تناولنا في المقال السابق جزءا يسيرا من حقوق المسافر، متمثلة في التعويض الناتج عن تأخير أو إلغاء الرحلات، وبعض من حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنه وكما للمسافر حقوق فإن هناك واجبات عليه أن يلتزم بها، بحسب شروط تذكرة السفر ولوائح الطيران المدني. كثيرا ما يحدثني طواقم تشغيل الرحلات عن المشاكل المصاحبة لحمل المسافرين للحقائب داخل المقصورة، وهي معاناة متكررة، ومتعددة، ومن الممكن تلخيصها في الحجم والوزن والعدد، وتجاوز المسافرين للوزن المحدد في تذكرة السفر (غالبًا تنص سياسات شركات الطيران على أن للمقصورة حقيبة واحدة تزن حوالي 7 كيلوجرامات) وإن تم غض النظر عنه في كثير من الرحلات، إلا أنه يُعدّ تحديًا للشركات المشغلة وطاقم الطائرة، والقائمين على عمليات المناولة في المطار.
ومن القصص الطريفة التي حدثني بها أحد طواقم الطائرة، أن مسافرة مسنة بقيت في الطائرة لوحدها بعد الهبوط وانتهاء الرحلة، منتظرة مساعدة طاقم الرحلة لإنزال حقيبة المقصورة لها، وعندما بادر أحدهم لإنزال الحقيبة، كانت المفاجأة! حيث إن وزنها تجاوز الـ 20 كيلو، بحسب تقديره. يعتقد كثير من المسافرين أن الأمر تجاري بحت، وهو خلاف ذلك إذا أردنا أن نتناول الموضوع بدقة وإنصاف، فما لا يلتفت إليه المسافر في مثل هذه الحالات؛ المخاطر المصاحبة والتي قد تؤثر على سلامة الرحلة، كدقة وزن وتوازن الطائرة، وتزايد الاستهلاك الحقيقي للوقود إذا ما قورن بالوقود المخطط للرحلة، ما يعد فارقا كبيرا، وبالأخص في الطائرات عريضة البدن؛ والتي تُسافر لرحلات طويلة بعيدة المدى، فضلا عن الأذى الذي قد يتعرض له بقية المسافرين نتيجة التزاحم وتأخر الرحلة.
ختاما، وكوننا نتناول موضوع الحقائب والأمتعة، لا ننس التذكير ببعض اللوائح ذات الصلة، إذ إنه يَلْزَم المسافر حال رغبته في طلب التعويض نتيجة احتواء الأمتعة على متعلقات ثمينة أو مرتفعة القيمة، أن يُفصح للناقل الجوي عنها (شركة الطيران أو من يمثلها) وعن قيمتها قبل تسليمها في المطار كأمتعة مسجلة من خلال النماذج المعدة لذلك من قبل الناقل الجوي، ويحتسب التعويض في حال فقدان الحقيبة وفقا للقيمة المُعلنة في نموذج الإفصاح.
وفيما يتعلق بالتعويض عن التضرر أو التلف، قد يعفى الناقل الجوي من تقديم التعويض في حال كان التضرر أو التلف ناتجا عن خلل كامن أو عيب ذاتي في الأمتعة.