كيف نقنع الجيل الجديد أن الشهادة العلمية سلاح؟ وأن التحصيل العلمي سيمكنه من تبوء أعلى الوظائف، ويضمن من ورائه حياة كريمة له ولأولاده؟ وهو الذي يرى بأم عينيه أن الطبيب والمهندس والمحامي وغيرها من المهن التي كانت يوماً ذات أجور عالية، أصبحت مهنا لا تحمي أصحابها من القروض، بعد أن أصبح من يمتهنها من متوسطي الدخل، إن لم يكن حامل مؤهلها العلمي عاطلاً عن العمل ويبحث عن وظيفة! ومن لا يملك أية شهادة علمية، ولا ثقافة، ولا أي مؤهل آخر، يعيش حياة رغيدة، يحلم ذوو الشهادات لو يعيشوا نصفها إن لم يكن ربعها!
استعراض الفاشنستات الدخل الشهري العالي المتحصل من وراء السوشال ميديا، دفع الشباب إلى حالة لا نبالغ إن وصفناها بالهستيريا في الاستعراض المخزي والمنحل والهابط في السوشال ميديا؛ بُغية الوصول إلى ما وصلت إليه الفاشنستات من دخول فلكية، وحياة يظنونها وردية! ماذا يعني أن يصل دخل الواحدة منهن 150 ألف دينار شهرياً من وراء الاستعراض في السوشال ميديا فقط؟ دخل يمكنها من شراء منزل كل شهر! في ظل أن هناك من ينتظر ربع قرن من الزمان للحصول على قسيمة منزل يدفع أقساطه بقية عمره؟ يجلس في حوض بلاستيكي ويتقمص دور السمكة، ويسبح في الحوض ويردد: “أنا سمكة أنا سمكة”، فيتابعه عشرات الآلاف ممن “يكبسوا” له، ويترجاهم للحصول على “أسد” افتراضي يجني من ورائه دولارات تحول على حسابه البنكي، من غير شهادة علمية، ولا مقابلة للتوظيف، ولم يضطر للاستيقاظ مبكراً للعمل! وأمام كل هذا “الاستعباط والاستهبال” ذي المردود المالي السهل، كيف يمكننا أن نقنع جيل السوشال ميديا أن شهادتهم العلمية حصن منيع لهم من أهوال الدهر! المصيبة أن وراء مثل هؤلاء آباء يشجعونهم - إن لم يكونوا شركاء لهم في تلك الحسابات - فلم يعد الأب - ولا الأخ - يعترض إن رأى ابنته - أو أخته - ترقص بـ “الروب” في غرفتها، وتطلب من المتابعين اختيار ما ستلبس، طالما وراء ذلك دخل شهري!.
ياسمينة: القيم والأخلاق في انهيار!
*كاتبة بحرينية