العدد 5805
الخميس 05 سبتمبر 2024
banner
الـ “يَك” والـ “يُوك”
الخميس 05 سبتمبر 2024

عندما انطلقت المظاهرات العارمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل قوى داخلية لإنهاء ملف أسرى المستوطنين لدى فصائل المقاومة في غزة، فرح كثير من الناس المناصرين للفلسطينيين، وأكثروا من الدعاء القائل: “اللهم اضرب الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين”.
إنّ غاية ما يرجوه هذا الفصيل من المناصرين للقضية الفلسطينية أن تؤدي هذه المظاهرات، والتي جاءت مصحوبة بإضرابات، والتي قادها اتحاد نقابات العمال الإسرائيلي (هستدروت)، إلى الإطاحة برئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو.. وما أبسطه و”أسطحه” من طموح، فهذا – إن حدث، ومن المستبعد أن يحدث في هذه الأجواء – لن يعدو انتزاع شعرة واحدة من جسد الخنزير، فلن تقدم ولن تؤخر في الحسابات لبلد يتغذى ناخبوه على مقدار ما يحدثونه من دمار، وما يريقونه من دماء في الجانب الفلسطيني وحده، فحتى مقاومة المظاهرات التي رأيناها لا تعدو إجراءات أمنية مدروسة لا تؤدي إلى ما هو أكثر من شلّ حركة المتظاهرين، وإلقاء القبض على عدد من القيادات والناشطين لبعض الوقت، وليس كسر العظام، والسحل الذي تجريه قواتها الأمنية للفلسطينيين، ناهيك عن إطلاق العنان للمستوطنين المسلحين المسعورين ليقوموا بكل أشكال الاعتداءات والاستفزازات حتى يجدوا مبررات – ليسوا بحاجة لها أساساً – للمزيد من التوحش ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة التي باتت أراضيها تتآكل رغم “صفعة القرن” التي ابتلعت رسمياً من الأراضي الفلسطينية ما ابتلعت!
سيكتب من يأتي بعدنا عن محطات ضيّع فيها العرب فرصاً ذهبية، بدءاً بحرب 1948 حينما انهزمت “جيوش” عربية أمام “عصابات” صهيونية، مروراً – وليس انتهاءً – بما يحدث إلى اليوم في غزة، الذي لم يكن يريد من الدول العربية إلا وقفات سياسية ودبلوماسية قوية وصريحة وناصعة، تغلّب فيها لغة المصالح المشتركة مع دول العالم، ليُحشر الكيان المحتل في “خانة اليَك”.. ولكننا كالعادة ننتظر أن يقوم غيرنا بما علينا القيام به، حتى لو كان هذا الغير نقابات إسرائيلية، لأنّ قوتنا الاقتصادية والسياسية والعسكرية معطّلة فهي في حُكم الـ “يوك”.
*كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية