قبل البدء بالدخول في الموضوع، أشير إلى أن أقدم ما قرأت شخصيًّا عن موضوع البطالة البحرينية والعمالة الأجنبية يعود إلى أكثر من سبعين عامًا، وهو ما تناولته مجلة “صوت البحرين” في النصف الأول من الخمسينيات، والعلل ذاتها تتكرر، والأسباب نفسها تتشابه، وكذلك الأعذار والاعتذار عن تشغيل البحريني من قبل التجار، وهم محقّون، وكذلك تتوافق الردود على حجج التجار من قبل الجهات الأهلية، والعاطلين والنقابيين، وهم محقون كذلك.

فهذا الأمر يشبه كثيرًا موضوعًا لاكته الألسنة، واستفرغته الأقلام كثيرًا، وهو المتعلق بقصص عاملات المنازل، وانقسام الناس إلى قسمين: أضحية هي أم مخطئة بالسليقة، وكلُّ يريد أن يثقل كفة ميزانه بالمزيد من القصص.

كنت أتساءل: لماذا يأتينا العاملون العرب والأجانب ويعملون بشكل هادر لا يهدأ، وكأنهم يواجهون خطرًا وجوديًّا يهددهم: إما العمل وإما الموت دعسًا تحت الأقدام؟! فتوصلت إلى إجابة أولية هي أن التحديات في مجتمعاتهم شديدة الوقع، وتتطلب منهم المزيد من الجدية، والانتباه، واستثمار الفرص، وتقوية مراكزهم المالية والوظيفية، وإلا لن يكون لهم مكان في سوق العمل، وتهمشهم الحياة تبعًا لأوضاعهم الاقتصادية.

ولكن إن التفتّ إلى واقعنا البحريني، رأيت أن التحديات نفسها نواجهها، وصعوبة الحصول على الوظائف اليوم – والتي نراها تمرّ بسلاسة لغير البحريني – هي واقع نعيشه، ومآلات البطالة هي عينها التي تحدث في كل بقاع العالم، ولا ألتفت يمنة ولا يسرة إلا ووجدت أولياء أمور يتحدثون عن يأسهم وتعبهم للحالة النفسية التي يمر بها البنون والبنات وهم عاطلون في بيوتهم ما بين أشهر وسنوات، ويسمعون عن ترحيل عمالة وافدة، ولا تنفتح لأبنائهم الفرص. 

ويسمعون عن مشاريع عملاقة ستوظف آلافًا، ولكنهم ليسوا من بين هؤلاء الآلاف.. التضخم في ازدياد، والحياة في غلاء، والأعداد في تزايد.. أليست هذه تحديات كافية لتجعلهم في سباق حقيقي مع كل من يحاول إقناع أرباب الأعمال بأن الأجنبي هو الخيار الأفضل؟! ما الذي ينقصنا لنتنافس لا لأننا مواطنون، لكن لأننا جديرون بالحصول على الأعمال.. بل أفضل الأعمال؟!

لابد أن هذا الموضوع كان مدار طرح ونقاش ودراسة على مرّ السنوات.. إذًا أين الحلول التي تجعل من المواطن خيار القطاع الخاص؟ وأين تطبيقاتها ونتائجها؟.

كاتب بحريني