تمر السنون سراعا، وتطوي الأيام الليالي طيا، ويأتي يوم الانتخابات العالمي، أي يوم انتخابات الرئاسة الأميركية التي يترقبها الناس كل أربع سنين، ولا أدري علامَ الترقب، بدءاً من الحملات الانتخابية، إلى المرور بالولايات المختلفة، والتصاق البعض بشاشات المحطات الإخبارية، ليروا أيرمح الحمار الفيل، أم يربح الفيل سباق الحمير؟! أي الولايات ستصطبغ بالأحمر وأيها بالأزرق، ويدور الجدال العميق والعقيم عن أيام الديمقراطيين من محاسن نسبية ومساوئ كارثية، وعن أبرز فترات حكم الجمهوريين، ويتعارك الديكة لدينا على من لا يعلم بحالهم، ولا يهمه همهم، ولا يلقي بالاً لهم، بل أبناء جلدتنا وعمومتنا النازلون عنده بالكاد ينظر إليهم أو يقيم لهم – أثناء الانتخابات – وزناً، فما به بالنا بعدما يجلس في مكتبه البيضاوي!
هذا الحديث تجدد مؤخراً في المناظرة الأولى بين المرشحين: الرئيس السابق والرئيس الحالي للولايات المتحدة، والتي بينت ضعف الثاني، لم تُنس الناس البديل وأيامه التي فرّ فيها معاونه منه فرار السليم من البعير الأجرب، نظراً لصلافته وتعامله مع شؤون الرئاسة تعامله مع شؤونه الاقتصادية الخاصة.. وإذا كان أقدمهما قد جعلها عزبة لأقربائه يطوفون شرقاً وغرباً ويهندسون العالم، حتى أتى بـ “صفعة القرن” التي تعاملنا معها بما فوق التعاليم المسيحية، فلم ندر لها خدنا الأيسر، بل وكافأنا الصافع بالمزيد من التعاون. والثاني لم تتحرك مؤشراته الإنسانية إلا بعدما راح من أهالي غزة الآلاف تلو الآلاف تحت شمس ضحى شهور تناطح التسعة، وليس لنا من الأمر حيلة إلا أن نعدّ فقط.. نعد الأيام والشهور، وأعداد ضحايا الآلة المجرمة التي لا ترتوي من لحمنا، فهكذا عقيدته العسكرية التي من فرط خشيتها أن تتوقف عن القتل فتفاجأ بضحاياها يخنقونها بدمائهم في الحلم.. وأي تحرك لمؤشر الإنسانية هذا، فقط كمن يوبخ كلبه المدلل بأن يحرمه من نصف وجبة العشاء.
ومع كل هذا الكلام المعتاد موسمياً، إلا أن الجمهور العالمي يتابع هذا السباق الرئاسي لأغراض متعددة، تقف من بينها حسرات عربية لا لفوز من يفوز وخسارة من يخسر، بل للفرجة على سباق سيأتي في النهاية بمن لا يمكننا الاعتماد عليه.
* كاتب بحريني