بدأت حركة الترجمة في البحرين لأول مرة على يد الأديب الشاعر إبراهيم العريض في ثلاثينات القرن العشرين. وكان لإتقانه لغات أجنبية مختلفة وهي اللغات: الإنجليزية، والفارسية، والأردية، أثرها الكبير في اطلاعه على آداب تلك اللغات.
بدأ الأستاذ إبراهيم العريض نشاطه في مجال الترجمة من الإنجليزية إلى العربية في ثلاثينات القرن العشرين. ففي العام 1937م، عين في شركة النفط القطرية رئيسا لقسم الترجمة بالشركة، وأصبح لفترة مترجما خاصا للشيخ علي بن عبدالله بن قاسم آل ثاني حاكم قطر، حيث رافق الحاكم في زيارته لبريطانيا.
وتأثر العريض برباعيات الشاعر الفارسي عمر الخيام، فقد اطلع على ترجمة رباعيات الخيام من الفارسية إلى الإنجليزية على يد “فيتزجيرالد”، فقرر أن يقوم بنفسه بترجمة رباعيات الخيام إلى العربية، بعد اطلاعه على بعض الترجمات العربية التي وقعت في بعض الأخطاء من وجهة نظره. فقد رأى ألا تذهب الترجمة فتكون خماسيات كما فعل “البستاني” من جهة، و “السباعي” من جهة أخرى، وإنما تكون المعاني مركزة كما هي في الرباعيات. وكان ذلك السبب الرئيس الذي دفع العريض للقيام بترجمة الرباعيات، في وقت بلغت الترجمات لرباعيات الخيام زهاء 35 ترجمة.
وعمل العريض على ترجمة رباعيات الخيام في العامين 1932م و1933م، حيث ترجم مئة رباعية وتركها في الدرج. وعندما أصدر الصحافي البحريني الكبير محمود المردي جريدة الأضواء في العام 1965م، طلب من العريض دعم الجريدة ببعض نتاجه الفكري، فأخذ ينشر على صفحاتها ما ترجمه من رباعيات الخيام، وكان لها صداها الواسع، وتابع قراءتها الكثير من القراء آنذاك.
وصدر أول كتاب مطبوع يضم ترجمة العريض لرباعيات الخيام في العام 1966م، وبعد ثلاثين عاما أعاد طباعته من جديد، وذلك في العام 1996م، بعد مراجعته النسخة الأولى، وأضاف عليها ليبعث فيها روحا جديدة، وأطلق على كتابه الجديد “اللمسات الفنية عند مترجمي الخيام”، فجاء تحفة رائعة من حيث المضمون والإخراج الفني الرائع. كما أصدر في العام 1997م كتابا آخر بعنوان “الخياميات”. وبهذا قدم العريض للقراء صورة تنصف “الخيام” الذي أساء فهمه زملاؤه في العصور الوسطى، وأضاع جوهره مقلدوه.
ومن الجدير ذكره أن محاولات الترجمة أخذت تبرز في البحرين من خلال صحافة خمسينات القرن العشرين. فقد بدأ “علي التاجر”، وهو ضليع في اللغة الإنجليزية، يترجم مقالات من الإنجليزية إلى العربية وينشرها في مجلة “صوت البحرين”.
وذكر الدكتور هلال الشايجي النشاط الذي قام به علي التاجر في مجال الترجمة بقوله: “له عناية خاصة بالترجمة وينشد في أسلوبه الجماليات، ويمتلك أسلوبا رفيعا جعل مجلة (الرسالة) تنشر له في بعض أعدادها. أما موضوعات مقالاته المترجمة فيختارها من كتب الرحلات الإنجليزية عن جزيرة العرب، مما جعلها تتسم بالجدية والتشويق”.