اليوم وبعد كل التطورات التي شهدتها المنطقة، والتي منها تدمير غزة وقتل أكثر من 50 ألفًا من أهلها وجرح ما يزيد عن 100 ألف فلسطيني وفقدان الآلاف وهزيمة “حزب الله” واغتيال أمينه العام ومعظم قادته وتغيير النظام في سوريا وتحييد العراق وإضعاف اليمن، يتبين بوضوح وبما لا يدع مجالًا للشك أن خطوة حماس في السابع من أكتوبر العام الماضي كانت قفزة مجنونة في الهواء. حماس قرّرت أن تقفز من أعلى دون أن تفكر أين ستسقط وكيف وما ستخسره، فقد كان المهم والأهم عندها هو تنفيذ القفزة المتمثلة في اقتحام تلك الأراضي واختطاف مجموعة الإسرائيليين وقتل وجرح آخرين والقول إنها لم تقف مكتوفة الأيدي، إنما واجهت إسرائيل.
اليوم يبدو بوضوح أنها لم تفكر في الخطوة التالية، ولم تعط أي اعتبار لردة فعل إسرائيل وأميركا ودول المنطقة إجمالًا والعالم، ويبدو بوضوح أيضًا أن قادتها عمدوا إلى المجد الشخصي، حيث أبجديات الواقع في غزة والمنطقة تؤكد أن وقت المواجهة مع إسرائيل لم يحن بعد لأسباب عديدة ليس أولها ولا آخرها الفارق في امتلاك القدرات بينها وبين إسرائيل التي أثبتت وتثبت في كل حين أنها الأقوى، وأنها لا تعرف الرحمة، ولا قيمة للعواطف عندها، وأن همها منذ السابع من أكتوبر كان ولا يزال عودة مواطنيها، فهي من أجل تحقيق هذا الهدف قالت بشكل عملي إنه لا يهمها من يموت ومن يبقى من الفلسطينيين بل من كل دول المنطقة، ومن أجله غيرت أهدافها واتجهت نحو السيطرة على غزة ورفح وسوريا وحدود لبنان والسيطرة على الكثير من الأمور في المنطقة، ولا أحد يعرف من سيأتي عليه الدور بعد قليل.

ما فعلته حماس بقفزتها المجنونة هو أنها استثارت الوحش الكامن في إسرائيل، والذي لا تستطيع أن تعيده إلى حيث كان ولا أن توقفه، وبالتأكيد فإنها المسؤولة عن كل الذي جرى ويجري في المنطقة من مآس وهزائم عربية تتتالى.

كاتب بحريني