استضاف استوديو إحدى الصحف المحلية أحد السادة النواب، والذي تحدّث عن اقتراحه الذي قدمه لمجلس النواب بخصوص لبس البشت والثوب من قبل الوزراء والنواب والشوريين والمسؤولين الحكوميين في المناسبات الرسمية وغير الرسمية، وكذلك تشجيع الطلبة على لبس الثوب في المدارس، إضافة إلى لبس الوزيرات “دفة الرأس”. سعادة النائب برّر بأنه في حال تطبيق اقتراحه فإنه سيحافظ على هويتنا البحرينية من الضياع، لا أدري كيف أصنّف هذا الاقتراح الذي أعتبره لا يسمن ولا يغني من جوع، وأستغرب كثيرًا من المبادرات والاقتراحات التي لا تفيد المواطن.
وقد تكون هناك عدة أسباب لمعارضة هذا الاقتراح، إذ يمكن تقسيم هذه المعارضة إلى جوانب ثقافية واجتماعية وعملية، فمن حق الأفراد أن يختاروا ملابسهم بما يعبّر عن شخصياتهم ويمثلهم، سواء أكانوا وزراء أم مسؤولين أم طلابًا، أما فرض زي معيّن فقد يُعتبر انتهاكًا للحرية الشخصية وتقييدًا للتنوع الثقافي، خصوصًا في المجتمعات التي تشمل أفرادًا من خلفيات متعددة. التنوع في الملابس يعكس تنوع المجتمع، وقد يكون إجبار الجميع على ارتداء زي موحد تجاهلًا لهذا التنوع، فالهوية البحرينية ليست مجرد ملبس أو زي، إنما ما يحمله الفرد من فكر وثقافة وولاء ووطنية، فالمهم هو جوهر الإنسان وليس مظهره الخارجي، شخصيًّا أنا مع أتباع الذوق العام (Etiquette) في ارتداء الملابس التي تليق بالمناسبة، لكن هذا لا يعني أن تقيدني بزي واحد لا غير.
كما أن ارتداء بعض الملابس التقليدية قد يكون غير عملي في بعض المواقف، خصوصًا في الأنشطة التي تتطلب حركة أو عملًا ميدانيًّا. كذلك، تشجيع الطلبة على ارتداء الثوب في المدارس قد لا يكون ملائمًا للأنشطة المدرسية التي تتطلب الراحة والقدرة على الحركة مثل الرياضة والفن. فرض زي واحد قد يواجه بمعارضة من قبل أجيال مختلفة، فارتداء البشت والثوب قد يُعتبر تعبيرًا عن الهوية في سياقات معينة، لكن ليس من الضروري فرضه على الجميع.
ناهيك عن أن المدارس تهدف إلى تعليم الطلبة المهارات التي تمكنهم من التفاعل مع العالم الحديث. ففرض زي واحد قد يُنظر إليه على أنه تقييد للانفتاح على العالم الخارجي وقد يقوّض قدرة الطلبة على تبني الأفكار الجديدة أو التعامل مع التطورات العالمية.
الخلاصة... ضرورة الحفاظ على الحرية الشخصية، والتكيف مع العصر الحديث دون فرض قيود قد تعيق التقدم أو تنتهك حقوق الأفراد في اختيار ملابسهم وفقًا لما يناسب ظروفهم وثقافتهم الشخصية.
كما يعتبر الحق في الملبس اللائق أو الحق في الملبس حقًّا أساسيًّا من حقوق الإنسان في مختلف المعاهدات والمواثيق الدولية إلى جانب الحق في الغذاء والحق في المسكن، وهي أجزاء تقع ضمن الحق في مستوى معيشي لائق كما تحدده المادة 11 في الميثاق العالمي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كاتب وإعلامي بحريني