العدد 5960
الجمعة 07 فبراير 2025
درب التوظيف بالخوارزميّات
الجمعة 07 فبراير 2025

مجموعة من النُّواب – تحدث باسمهم الدّكتور منير سرور – قدّمت مقترحًا على درجة كبيرة من الأهمية يتمثّل في استخدام الذّكاء الاصطناعي في ترشيح الوظائف للباحثين عن العمل بما يسهّل التّوظيف، ويقلّل التّلاعب، ويوفّر الشّفافية والعدالة بين الباحثين عن وظائف، لأنّ الخوارزميّات لا تعرف أنّ فلانًا “من ربعنا” ولا تعترف بالانتماءات الحزبية، أو الدينية، أو تسأل: “ولد من أنت؟”، بل ستنظر في الأوراق المقدَّمة إليها وحسب، وبذلك تتاح الفرص لمن يستحقّ بحسب طبيعة كلّ وظيفة.

إلى هذا الحدّ فإنّ المقترح المطروح من أفضل ما يكون، وأنّ رمز العدالة المعصوب العينين، الممسك بميزان معتدل الكفّتين، هو ما يطمح إليه النّواب أصحاب الاقتراح، وهو الأمر الذي يتنادى به النّاس منذ عقود منعًا لأيّ انزلاق عاطفيّ طبيعيّ، أو انحراف مبيّت النّيّات في مسألة التّوظيف التي باتت من المسائل الحرجة، والتي قد تنبئ بتبعات سيّئة ما لم يجر الالتفات الجادّ لها. ولكنّ الذّكاء الاصطناعي يعتمد أساسًا على تغذية البشر له، فهو يرى ما يرون، ومن هنا فإنّ عددًا كبيرًا من الشّركات العالمية تقوم بإخضاع عشرات الآلاف من طلبات التّوظيف التي تتدفّق عليها، لبرامج فحص طلبات التّوظيف “ATS” التي قد تقوم خوارزميّاتها باستبعاد واستقطاب المتقدّمين لهذه الوظائف بحسب من قام بتزويدها بالمعلومات المطلوبة، وكيف أثّرت ثقافة المبرمجين في هذا السياق.

فبعد أن تبادل أصحاب برامج ATS الابتسامات والتّهاني بأنهم انتهوا من الشّكاوى القائلة بالتّحيّز؛ فوجئوا بأنّ عليهم العودة مجدّدًا إلى شاشاتهم وإعادة البرمجة مرّات ومرّات حتى لا يظلم البرنامج المتقدّمين، لأنّ المبرمجين لم يكونوا دقيقين في بناء هذا النّظام. 

الذي قد لا يرى أناسًا بسبب العِرق، أو النَّوع، أو الدّيانة، أو بعض الملامح الأخرى للمتقدّمين، بينما تطلب شركات كبرى سِيَرًا ذاتية يطرحها أصحابها على منصّة “لينكدإن”، ولكن برامج فحص الطّلبات تتم برمجتها للوصول إلى معلومات وتفضيلات محدّدة لدى صاحب السّيرة الذّاتية، فإنْ كتبها نال حظّ تسليط الضّوء عليه (وليس التّوظيف)، أمّا الآخرون – وإن كانوا أكفأ ولم يكتبوا ما تقرأه هذه البرامج – فسيكونون في المنطقة المعتمة، ويتساءلون عن سبب عدم توظيفهم على الرّغم من أنّهم أكفأ من آخرين!

لا شكَّ أن النيّات التي انطلق منها النّواب أصحاب الاقتراح كانت حسنة وطيّبة، ولكن هناك طريق طويل جدًّا لتحقيق ما نصبو إليه.

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية