍ مع المشترك الإنساني.
 هي ذي إحدى ميزات المؤتمرات التي تعقدها “رابطة العالم الإسلامي”، فقوتها في حيوية أطروحاتها ونقاشاتها، وأيضًا، إصرارها وصدقيتها في دعوتها للتآزر والتعاون بين المسلمين أجمع.

كاتب وإعلامي سعودي

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .